بنوك الصين تكثّف تحركاتها لاحتواء تراجع اليوان
عمليات مبادلة بالدولار وتقليص للإقراض
قال أربعة أشخاص على دراية مباشرة بالأمر: إن البنوك الرئيسية المملوكة للدولة في الصين كانت نشطة في أسواق الصرف الأجنبية الداخلية والخارجية هذا الأسبوع، في محاولة لاحتواء انخفاض اليوان.
وقال اثنان من المصادر لـ«رويترز»: إن البنوك الحكومية بادلت اليوان بالدولار الأميركي في سوق المبادلة المحلية قبل بيع تلك الدولارات بسرعة في السوق الفورية لدعم اليوان من يوم الأربعاء إلى الجمعة.
وقال مصدران آخران: إن البنوك الكبرى قلّصت أيضاً إقراضها في أسواق اليوان الخارجية يوم الجمعة بهدف الحفاظ على شح السيولة، في خطوة قد تزيد تكلفة بيع العملة الصينية على المكشوف. وطلبت المصادر عدم الكشف عن هويتها لأنها غير مخولة الحديث علناً عن تداولات السوق.
وقفز سعر الفائدة المعروض بين البنوك في هونغ كونغ لليلة واحدة، وهو مقياس يقيس تكلفة اقتراض اليوان في المركز المالي، إلى 3.3562 في المائة يوم الجمعة، وهو أعلى مستوى له منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وتأتي إجراءات البنوك الحكومية في الوقت الذي يواجه فيه اليوان الصيني ضغوطاً هبوطية متجددة مقابل الدولار، حيث انخفض اليوان إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع مقابل الدولار.
كما أن تزايد توقعات السوق بخفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم يؤثر أيضاً على العملة المحلية. وجرى تداول اليوان المحلي في أحدث تعاملات عند 7.1682 للدولار.
وعادة ما تتداول البنوك الصينية المملوكة للدولة نيابةً عن البنك المركزي للبلاد في سوق الصرف الأجنبية، ولكن يمكنها أيضاً التداول نيابةً عن نفسها.
وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي، أن الصين سعت في الأشهر الأخيرة إلى تحقيق استقرار اليوان من خلال تنظيم عمليات الشراء من قِبل البنوك الحكومية وإعطاء توجيهات السوق للمصرفيين.
من جهة أخرى، واصلت السندات الحكومية الصينية مكاسبها، الجمعة، مع ملامسة العائد على السندات لأجل 10 سنوات أدنى مستوياته في ما يقرب من أربع سنوات، وسط توقعات متزايدة بمزيد من التحفيز للمساعدة في تعافي البلاد.
ودعا التعافي المتعثر في الصين من الوباء وعلامات الضغط الانكماشي إلى مزيد من التيسير النقدي. وكان القرار الأخير الذي اتخذته البنوك التجارية الكبرى بخفض أسعار الفائدة على الودائع سبباً في تمهيد الطريق لمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة الأساسية.
وانخفض العائد على السندات الحكومية القياسية لأجل 10 سنوات إلى 2.52 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2020.
كما ارتفعت العقود الآجلة للخزانة الصينية بشكل حاد، مع ارتفاع العقود الأكثر تداولاً لمدة 10 سنوات استحقاق مارس (آذار) بنسبة 0.16 في المائة، في حين قفزت العقود الآجلة للخزانة طويلة الأجل لمدة 30 عاماً بنسبة 0.5 في المائة. علماً أن العائدات لها علاقة عكسية مع أسعار السندات.
وقال جينغيانغ تشن، استراتيجي سوق الصرف الآسيوية لدى بنك «إتش إس بي سي»: «قد يبدأ بنك الشعب الصيني (المركزي) في تحويل تركيزه من استقرار سوق الصرف نحو التيسير النقدي»، متوقعاً أن يأتي خفض أسعار الفائدة في الصين بعد أن يبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي سياسة التيسير النقدي.
وكان التشديد النقدي التاريخي الذي قام به بنك الاحتياطي الفيدرالي قد أدى إلى اتساع فروق العائد مع الصين على مدى العامين الماضيين؛ مما أدى إلى زيادة الضغوط الهبوطية على العملة الصينية والحد من نطاق التيسير في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ومع إشارة بنك الاحتياطي الفيدرالي الآن إلى اتجاه يميل إلى التيسير النقدي وتوقع الأسواق أن يخفض البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة قريباً، قلص اليوان الكثير من خسائره من أدنى مستوى في 16 عاماً الذي سجله في سبتمبر (أيلول)؛ مما يمنح صناع السياسات بعض المساحة لخفض أسعار الفائدة، حسبما قال مراقبو السوق.
وأشار محللو «غولدمان ساكس» في مذكرة إلى أنه «في ضوء آخر الأخبار حول قيام البنوك الكبيرة بتخفيض أسعار الفائدة على الودائع، نتوقع أن يقوم بنك الشعب الصيني بخفض أسعار الفائدة في الربعين الأول والثالث من هذا العام بمقدار 10 نقاط أساس لكل منهما، وخفض نسبة متطلبات الاحتياطي في الربعين الثاني والرابع من هذا العام بمقدار 25 نقطة أساس لكل منهما».
ومع ذلك، يتوقع آخرون، بما في ذلك «سيتي بنك»، أن يأتي التخفيف «في وقت مبكر من الأسابيع المقبلة، خلال هذا الشهر». ويتوقع محللو «سيتي» ما مجموعه 20 نقطة أساس في تخفيضات أسعار الفائدة و50 نقطة أساس من التخفيضات في نسبة الاحتياطي المطلوب للبنوك في عام 2024.