العنف في الولايات المتحدة: لماذا؟

كتب د.البدر الشاطري, في البيان:
تعاني الولايات المتحدة من معدلات عنف متزايدة، ففي العقود الماضية رأينا أحداث عنف دون أسباب واضحة، كثيراً ما تكون هذه الأحداث عبثية، لا يعرف الضحايا ولا الجاني لماذا قام بفعله العنيف. كان آخر هذه السلسلة من أحداث العنف في ولاية ميتشغان.
حيث اقتحم رجل بعربته كنيسة المورمون (30 سبتمبر)، ثم أطلق النار على جموع الحاضرين، وقتل منهم أربعة وأصيب ما يزيد على العشرين، وقام بإضرام النار في الكنيسة، ولكن الشرطة تمكنت منه وأردته قتيلاً.
لا تُعرف دوافع هذه الجريمة النكراء ضد الأبرياء، لا يبدو أن الطائفة في صراع مع أحد، وهي طائفة مسالمة كانت تقطن في بداياتها في ولاية يوتاه، وقد توزعت في أنحاء الولايات المتحدة، وخصوصاً في الولاية الجارة أريزونا. ولعل أشهر الشخصيات من هذه الطائفة هو المرشح الرئاسي الجمهوري في 2012 ميت رومني.
ولكن الحادث الأخطر من الناحية السياسية كان اغتيال الناشط السياسي المحافظ شارلي كيرك. الاستهداف لم يكن كبقية الأحداث التي تستهدف دور العبادة أو مدارس الأطفال، والتي تبدو اعتباطية، أو بالأحرى عدمية تستخف بكل ضوابط وتقاليد المجتمع وتتنكر له.
القاتل استهدف الضحية لأسباب أيديولوجية، وقد خط هذه الأسباب على الرصاصة القاتلة التي تشي عن معاداة الفاشية. جن جنون اليمين الأمريكي المحافظ بسبب ما مثله كيرك من مستقبل التيار المحافظ، وما له من صيت ذائع يرفل في الحُرم الجامعية.
وقد علق حاكم ولاية يوتاه، التي قتل فيها كيرك، بشكل بليغ حين صدح بأنه يجب علينا أن نختلف بطريقة أفضل، أي أفضل من استخدام الأسلحة النارية، ولكن استخدام السلاح في الاختلاف قد أصبح سمة من سمات المجتمع الأمريكي، وفي كثير من الأحيان لا تعرف أسباب المذابح الهستيرية.
يقول جون مايكل، أستاذ القانون بجامعة كاليفورنيا، إن تفشي ظاهرة العنف السياسي، مؤخراً، والذي بدأ يتصاعد كل سنة، بل كل شهر، مرده أن سياستنا الأمريكية أصبحت أكثر خشونة، والتي ألبت بين بعضنا البعض، ويضيف الأستاذ: «نحن نميل بشدة إلى هوياتنا القَبَلية ونتخلى فعلياً عن التزامنا الجوهري بالحوار العقلاني، مهما كانت خلافاتنا قوية، ويعكس هذا إما يأساً من سياستنا الديمقراطية أو رفضاً صريحاً لها».
في 25 سبتمبر الماضي أصدر الرئيس دونالد ترامب مذكرة رئاسية للأمن القومي يستهجن حالة العنف التي وصلت لها البلاد، وتقول المذكرة إن حوادث العنف تزايدت بشكل كبير.
حيث عددت حوادث، من ضمنها محاولتان لاغتيال الرئيس وبعض كبار المسؤولين في الدولة، بما فيهم عضو المحكمة العليا المعين من قبل ترامب في فترة رئاسته الأولى.
وأضافت المذكرة أن بعض المستهدفين هم من رجال إنفاذ القانون، وأشارت إلى استهداف ضباط الهجرة والجمارك الذين باتوا يتعقبون المهاجرين غير القانونيين والذي تزايدت وتيرته في عهد ترامب.
ما تقوله المذكرة صحيح في قضية تزايد العنف المنظم والفردي، إلا أن المذكرة تعطي انطباعاً عن أن العنف مصدره اليسار المناهض للرئيس ترامب وأنصاره، كما في حالة كيرك الذي اغتيل غيلة منذ فترة وجيزة.
وللأسف، أن تسيس قضية فظيعة يعاني منها المجتمع الأمريكي لن يؤدي إلى حلها، أو حتى الحد منها. وتشير المصادر إلى «أن معظم الإرهابيين المحليين في الولايات المتحدة يتبنون آراءً سياسية من اليمين.
وتُعزى الغالبية العظمى من الوفيات الناتجة عن الإرهاب المحلي إلى الهجمات اليمينية». وبغض النظر عمن المسؤول عن الإرهاب والعنف السياسي في الولايات المتحدة، فإن اتحاد القوى المناهضة للعنف لأي أسباب كانت، هو السبيل لاحتواء هذا الخطر الذي يداهم الولايات المتحدة والعالم.