جي إدغار هوفر.. الرجل الذي تجسس على أميركا

كتب فيصل محمد بن سبت في صحيفة القبس.
خمسون سنة مرت على وفاة جي إدغار هوفر رئيس مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي أي) ومازالت ذكراه وممارساته الاستخباراتية الخارجة على القانون تطارد المكتب ورؤساءه وتثير الرعب في نفوس الأميركيين. تولى هوفر رئاسة الجهاز لما يقرب من 48 عاماً ما بين 1924 و1972 استخدم فيها كل الأساليب البوليسية المسموحة والممنوعة وعلى نطاق واسع لاختراق والسيطرة على الجماعات السياسية المحلية والسياسيين كافة بمن فيهم رؤساء أميركا المنتخبون. الغالبية العظمى من الأميركيين يعتبرون هوفر أقوى شخصية شهدتها الولايات المتحدة منذ تأسيسها على الإطلاق بسبب النفوذ والقوة الهائلة التي منحها له مكتب التحقيقات الفدرالي «إف بي آي» وكان يخشاه الرؤساء الأميركيون الذين عاصروا فترة ولايته يقينا منهم بأنه قد يملك معلومات تؤثر في حياتهم السياسية. تقول التحقيقات إن هوفر جمع معلومات هائلة وأسراراً عن الأعداء ورجال الجريمة وعن الحلفاء على حدٍّ سواء مما مكنه من التلاعب بأي شيء والتحكم في أي شخص، ولم يتمكن أي رئيس أميركي من عزله رغم تجاوزه القوانين التي كان يفترض أن يحترمها ويطبقها. تقول الصحافية إيميلي ميليتس التي أجرت تحقيقاً مطولاً عن هوفر إن الكثير من المؤرخين ينسبون نشأة مصطلح الدولة العميقة إلى هوفر الذي روع الجميع في أميركا ولم يسلم من تجسسه أحد. كان يحتفظ بملفات سرية بنفسه واستخدمها للاحتفاظ بوظيفته لمكتب التحقيقات الفدرالي طوال تلك السنوات وكان قادراً على بث الرعب في الجميع بمن فيهم رؤساء في البيت الأبيض من خلال التلميح بتسريب المعلومات الضارة عنهم. أراد الرئيس ريتشارد نيكسون إقالته من منصبه ولكنه تراجع عن ذلك خوفاً من تداعيات القرار. أما الرئيس جون كيندي فقد كان يطلق عليه لقب «الوغد» طوال فترة حكمه ولم يجرؤ على المساس به.
ترك هوفر قبل وفاته تعليمات صارمة لسكرتيرته الخاصة هيلين جاندي بالتخلص من جميع الملفات السرية حال وفاته ومنع أي فرد من الوصول إليها.
مات جي إدغار هوفر عن عمر 77 عاما بعد أن احتفظ بمنصبه 48 عاماً وخدم في عهد 8 رؤساء و18 مدعياً عاماً للدولة ولم يتمكن أحد منهم من المساس به أو إثارة غضبه.
بعد وفاة هوفر قال عنه القائم بأعمال المدعي العام في ذلك التاريخ لورانس سيلبرمان الذي تمكن من الاطلاع على بعض ملفات هوفر السرية: «لقد كان جي إدغار هوفر مثل بالوعة الصرف الصحي التي تجمع كل القاذورات بداخلها».
ختاماً: كان عندنا في الكويت قديماً مسؤول لم يختلف كثيراً عن جي إدغار هوفر أطلق على نفسه لقب «غطاء البالوعة» لما كان يملك من معلومات هائلة قد يكون البعض منها مثيراً ويسبب الأذى للصغار والكبار خاصة. مات ودفنت معه تلك المعلومات والأسرار.