تراجع واردات أوروبا من النفط العربي والمصافي تلجأ لأميركا وبحر الشمال
تتراجع الواردات الأوروبية من النفط الخام من الشرق الأوسط، وسط استمرار التوتر في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن. ومن ناحية أخرى، تبدو آسيا سعيدة للغاية باستقبال المزيد من نفط الشرق الأوسط المضطرب، على حساب نفط حوض الأطلسي، وذلك وفق تقرير لنشرة “أويل برايس” الأميركية المتخصصة في الطاقة، مساء الاثنين.
وبحسب التقرير، اتجهت أوروبا نحو الغرب، وزادت مشترياتها من النفط الخام الأميركي وخامات بحر الشمال. وباتت المصافي الأوروبية حريصة على دفع ثمن نفط بحر الشمال المرتفع، الذي كان نشطاء البيئة في المملكة المتحدة والنرويج يأملون وضع حد له. ولكن في الوقت الحالي، فإن أوروبا بحاجة ماسة لهذه الخامات، حتى لا تضطر لمواجهة نقص في المحروقات.
في هذا الصدد، قال محلل السلع الأولية في بنك “يو بي إس” السويسري، جيوفاني ستونوفو، في تعليقات حول الوضع في ما يتعلق بالنفط والبحر الأحمر: “لا يزال التنويع في موارد النفط، ممكناً للمصافي الأوروبية، ولكنه يأتي بسعر أعلى”. وأضاف: “ما لم يتم نقل الزيادة في الأسعار إلى المستهلك النهائي، فإنه سيؤثر على هوامش الربح لمصافي التكرير”.
ويشير التقرير إلى سؤال مثير للاهتمام حول مقدارالتكاليف الإضافية التي يمكن لمصافي التكرير تحمّلها في سبيل الوصول إلى المستهلك النهائي في ضوء حالة التضخم الأوسع، خاصة في أوروبا، ويفيد بأنّ الجواب المحتمل هو “ليس كثيراً”.
ومع استمرار معاناة منطقة اليورو وغيرها من بلدان الاتحاد الأوروبي من تضخم أعلى من المعتاد، فقد أصبح الطلب على كل شيء، بما في ذلك الطاقة، ضعيفاً بالفعل، وهذا هو السبب وراء عدم وجود تداعيات كبيرة لهجمات البحر الأحمر على أوروبا.
ولم يتوقف الحوثيون عن مهاجمة السفن حتى وسط تكثيف الولايات المتحدة وبريطانيا لهجماتها على اليمن، ويبدو أن هناك مشكلة أوسع في مياه البحر الأحمر، وهي مشكلة القراصنة. وذكرت “رويترز”، الشهر الماضي، أنّ الهند نشرت ما لا يقل عن 12 سفينة شرق البحر الأحمر رداً على تزايد نشاط القراصنة وقامت بالتحقيق مع أكثر من 250 سفينة في المنطقة.
ووفقاً لتقارير نقلتها “أويل برايس”، عن مسؤولين عسكريين ودفاعيين هنود، منذ الأول من ديسمبر/ كانون الأول، فقد كان هناك ما لا يقل عن 17 عملية اختطاف، ومحاولات اختطاف، ورحلات مشبوهة في خليج عدن وأجزاء من بحر العرب.
وقال أحد المسؤولين: “الحوثيون والقرصنة منفصلون. لكن القراصنة يحاولون استغلال هذه الفرصة حيث تتركز جهود الغرب على البحر الأحمر”، في إشارة إلى أن الصراع في البحر الأحمر بدأ بالفعل في الامتداد إلى المناطق المحيطة، كما توقع المحللون.
وقال التقرير، إنه عندما بدأ الحوثيون اليمنيون بمهاجمة السفن في البحر الأحمر في نوفمبر/ تشرين الثاني، بدا الأمر وكأنه مشكلة بسيطة، وكاد رد فعل تجار النفط على صعيد الأسعار يكون صفراً، ولكن مع تطور الهجمات بات واضحاً أنّ تجارة النفط ستواجه صعوبات في الوصول إلى بعض الأسواق، خاصة السوق الأوروبية. وعلى الرغم من تدخل البحرية الأميركية، لا تزال مشكلة عبور البحر الأحمر قائمة بالنسبة لناقلات النفط التي اضطر معظمها لتغيير خط السير إلى رأس الرجاء الصالح.
وعلى الرغم من تدخل العديد من الدول لمرافقة السفن عبر أقصر طريق بين آسيا وأوروبا، اختارت معظم شركات الشحن إعادة توجيه سفنها حول رأس الرجاء الصالح أو الجمع بين النقل البحري والجوي لنقل السلع والمنتجات من آسيا إلى أوروبا. وحتى الآن تبدو الخيارات المطروحة أمام الناقلات النفطية أكثر تكلفة للشحن البحري من قناة السويس التي يؤدي إليها طريق البحر الأحمر، مما يزيد من الأسعار النهائية للسلع والبضائع، ويهدد بارتفاع معدل التضخم.
وأضافت الناقلات التي أعيد توجيهها حول أفريقيا بضعة أسابيع إلى أكثر من شهر إلى رحلاتها، كما أضافت ملايين الدولارات إلى الفاتورة النهائية لأسعار الخامات البترولية. ولم يكن أمام أوروبا، التي تعاني من ضائقة مالية متزايدة، خيار سوى البحث عن بدائل بأسعار معقولة لنفط الشرق الأوسط الذي أصبح فجأة يمثل صداعاً للمصافي.