رأي

المجلس القادم… يستقل أو يستقيل؟

كتب د. عبدالرحمن الجيران في صحيفة الراي.

الحياة البرلمانية في الكويت خلال مسيرتها لأكثر من ستين عاماً قد اتسعت لكل تجربة من تجارب الإصلاح سواءً كانت بالمناداة للعودة إلى القديم أو إصلاح من نوع آخر بالدعوة إلى التجديد وإصلاح بالحماس المفرط وإصلاح بالتقليد أحياناً!

دعوات يقوم بها الثائرون وأخرى يقوم بها المتقوقعون المنعزلون اليائسون، ومن بين هذه المناهج دعوات قام بها المعلمون والمربون الفاضلون، وهي الزم أنواع دعوات الإصلاح وابقاها اثراً واوفقها لكل زمان ومكان، وابعدها ان تضيع عبثاً كيفما كانت أحوال الزمان والمكان. وبشكل عام يمكننا القول بان هؤلاء المصلحين المعلمين قد عملوا غاية ما في وسعهم بحسب إمكاناتهم للبناء والاصلاح وإقامة القدوة الحسنة لمن تابعهم من أجيال المصلحين… إلا أن الحقيقة تستوجب علينا القول بأن عدد المصلحين الحقيقيين خلال هذه المسيرة الطويلة لم يتجاوز أصابع اليدين، ومع ذلك فإن جهودهم لم تكن لتبلغ هذا المدى البعيد في استنهاض الهمم لو لم يكن لهم سميع مجيب من رجالات الدولة من الرعيل الأول منذ المجلس التأسيسي إلى يومنا هذا.
ولو رجعنا بصورة سريعة نستقصي سيرة الزعماء السياسيين عندنا في الكويت ومن تأثروا به من أحوال زمانهم ومن تأثر بهم من أبناء الكويت بدا لنا ان التاريخ يظلمهم إذا وصفهم بالدجل المتعمد وفرغ منهم على هذه الصفة! فانهم في الأعم الأغلب من خلال ظواهرهم مسوقين إلى دعوتهم رغم انوفهم! وربما انساقوا إليها وهم مؤمنون بها ثم دار بهم دولاب الحوادث دورته التي لا فكاك منها فاستعصى عليهم الفكاك من وثاقه وتبعثرت سُبُل الإصلاح السياسي الذي بشرّوا به وتلاشت دولة الرفاه التي رأوها في الأحلام الوردية… فأصبح الرجوع عن الحزب ومبادئ الدعوة والنكوص القهقرى. بعد ذلك أخطر عليهم وعلى أتباعهم من المضي فيها؟

وعلى حد قول الشاعر: –

اتاني هواها قبل ان أعرف الهوى

فصادف قلباً خالياً فتمكنا

ومما زاد الأمر سوءاً ان جيل الستينات والسبعينات وما بعده كان يفيض بمشاعر الثورة ومليء بحوافز الترقب والأمل واليقين بالتغير الذي لا محيص عنه، وقد تكون عوامل هذا التغير موصوفة لديهم بارزة لهم في الصورة التي يتخيلونها كما تبرز صورة السحاب لمن يحاول ان يرتقيه ويقف ثابت القدمين عليه؟ ولا زال البعض يطمح ان يرى في الكويت – المدينة الفاضلة – كما رآها افلاطون.

وهي مدينة دستورية 100 % والنواب والوزراء معصومون وقديسون والصالح العام هو المسيطر على المشهد السياسي ولكن الواقع يقول عكس ذلك، ويبقى السؤال لماذا وصلنا الى هذه الحال؟

وتظل هذه الهواجس والقلاقل في النفوس الخائفة على مستقبل الكويت… وتطول مناجاته لنفسه وتساؤله عن واجبه الوطني ولكن يخيفه ان يكون هو المقصود به، ثم ينكل عنه خوفاً من تبعاته وأهواله، وكلما طالت به المناجاة والتساؤل تمكّن الحاضر منه وتلمس الخلاص من شكوكه بالمزيد من الرياضة والاستعداد عسى ان يلهمه الغيب سبيل الرشاد ويجلو له حقيقة الأمر وهي ان السياسة إما شيمة أو جيمة؟ فهل وصلت الرسالة؟ فإما المجلس القادم يستقل أو يستقيل؟.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى