الخبز بالقطّارة حتى نيسان 2023
أزمة انقطاع الخبز مستمرّة طالما الدعم قائم لغاية نيسان من العام المقبل تقريباً، لأنّ المشكلة ليست بتوفر كميات القمح او الطحين المدعوم، بل بمفهوم الدعم الخاطئ الذي انتهجته الدولة اللبنانية منذ اندلاع الأزمة المالية، والذي استنزف أموالها وهدرها لصالح التجار، المهرّبين وملوك السوق السوداء.
كشف وزير الاقتصاد أمين سلام في تصريح، انّه بعد 9 اشهر سيتمّ رفع الدعم عن الطحين، وقد يصل سعر ربطة الخبز إلى 30 الف ليرة، مشيراً إلى انّ الاتفاق مع البنك الدولي هو لإنهاء الدعم عن الطحين، على ان تكون هناك بطاقات تمويلية للأسر الفقيرة لشراء الخبز من خلالها. وبما انّ معظم الخدمات والسلع أصبحت تُسعّر بالدولار ورُفع الدعم عنها كاملاً، كالمحروقات والادوية والاتصالات والمواد الغذائية وغيرها، رغم انّها أصبحت خارج القدرة الشرائية لشريحة كبيرة من المواطنين، لم يعد التذرّع بتأمين لقمة عيش الفقير، لمواصلة دعم ربطة الخبز، أمراً منطقياً، لأنّ الشعب اللبناني في غالبيته، أصبح مصنّفاً من الطبقة الفقيرة، ولم تعره الدولة أي اهتمام قبل التفكير برفع الدعم عن مختلف السلع الأساسية، أوّلها الدواء والاستشفاء، وبالتالي لم يعد دعم القمح ينفع سوى المطاحن والأفران التي فضّل بعضها بيع حصصه من القمح المدعوم او الطحين المدعوم بسعر السوق السوداء، بدلاً من تكبّد عناء استخدامها لإنتاج ربطة الخبز المدعومة، وبالتالي تحقيق الربح السريع من دون الانتاج. كما انّ الدعم لم يصبّ سوى في صالح المهرّبين الذين فتحوا خطاً لتهريب الخبز المدعوم إلى سوريا، بأسعار السوق السوداء، وتحقيق الأرباح على حساب «الفقير» الذي لم يعد الخبز همّه الوحيد مع تراجع قدرته الشرائية اكثر من 95 في المئة. فرغم استمرار تقاضي موظفي القطاع العام والسلك العسكري والقوى الأمنية والمتقاعدين وجزء كبير من موظفي القطاع الخاص، رواتبهم على سعر صرف الـ1500 ليرة، لم يتساءل أحد كيف سيتمكنون من شراء الدواء او دخول المستشفيات او تسديد فواتير الاتصالات والمولّدات او كلفة التنقل التي رُفع الدعم عنها، او حتّى شراء المواد الغذائية…. وبالتالي، يطرح اللبنانيون السؤال نفسه: «شو وقفِت عالخبز؟ يشيلوا الدعم وأمّنولنا خبز!».
وإذا كان قرض البنك الدولي الذي تمّ إقراره أخيراً يهدف إلى مواصلة الدعم 9 اشهر، فإنّ المعنيّين لم يستخلصوا العِبَر من هدر وسرقة اموال الدعم طوال الفترة الماضية، وهم مستعدّون لهدر 150 مليون دولار أخرى لدعم السلع وليس المواطنون، أي لدعم التجار والمهرّبين وليس الفقراء.
في هذا الإطار، أوضحت مصادر وزارة الاقتصاد لـ«الجمهورية»، انّ قرض البنك الدولي سيُستخدم لشراء القمح، ولن يتمّ الاعتماد على حقوق لبنان من السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي SDR›s كما هو الحال اليوم، لافتة الى انّه في غضون الـ6 إلى 7 اشهر من استخدام اموال القرض، سيتمّ العمل على موضوع البطاقة التمويلية إلى حين رفع الدعم.
وقالت، انّ هناك 15 مليون دولار من قيمة القرض البالغة 150 مليون دولار، هي عبارة عن هبة سيتمّ استخدامها لمدّ المديرية العامة للحبوب والشمندر السكري بالتدريب التقني اللازم، كما سيتمّ اعتماد نظام تتبّع لمتابعة آلية توزيع الطحين المدعوم عبر القرض.
بدوره، سأل نقيب أصحاب الأفران علي ابراهيم عبر «الجمهورية»: «ألم يكن الوزير يعتبر انّ من يرفع الدعم عن الخبز مجرم؟ ماذا حصل اليوم؟ لماذا غيّر رأيه؟». لافتاً إلى انّ «قرض البنك الدولي لشراء القمح البالغة قيمته 150 مليون دولار يغطي 9 اشهر من حاجتنا للقمح، لذلك قرّروا بعدها رفع الدعم».
وأشار إلى انّ «الافران لا تستلم حصصها المحدّدة من الطحين يومياً، لأنّ بعض المطاحن مقفل والبعض الآخر على طريق الاقفال، وبالتالي فإنّ الافران التي تستلم حصّتها تنتج الخبز، وإن لم تستلم لا تنتج، لأنّها لا تملك مخزوناً، علماً اننا طالبنا الوزير بتحديد مخزون المطاحن وبإعطائها القسائم وتحديد اسماء الافران التي ستزّودها بالطحين، لكن الجواب كان انّ الوزارة لا يمكنها تحديد مخزون الطحين لدى المطاحن، رغم انّها هي الجهة التي تسلّمها القمح المدعوم، وهذا بمثابة مهزلة! على أي أساس يتمّ توزيع القسائم لنا إن كانوا لا يدرون كمية الطحين لدى المطاحن؟».
وكشف ابراهيم انّ انقطاع الخبز من الأسواق ناتج من تراجع حجم الانتاج بسبب اقفال بعض المطاحن الكبرى وعدم تسليمها الطحين للافران. مشيراً الى انّ الافران كانت تستلم 28 الف طن من الطحين شهرياً، وقد استلمت الشهر الماضي 24 الف طن، مما انعكس انقطاعاً في السوق وأزمة خبز! موضحاً انّ الكمية قد تكون أقلّ هذا الشهر!