تهديد تركي بشنّ عملية عسكرية برية ضد «قسد» ومحادثات روسية لتجنب العملية
واصلت القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري، المُوالي لأنقرة، تصعيد هجماتها على مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في شمال وشمال شرقي سوريا، بالتزامن مع محادثات يُجريها وفد روسي في إسطنبول، يتصدرها الوضع في سوريا والتهديد التركي بشنّ عملية عسكرية برية ضد «قسد» في شمال سوريا، إلى جانب جهود موسكو لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق.
وتجري المحادثات، التي تختتم، اليوم الجمعة، بين وفدين؛ تركي برئاسة نائب وزير الخارجية التركي أدات أونال، وروسي برئاسة نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، في إطار المشاورات السياسية بين البلدين.
وأفادت تقارير إعلامية تركية بأن المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، سينضم إلى الوفد الروسي، الجمعة، في اليوم الثاني والأخير من المحادثات التي تركز بشكل أساسي على الملف السوري في ظل تهديد تركيا بشن عملية برية في شمال سوريا، وتقارير بشأن مهلة أعطتها تركيا للجانبين الأميركي والروسي؛ من أجل إبعاد مقاتلي «قسد» – التي يغلب على قوامها وحدات حماية الشعب الكردية، التي تعتبرها تركيا تنظيماً إرهابياً وامتداداً لحزب العمال الكردستاني في سوريا – عن حدودها لمسافة 30 كيلومتراً. وترددت أنباء عن سعي روسيا لإقناع «قسد» بالانسحاب من المناطق الحدودية مع تركيا، وإحلال قوات النظام محلها، من أجل تجنيب المنطقة تصعيداً كبيراً وعملية عسكرية تركية جديدة، وهو المقترح الذي رفضه قائد «قسد» مظلوم عبدي.
وتتهم تركيا كلاً من روسيا والولايات المتحدة بعدم تنفيذ تعهداتهما بموجب مذكرتيْ تفاهم في أكتوبر (تشرين الأول) 2019 لوقف إطلاق النار وإنهاء عملية «نبع السلام» العسكرية، التي استهدفت مواقع «قسد» في شمال شرقي سوريا، حيث حصلت منهما على تعهدات بإبعاد «قسد» لمسافة 30 كيلومتراً في عمق الأراضي السورية.
ووفق مصادر تركية، يناقش الوفدان التركي والسوري أيضاً مسألة التطبيع بين أنقرة والنظام السوري، حيث تسعى موسكو لعقد لقاء بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ورئيس النظام السوري بشار الأسد، وإعادة العلاقات لما كانت عليه في السابق.
وتطالب أنقرة بانسحاب «قسد» من مدن تل رفعت وعين العرب (كوباني) ومنبج شمال سوريا، وحددت مهلة لتحقيق شروطها من أجل تجميد العملية العسكرية البرية التي أعدّت لها للسيطرة على تلك المناطق.
وسيترتب على انسحاب «قسد» من تلك المناطق، ونشر قوات النظام مكانها، تصعيد الاتصالات بين أنقرة ودمشق، إذ لا يمانع إردوغان في لقاء الأسد، بينما لا ترغب دمشق في تحقيق مثل هذا اللقاء قبل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة في تركيا في يونيو (حزيران) المقبل، حتى لا تمنح إردوغان «نصراً مجانياً».
والأسبوع الماضي، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن هدف بلاده هو إبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي «لقسد»، عن الحدود السورية التركية مسافة 30 كيلومتراً، مؤكداً، في الوقت نفسه، أن العملية العسكرية قد تبدأ في أي وقت، وأن القرار سيُتخذ بعد إجراء التقييمات من المراجع المعنية في تركيا
وأكد كالين، في اتصال هاتفي مع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أن «التنظيمات الإرهابية» (حزب العمال الكردستاني، حزب الاتحاد الديمقراطي السوري وذراعه العسكرية وحدات حماية الشعب الكردية)، تشكل تهديداً لأمن تركيا القومي.
وذكر بيان صدر عن مكتب كالين، أمس الخميس، أن هذه التنظيمات استهدفت بعمليات تركية في سوريا والعراق في إطار الحق في الدفاع عن النفس وفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة. وجرى تأكيد أن تركيا عازمة على القضاء على جميع أنواع التهديدات الإرهابية.
ويثير دعم الولايات المتحدة لـ«قسد» بصفته حليفاً وثيقاً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي، غضب تركيا. وترفض واشنطن أي تحرك عسكري تركي جديد في شمال سوريا. وأبلغ رئيس المخابرات الأميركية «سي آي إيه» وليام بيرنز، نظيره التركي هاكان فيدان، في اتصال هاتفي، الأربعاء، أن القصف في شمال سوريا يعرِّض القوات الأميركية للخطر.
بدوره قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، الأربعاء، إن واشنطن لا ترغب في أن تواصل تركيا هجماتها العسكرية في شمال غربي سوريا، رغم أنها تقر بحق أنقرة في الدفاع عن نفسها، مضيفاً «هذه الهجمات ستعرِّض المدنيين لخطر أكبر مما هم عليه بالفعل، وتهدد جنودنا وأفرادنا في سوريا، وكذلك مهمتنا في مكافحة تنظيم داعش».
في غضون ذلك، واصلت القوات التركية هجماتها على مواقع «قسد» وقوات النظام في شمال وشمال شرقي سوريا، وقصفت بالمدفعية الثقيلة قريتي زورمغار وتل شعير في ريف عين العرب (كوباني)، بريف حلب الشرقي، وقرية قرتل في ريف تل أبيض شمال الرقة. وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن القوات التركية قصفت بالمدفعية الثقيلة، أيضاً، قاعدة لقوات النظام في بلدة عين عيسى شمال الرقة، كما طال القصف قرية أبو صرة بريف عين عيسى وقرية كور حسن بريف تل أبيض.
في الوقت نفسه، قصفت القوات التركية محيط قريتي المياسة وزر نعيت بناحية شيراوا في ريف عفرين شمال حلب، مما ألحق أضراراً مادية بممتلكات المواطنين. وقصفت القوات التركية وفصائل الجيش الوطني السوري المُوالية لها المتمركزة ضمن منطقة نبع السلام، بالمدفعية الثقيلة، قريتي الكوزلية والطويلة في ريف تل تمر شمال غربي الحسكة.