كتبت صحيفة “النهار”: إذا كانت “الدولة” اللبنانية ممثلة برئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد #جوزف عون سارعت امس الى اظهار تضامنها الكامل مع قيادة قوة “#اليونيفيل” والوحدة الايرلندية المصدومتين بمقتل جندي ايرلندي وجرح ثلاثة في الحادث المريب والمشبوه الذي حصل في العاقبية قضاء الزهراني، فان إيجابية اللفتة والقيام بواجب التعزية لم يحجبا الغيوم الكثيفة التي تجمعت في افق استحقاق طارئ خطير جديد يواجهه لبنان جراء هذا التطور. ذلك ان محاولات اللملمة واللفلفة والاحتواء الدعائية التي انطلقت بكثافة من الدوائر اللصيقة والقريبة من “حزب الله” وجاراه فيها بعض الجهات السياسية على قاعدة استباق التحقيق الذي يجريه القضاء العسكري والذي يراد له ان يثبت مسبقا قاعدة اعتبار الاعتداء الذي استهدف عمدا كما تدل القرائن الالية الايرلندية بانه “عرضي” و”غير متعمد”، هذه المحاولات رسمت مزيدا من الشكوك حول الحادث ودوافعه وأهدافه وظروفه الملتبسة، ولم تكن عاملا مساعدا اطلاقا على إنجاح محاولات احتواء التداعيات الساخنة للحادث.
وخلافا للأجواء الإعلامية والدعائية التي جرى ترويجها وتوزيعها امس، عكست معطيات أوساط ديبلوماسية معنية بتداعيات هذا التطور مناخات تشدد لدى قيادة اليونيفيل اسوة بالحكومة الايرلندية حيال التركيز على ان ينجز تحقيق شفاف في الحادث وان يكشف مطلق او مطلقو النار على الالية التي قتل سائقها الجندي الايرلندي الشاب باعتبار ان ثمة فيديوات واشرطة مسجلة ووقائع عديدة يمكن عبرها التوصل الى كشف الظروف والذين تورطوا في حادث القتل وتسليمهم الى السلطات المسؤولة. وهذا التشدد كما تشير الأوساط نفسها تبلغه المعنيون الرسميون بوضوح وصراحة بموازاة تاكيدات صارمة للاستمرار في التزام كل المهمات المنوطة باليونيفيل علما ان ثمة حذرا شديدا حيال ما يمكن ان تتخذه #ايرلندا من قرارات اذا تبين ان ثمة شبهة في تمييع التحقيق لان الجندي الايرلندي الضحية هو الجندي ال 48 في تعداد الجنود الايرلنديين الضحايا في جنوب لبنان منذ انخراط ايرلندا في عمليات حفظ السلام في الجنوب منذ عام 1978 ولا يمكن التساهل اطلاقا مع المناخ الساخط الذي أصاب ايرلندا وكذلك الدول الأوروبية وغيرها المشاركة في اليونيفيل وحتى دول كبرى مثل الولايات المتحدة.
وقد لفت قائد قوات اليونيفيل في لبنان آرولدو لازارو الى أن “مقتل الجندي الإيرلندي لم يهزّ التزامنا وسنضاعف جهودنا لإنجاز مهمتنا”. فيما دانت الخارجية الفرنسية، بـ”أشد العبارات الهجوم الذي استهدف آلية تابعة لليونيفيل في بلدة العاقبية جنوب لبنان”. وطالبت الخارجية، بفتح تحقيق عاجل لمحاسبة المسؤولين عن الهجوم. كذلك دانت وزارة الخارجية السعودية الاعتداء وطالبت باجراء تحقيق فوري وشفاف حول ملابسات الهجوم.
وفي محاولات لبنان الرسمي لاحتواء تداعيات الاعتداء، زار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صباحا المقر العام لقيادة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان” اليونيفيل” في بلدة الناقورة، في زيارة تضامن بعد حادث مقتل عنصر من الكتيبة الايرلندية وجرح ثلاثة آخرين في بلدة العاقبية في الجنوب أمس الاول. ووصل ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزف عون معا الى الناقورة، وكان في إستقبالهما القائد العام لـ”اليونيفيل”الجنرال أرولدو لاثارو. وعقد إجتماع تم خلاله البحث في الحادثة وملابساتها والوضع في الجنوب، اضافة إلى شرح حول عمليات اليونيفيل والأنشطة التي تضطلع بها بالتعاون مع الجيش. وخلال الاجتماع قدم الرئيس ميقاتي تعازيه الى قيادة اليونيفيل بالجندي التابع للكتيبة الايرلندية الذي قتل في حادثة العاقبية، وتمنى الشفاء العاجل للجنود الثلاثة الذين اصيبوا في الحادثة ايضا.وتقدّم قائد الجيش من قائد اليونيفيل الجنرال أرولدو لاثارو بأحر التعازي بوفاة الجندي الايرلندي متمنّيا الشفاء للجرحى. وثمّن تضحيات عناصر اليونيفيل الشريك الاستراتيجي للجيش في المحافظة على الأمن والاستقرار في الجنوب، مؤكّدا استمرار التنسيق والتعاون بينهما”.
بالعودة الى المشهد السياسي الداخلي، بدا واضحا ان الضجة التي اثارها انعقاد جلسة ل#مجلس الوزراء قبل أسبوعين أدت الى إعادة تطبيع الوضع الحكومي على قاعدة عقد اجتماعات تشاورية للوزراء وتقييم طبيعة البنود والمواضيع الملحة التي تستلزم عقد جلسات لمجلس الوزراء قبل أي قرار بالدعوة اليها. وفي هذا السياق عقد الرئيس ميقاتي عصر امس في السرايا الحكومية، لقاء تشاوريا مع الوزراء في حكومة تصريف الاعمال حضره ١٩ وزيراً وغاب عنه كل من وزير المال يوسف خليل، نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، وزيرة التنمية الادارية نجلا الرياشي ووزير الصحة فراس أبيض.
وخلال الاجتماع طالب وزراء “التيار الوطني الحرّ” باعتماد صيغة المراسيم الجوالة لتسيير أمور اللبنانيين، فيما تم البحث بالآلية التي سيتم اعتمادها لتوقيع هذه المراسيم وإذا كانت تستوجب توقيع كل الوزراء أم الوزراء المعنيين فقط. في المقابل، ولدى طرح مسألة إمكان عقد جلسات طارئة للحكومة، تم الاتفاق على أن هذا الأمر تحدده التطورات وتحديد ماهية هذه الأمور الطارئة التي تستوجب انعقاد الجلسة.
وتم الاتفاق على تشكيل لجنة مؤلفة من الوزراء محمد مرتضى وعباس الحلبي وبسام المولوي وهنري خوري تجتمع اليوم لتحديد المواضيع الضرورية من غير الضرورية منها. وعزي سبب اختيار هؤلاء الوزراء في اللجنة الى أنهم قضاةٌ، ودورهم تحديد جدول أعمال لأي جلسة لمجلس الوزراء قد تعقد لاحقاً في ظلّ تصريف الأعمال وفي حال الضرورة. وافيد بأن أجواء الإجتماع الوزاري كانت هادئة ورصينة وان وزيري الدفاع موريس سليم والشؤون الاجتماعية هيكتور حجار كانا من الذين اقترحوا مراسيم جوالة وقرارات استثنائية لتسيير شؤون المواطنين. واقر اللقاء التشاوري بإمكان عقد جلسات لمجلس الوزراء للتصدي للملفات التي لا تحتمل التأخير.