الخليج ودول وسط آسيا يتجهان لفتح أبواب الفرص الاقتصادية المشتركة
تستضيف مدينة جدة الساحلية في السعودية قمة دول مجلس التعاون الخليجي ودول وسط آسيا، بهدف تعزيز التعاون بين الكتلتين الاقتصاديتين. ويوفر حجم التجارة بين الكتلتين الذي يزيد قليلاً على 3 مليارات دولار سنوياً فرصة للتطوير والزيادة، كما أن فرص الاستثمار الأجنبي المباشر في القطاعات المختلفة تعد واعدة، بخاصة أن اقتصادات دول آسيا الوسطى من بين أسرع الاقتصادات نمواً في السنوات الأخيرة.
كذلك فإن غالبية تلك الاقتصادات تشهد عملية تحول وإعادة هيكلة بهدف تنويع الاقتصاد كما يحدث في دول مجلس التعاون الخليجي، بخاصة أن أغلب الدول الخمس في آسيا الوسطى تعتمد تقليدياً على صادرات الطاقة من نفط وغاز وصادرات الموارد الطبيعية الأخرى كالمعادن، وأهمها الذهب والنحاس.
وتشكل واردات النحاس الخليجية من الدول الخمس في آسيا الوسطى قدراً معقولاً من حجم التجارة المشتركة بين الكتلتين الاقتصاديتين، وتضم “مجموعة الخمس” لآسيا الوسطى التي تشارك في القمة المشتركة مع دول الخليج كلاً من كازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان وتركمانستان وأوزبكستان.
ومع أن هناك استثمارات خليجية بالمليارات في الدول الخمس، إلا أن عمليات التحول الاقتصادي المستمرة فيها توفر فرصاً استثمارية أكبر، مما يبدو واضحاً من نشاط شركات مثل مجموعة “أكوا باور” السعودية في تلك الدول، وهناك أيضاً قاسم اقتصادي مشترك بين دول “مجموعة الخمس” لوسط آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي الست، هو تصدير النفط والغاز الذي تعتمد عليه الدول الصناعية المستهلكة، ولا شك أن تنسيق سياسات الطاقة من بين المواضيع المطروحة للنقاش في القمة بما يخدم مصالح الكتلتين وعملائهما من المستهلكين بخاصة في أوروبا وآسيا.
أهمية دول آسيا الوسطى
إلى جانب الزراعة والطاقة من نفط وغاز في أغلب الدول الخمس، هناك احتياطات كبيرة من المعادن تجعل قطاع التعدين من أهم قطاعات جذب الاستثمارات الأجنبية، وإلى جانب النحاس والذهب هناك احتياطات أيضاً من معادن نادرة مثل الزئبق واليورانيوم وغيرها.
وتعتبر كازاخستان أكبر اقتصاد بين الدول الخمس لوسط آسيا، إذ يبلغ الناتج المحلي الاجمالي حدود 200 مليار دولار، ويصل الدخل القومي إلى ما يقرب من نصف تريليون دولار (يزيد على 480 مليار دولار)، كما أن كازاخستان من أكبر اقتصادات الدول الخمس جذباً للاستثمار الأجنبي المباشر، إذ حصلت عام 2021 على ما يصل إلى 370 مليار دولار استثمارات أجنبية مباشرة، وفي العام الماضي بلغت نسبة النمو الاقتصادي في كازاخستان 3.2 في المئة، يتوقع أن تزيد هذا العام بشكل طفيف إلى نسبة 3.5 في المئة وفي عام 2024 إلى نسبة أربعة في المئة، وتعتمد في دخلها القومي على صادرات النفط ومشتقاته المكررة، وزادت أهمية صادراتها، بخاصة لأوروبا بعد حرب أوكرانيا والعقوبات الاقتصادية على روسيا التي تضمنت حظراً أوروبياً على واردات النفط والغاز من موسكو.
أوزبكستان
وتلي كازاخستان من حيث حجم الاقتصاد، إذ يبلغ الناتج المحلي الاجمالي لها حدود 70 مليار دولار، ودخلها القومي في حدود 300 مليار دولار، وما زالت أوزبكستان تشهد تحولاً اقتصادياً من التوجه الاشتراكي حين كانت ضمن دول الاتحاد السوفياتي بشكل أكبر من بقية الدول الخمس، وتعمل في هذا السياق على تنويع اقتصادها ما بين الزراعة والتعدين والتصنيع والبناء والتشييد.
وتسعى أوزبكستان من أجل عملية التحول إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاعاتها المختلفة بخاصة قطاع التعدين، إذ إن بها احتياطات كبيرة من الذهب وتعتمد في دخلها القومي إلى حد كبير على عائدات صادرات الذهب وتحويلات العاملين بالخارج، كما تشكل الزراعة مكوناً مهماً في الناتج المحلي الاجمالي، وتعد أوزبكستان من أكبر منتجي القطن، ويتوقع أن يصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى نسبة خمسة في المئة هذا العام.
تركمانستان
أما تركمانستان فهي في وضع متوسط بين الدول الخمس بناتج محلي إجمالي في حدود 50 مليار دولار والدخل القومي لها في حدود 100 مليار دولار، وعلى رغم أنها بلد صحراوي في أغلبه إلا أن بها زراعات كثيفة في المناطق التي يتوفر لها الري، سواء من مياه الأمطار أو البحيرات أو مصادر أخرى مستحدثة، لكن مصدر الدخل الرئيس هو صادرات النفط والغاز، وتوجد في تركمانستان احتياطات غاز طبيعي كبيرة، وحقق اقتصادها نمواً يفوق نسبة ستة في المئة العام الماضي 2022، ويتوقع أن يحقق نمواً يفوق خمسة في المئة هذا العام.
طاجيكستان
وتأتي بعد ذلك طاجيكستان بناتج محلي إجمالي في حدود 10 مليارات دولار والدخل القومي لها يزيد قليلاً على 50 مليار دولار، ويعتمد اقتصاد طاجيكستان أساساً على الزراعة والتعدين، وتعد من كبار منتجي القطن الذي يشكل نسبة معقولة من صادراتها إضافة إلى معادن مثل الذهب والألومنيوم، ويتوقع أن ينمو الاقتصاد الطاجيكي بنسبة 5.5 في المئة هذا العام و6.5 في المئة عام 2024.
جمهورية قيرغيزيا
وتأتي جمهورية قيرغيزيا بناتج محلي إجمالي في حدود 10 مليارات دولار والدخل القومي لها في حدود 35 مليار دولار، وهي من أسرع اقتصادات وسط آسيا نمواً إذ بلغ نمو اقتصادها العام الماضي 2022 نسبة سبعة في المئة، لكن يتوقع أن يتباطأ في العام الحالي إلى نسبة 4.5 في المئة، ونسبة أربعة في المئة عام 2024، وتعتمد قيرغيزيا بالأساس في اقتصادها على التعدين والزراعة، وتعد من أكبر مصدري الذهب، وتحوي أراضيها احتياطات جيدة من الذهب والزئبق واليورانيوم.