
حسين زلغوط
خاص-“رأي سياسي”:

في تطوّر سياسي بارز يُرتقب أن يشكّل منعطفًا حاسمًا في مسار الحكومة، يعقد مجلس الوزراء جلسة استثنائية اليوم، وُصفت بأنها “الأكثر حساسية منذ سنوات”، حيث سيُطرح خلالها للمرة الأولى منذ عقود بند يرتبط بشكل مباشر بملف السلاح، وعلى رأسه سلاح “حزب الله”.
وقُبيل انعقاد الجلسة بساعات كانت الاتصالات “شغالة” بقوة بين المقرات الرئاسية الثلاثة وبعض القوى السياسية، بُغية التوصّل الى قرار حول السلاح، ينال مباركة اللبنانيين والمجتمع الدولي من جهة، ولا يستفزّ حزبَ الله من جهة ثانية.
وكما هو معلوم فإن هذه الجلسة تأتي بناءً على طلب عدد من القوى السياسية والكتل الوزارية، وعلى رأسها وزراء ينتمون إلى “القوات اللبنانية” تطالب بحصر السلاح بيد الدولة، ويعتبر هؤلاء أن الوقت قد حان لفتح نقاش وطني جدي حول “الاستراتيجية الدفاعية” التي لم تُطبق منذ طرحها أول مرة عام 2006، عقب حرب تموز.
الضغوط الدولية كذلك تلعب دورًا حاسمًا. فعدّة تقارير دبلوماسية تشير إلى أن الدول الغربية، خصوصًا فرنسا والولايات المتحدة، تربط تقديم أي دعم للبنان بمواقف ملموسة تجاه ملف “حصر السلاح”، و”تعزيز دور الجيش اللبناني كقوة عسكرية وحيدة شرعية”.
في المقابل، يُنتظر بحسب مصادر سياسية أن يتخذ الوزراء الشيعة، وتحديدًا الممثلين لحزب الله وحركة أمل، موقفًا حازمًا من طرح هذا الملف، خارج إطار التوافق الوطني الجامع، محذّرة من “تحويل الحكومة إلى ساحة لتصفية حسابات سياسية”.
وأضافت المصادر أن “السلاح ليس موضوعًا قابلاً للبحث في ظل تصاعد التهديدات الإسرائيلية، واستمرار الانتهاكات الجوية والبحرية”، معتبرة أن “الحديث عن استراتيجية دفاعية يجب أن يتم في إطار طاولة حوار وطني يرعاها رئيس الجمهورية، وليس ضمن جلسة وزارية”.
الجلسة المنتظرة تُهدد بتفجير ألغام سياسية داخل الحكومة نفسها. فبينما تطالب قوى كالقوات اللبنانية، والكتائب، وعدد من المستقلين، بموقف حكومي واضح من السلاح غير الشرعي، يرفض “الثنائي الشيعي” أي مساس بما يصفه “سلاح المقاومة”.
وأمام هذا المشهد المشحون، لا يُستبعد أن يلجأ الوزراء الشيعة إلى خيار الانسحاب من الجلسة أو حتى التهديد بتعليق مشاركتهم في الحكومة، في حال أصرّ الفريق الآخر على فتح الملف من دون تأمين توافق حول الآلية. وقد يؤدي ذلك إلى تعطيل العمل الحكومي مجددًا، ما يضع البلاد أمام شلل سياسي جديد يُضاف إلى أزماتها المالية والاجتماعية.
بالمقابل، تعمل بعض القوى السياسية، وعلى رأسها رئيس الحكومة، على تبريد الأجواء، من خلال الدفع نحو “طرح عام” للملف تحت عنوان “تعزيز دور الدولة” دون التطرق مباشرة لسلاح حزب الله، في محاولة لكسب الوقت واحتواء التصعيد.
من هنا فان المصادر المذكرة تستبعد أن يغامر رئيس الحكومة “بتفجير حكومته”، لكنه “في الوقت نفسه لا يمكنه تجاهل المزاج الداخلي والخارجي المتزايد باتجاه سيادة كاملة”. وبالتالي، فإنه قد يلجأ إلى صيغة وسطية تحفظ ماء الوجه للجميع، عبر تشكيل لجنة وزارية أو طرح بند “الاستراتيجية الدفاعية” دون الدخول في التفاصيل الحساسة.
وانطلاقا مما تقدم فان الجلسة المنتظرة لن تكون عابرة. فهي إما أن تفتح الباب أمام نقاش وطني جدي حول مستقبل الدولة وسلاحها وشرعيتها، أو تؤدي إلى مزيد من الانقسام والتعطيل، وربما انهيار ما تبقى من الثقة في المؤسسات الدستورية. ولذلك إن أي حل لا يُبنى على التفاهم، ولا يراعي خصوصية الواقع اللبناني، سيكون قصير الأمد ومهدّدًا بالانفجار.
وفي ظل هذا المشهد القاتم، يبقى السؤال الأكبر: هل ينجح مجلس الوزراء في الخروج من الجلسة بأقل الأضرار، أم ستتحوّل جلسة السلاح إلى لحظة كسر عظم في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية؟