حقوق العسكر كرة تتقاذفها وزارتي “الدفاع” والداخليّة”
عقد مجلس القيادة في قوى الأمن الداخلي الفاقد لنصابه اجتماعاً الأسبوع الماضي بناءً على دعوة من المدير العام اللواء عماد عثمان، وأقرّ خلاله ترقيات الضبّاط قبل رفعها إلى وزير الداخلية.
تسلّح عثمان بسابقة حدثت في زمن اللواء إبراهيم بصبوص ومرّت من دون ضجّة، فدعا الضبّاط الأصيلين ومَن يشغلون مواقعهم بالوكالة قبل أيام إلى اجتماع شهد نقاشاً حامياً ورفضاً من قبل ثلاثة من قادة الوحدات بالأصالة (مسيحيين) التوقيع على الترقيات وهم: قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، المفتش العام العقيد فادي صليبا، رئيس الخدمات الاجتماعية العقيد فرنسوا رشوان.
أعلن الثلاثة في الجلسة رفضهم التوقيع، مؤكّدين أنّهم “ليسوا ضدّ الترقية، لكنّهم لن يوقّعوا لأسباب قانونية تتمثّل في كون الوكيل ليس له حقّ التوقيع”. غير أنّ كثيرين يجزمون أنّ النائب جبران باسيل قال كلمته في هذا السياق وتُرجمت من خلال الإيعاز لهم برفض التوقيع.
إنّ مجلس القيادة، الذي يتألّف من عشرة أعضاء برئاسة المدير العام ويبلغ نصاب القرارات فيه 8 من 11، تجاوز لغم “الشغور” الذي تسلّل إلى المؤسسة في 16 حزيران الماضي مع إحالة قائد القوى السيّارة العميد جهاد حويك إلى التقاعد من دون تعيين بديل عنه، ثمّ تقاعد ضبّاط آخرين وتعيين بدلاء عنهم بموجب أوامر فصل كـ “مساعد أول” من دون صدور مراسيمهم بسبب غياب التوافق السياسي على الأسماء.
وكان رئيس الجمهورية السابق ميشال عون رفض توقيع مراسيم أربعة من ضبّاط الشرطة القضائية والمعهد والإدارة المركزية والقوى السيّارة. هكذا حازت ترقيات ضبّاط قوى الأمن على تواقيع ثمانية أعضاء (ستّة بالوكالة وواحد بالأصالة)، إضافة إلى المدير العام.
رفع وزير الداخلية بسام المولوي أمس مرسوم ترقيات ضبّاط قوى الأمن الداخلي والأمن العام إلى رئاسة الحكومة. للمفارقة سنكون أمام نسختين من ترقيات الضبّاط: وزير الداخلية يرفع ترقيات ممهورة بتوقيعه إلى جانب وزير المال ثمّ رئيس الحكومة، ووزير الدفاع موريس سليم الذي سبق أن رفض توقيع مرسوم المساعدات الاجتماعية للعسكر إلا بشرط أن يكون ممهوراً بتوقيع الـ 24 وزيراً سيرفع ترقيات ضبّاط الجيش مع الشرط نفسه. وبين هاتين “الجبهتين”، ستذهب “فرق عملة” التخبّط السياسي وتصفية الحسابات الشخصية ترقياتُ الضبّاط من رتبة عقيد إلى عميد العالقة منذ ثلاث سنوات في كلّ الأسلاك الأمنيّة والعسكرية.
بالتأكيد، يمكن التسليم بأنّ مشهداً كهذا يَصعُب رصده في أكثر الدول تخلّفاً وفوضوية وبؤساً، حين تتحوّل حقوق العسكر إلى كرة تتقاذفها قوى سياسية غير مسؤولة فتصبح ترقية ضابط أو منحه مساعدة مالية مرتبطين بنتائج حراك داخلي يجعل من جبران باسيل فجأة ضيفاً مرحّباً به في دارة ابنة وليد جنبلاط، بعدما سعت ابنة نبيه بري سابقاً لإعداد لقاء بين باسيل ورئيس مجلس النواب، مع رصد لمساعي علاء الخواجة الذي يحاول تقريب المسافات بين باسيل وسليمان فرنجية.
تمتدّ السلسلة إلى ما وراء البحار في رحلة استكشاف الوساطة القطرية والفرنسية ومدى تجاوب الرياض معها وتموضع “الأميركان” حيال الملف اللبناني وصولاً إلى “الملف النووي”. يجب انتظار كلّ ذلك من أجل تأمين وصول “الزيادة” المالية للعسكر وترقية ضابط إلى رتبة أعلى. هذا إذا حُلّت أزمة توقيع المراسيم.
في الأيام الماضية قفز عنصران مستجدّان إلى واجهة الأحداث من دون أن يعكسا بالضرورة حلحلةً لأزمة تجاوزت كلّ الخطوط الحمر:
– الأوّل، استباق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم طلّة السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل بموقف لافِت أضافَ إلى “لائحة مواصفات” الحزب لرئيس الجمهورية أن يكون “مجرَّباً في السياسة”. هذا تعبير مستجدّ في خطابات قيادات الحزب ربطاً بالملف الرئاسي فُهِم منه سريعاً استبعاد الحزب لاسم قائد الجيش جوزف عون.
– الثاني، تهدئة ملحوظة للجبهات السياسية على كلّ “المحاور” تترافق مع حراك بين المقرّات، وفي كلّ الاتجاهات، لم يوصل حتى الآن إلى نتيجة.
– تهدئة ملحوظة للجبهات السياسية على كافة “المحاور” تترافق مع حراك بين المقرّات، وبكافة الاتجاهات، لم يقد حتى الآن إلى نتيجة. حتى لقاء الرئيس بري مع الرئيس ميقاتي في عين التينة أتى ضمن معايدة تسبق سفر الأخير لتمضية عطلة الأعياد خارج لبنان.
هنا تؤكد مصادر “السراي” الحكومي ل”أساس” ميديا أنّ “الرهان كان على وصول ترقيات الضبّاط إلى رئاسة مجلس الوزراء ما كان سيقتضي حكماً انعقاد مجلس الوزراء لإقرارها، لكن هذا الأمر لم يحصل. وتقنياً لم يعد بالإمكان السير بجلسة قبل نهاية العام”. في هذا السياق تفيد معطيات “أساس” أنّه بعد رفض وزير الدفاع توقيع مرسوم المساعدات للعسكر وفق الصيغة المتوافق عليها في جلسة كانون الأول، يبدو الاتجاه قائماً على ما يبدو لحلّ تعمل عليه رئاسة الحكومة وسيتبلور اليوم ما سيمكّن العسكر من قبض قيمة هذه المساعدات.