
حسين زلغوط
خاص_ رأي سياسي
خضعت الرسالة التي وجّهها الموفد الفرنسي جان ايف لودريان للنواب والتي طرح من خلالها سؤالين عن المشاريع ذات الاولوية المتعلقة بولاية رئيس الجمهورية خلال السنوات الست المقبلة، والصفات والكفاءات التي يجدر برئيس الجمهورية المستقبلي التحلي بها من أجل الاضطلاع بهذه المشاريع، بهدف التحضير للقاء أيلول المرتقب ، الى الكثير من التحليل والتفسير، كما انها تركت الكثير من علامات الاستفهام والاستغراب، خصوصا وان الموفد الفرنسي جاء الى لبنان في زيارته الاولى مستكشفا، اما في الثانية فانه طرح السؤالين ذاتهما شفهيا على كل من التقاهم ، وقد حصل انذاك على اجوبة جميع الاطراف، حيث ابدى كل طرف اولوياته ومواصفاته، وكانت جوجلتها بالنسبة اليه سلبية ، حيث عبرت هذه الاجوبة عن مدى الانقسام السياسي وعمقه بين القوى السياسية ، وهو الذي يحول دون بلوغ اي قواسم مشتركة تؤدي الى تفاهم على الملف الرئاسي.
لا شك ان طرح الموفد الفرنسي ذات الاسئلة وسماعه ذات الاجوبة ، وظهور ذات التناقضات ، يعني ان الحوار المنتظر سلك طريقه الى الترنح ، لانه من الصعب التئام اي حوار في ظل هذه الاجواء، فلودريان في محاولته توسيع طاولة الحوار لكي تتسع الى ما يفوق ال35 نائبا يكون قد حوّل الموضوع الى ما يشبه الجمعية العمومية، او البازار المفتوح ، فطاولة اي حوار يجب ان لا تتعدى ال15 شخصا ، والا تصبح اقرب الى جلسة عامة يغني فيها كل طرف على ليلاه ، وهذا بالتأكيد لا يؤدي الى حوار منتج، بل الى حوار ينتج التوترات ولا يوصل الى التفاهمات.
والسؤال انه طالما مهمة لودريان مهددة بالترنح، وآفاق التفاؤل شبه مقفلة ماذا بعد؟
تجيب مصادر سياسية واسعة الاطلاع ل”رأي سياسي” على هذا السؤال بالقول: انه اذا فشل لودريان في زيارته الثالثة فان لبنان سيدخل في نفق سياسي مظلم يتحكم فيه النكد والنكايات ، والخطاب العالي النبرة ، وعلى نحو أشد قساوة مما كان عليه في اوقات سابقة، وان ما حصل بعد حادثة كوع الكحالة هو نموذج صغير عما سيكون عليه الحال في حال لم ينجح الموفد الفرنسي في ازالة الجدار المرفوع بين القوى السياسية والذي يحول دون انتخاب رئيس للجمهورية ويكربج كل مفاصل الدولة.
وتؤكد المصادر ذاتها ان كل الاطراف ما تزال على موقفها من مسألة انتخاب الرئيس ، لا بل ان الاجواء التي سادت سياسيا واعلاميا خلال وبعد انزلاق الشاحنة في منطقة الكحالة دفعت بحركة امل و”حزب الله” الى التمسك بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية رداً على ما يعتبرونه المنطق العدائي الذي ظهر ضد المقاومة وسلاحها ووصل الى حد التهجم على بيئتها من قبل مجموعات ما تزال في رأيهم تعيش الاجواء التي تدفع البلد للدخول مجددا في أتون الحرب الاهلية.
وفي اعتقاد هذه المصادر ان هناك فجوة من الممكن ان تفتح في جدار الازمة الرئاسية في حال بقيت الخطوط مفتوحة بين الضاحية و”ميرنا الشالوحي” حيث يشهد الحوار بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” تقدما وان بوتيرة بطيئة ، لكن يتوقع ان يتوج هذا الحوار في النهاية باتفاق يقبل فيه النائب جبران باسيل بمرشح “الثنائي” الشيعي بعد حصوله على ضمانات بتلبية مطالبه حول الصنوق الائتماني الوطني واللامركزية الموسعة ونقاط اخرى لم تخرج الى الاعلام ، وما يدفع باسيل الى القبول بهذا الخيار هو وصوله الى نقطة بات فيها ملزما الاختيار بين فرنجية وقائد الجيش جوزاف عون.
وتتوقف الاوساط عند وصول سفينة التنقيب عن النفط الى المياه الاقليمية اللبنانية، ورأت في ذلك بارقة أمل بالوصول الى انفراجات اقتصادية ، وقالت: يبدو انها تعطلت الامور على البر -في اشارة الى التعثر الحاصل حول الاستحقاق الرئاسي – والرهان اليوم على البحر ، لأن امام لبنان فرصة لان يتمكن من التنقيب قبل نهاية هذا العام للعثور على الكنز في البحر ، فإن وجده نذهب الى انفراجات واسعة وعمرها طويل، وفي حال لم يتم العثور على هذا الكنز الذي هو النفط والغاز سننزلق الى جهنم التي كان الرئيس ميشال عون قد وعدنا بها وهو في سدة الرئاسة.