الحل من برا.. الباقي تفاصيل

يبدو أن الجميع اقتنع الان بأن المطبخ اللبناني لا يمكنه انتاج رئيس جديد للجمهورية بمبادرة داخلية؛ ولعل رفض دعوة الحوار أبرز دليل على ذلك لأن التذرع باللعبة الديمقراطية يعتبر حجة واهية لا أكثر؛ خصوصاً مع مواقف النواب التي صدرت بعد الجلسة الاخيرة لانتخاب رئيس للجمهورية والتي أكدت بمعظمها أن القوى السياسية ستخضع بالنهاية لأوامر خارجية وكل ما يحكى عن مبادرات داخلية هو اضاعة للوقت لا أكثر؛ فقد نعى عضو كتلة الكتائب “سليم الصايغ” “الاستحقاق الملبنن” متهماً الفريق الاخر بانتظار أوامر الخارج والتعويض عنه حالياً بالورقة البيضاء؛ فيما أشار المرشح للرئاسة النائب ميشال معوض الى أن ترشيحه اتى ليلبنن الاستحقاق فيما يبدو ان القوى الاخرى مصرّة على متابعة مصير الارتهان للخارج حسب تعبيره؛ ولم يحسم معوض بعد البقاء على ترشحه من عدمه وقال “سأجري مروحة اتصالات ومشاورات خلال عطلة الأعياد لمحاولة معرفة مصير الترشح” أما حركة أمل فقد عبر نوابها عن خيبة الامل نتيجة رفض دعوة الرئيس نبيه بري للحوار والتوافق؛ معتبرين أن بهذا الرفض وعدم التجاوب محاولة لتعطيل الاستحقاق؛ فالجميع يعرف موازين القوى ويدرك جيداً استحالة المجيئ برئيس تحدي لكرسي بعبدا في ظل شكل المجلس النيابي الحالي والذي أفرزته الانتخابات النيابية التي جرت عام 2022؛ وحول الكلام عن انتظار اوامر خارجية يجيب نواب التنمية والتحرير بانه الى الان لا يوجد ما يدل على هذا الامر ولم يسمعوا بهذا الامر؛ ودعوة الحوار دليل على محاولة الرئيس نبيه بري انتاج رئيس بتوافق لبناني وليس بأمر خارجي.
الثنائي المسيحي
امام هذا الواقع المتأزم فعلاً؛ لم يتماهَ الفريقان المسيحيان الاكبر؛ أي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الا في عدم دعم ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى الان؛ فالقوات ما زالت على موقفها الداعم ومنذ البداية لرئيس حركة الاستقلال ميشال معوض دون القبول بأي دعوة للحوار؛ فيما التيار يعيش حالة واضحة من التخبط تتراوح بين الورقة البيضاء حيناً وحيناً بتهديد الحليف حزب الله بامكانية السير بترشيح معوض؛ أما اخر الابداعات فقد تمثلت بالتصويت بورقة كتب عليها “الميثاق” رداً على انعقاد حكومة تصريف الأعمال والتي أدّت لمناقشة دستورية كبيرة؛ وحتّى هذا الوقت لم تتجاوب القوات مع دعوة الوزير جبران باسيل لعقد حوار مسيحي مسيحي برعاية البطريرك الماروني بشارة الراعي؛ فمن تنتظر القوات؛ ومتى يستطيع التيار تحديد موقفه من هذا الاستحقاق؛ فهو يؤكد أن حزب الله لن يبقى على ترشيح فرنجية لأنه لا يستطيع الوقوف خلال هذا الاستحقاق بوجه التيار والذهاب بعيداً حفاظاً على ورقة اتفاق “مار مخايل” فيما يؤكد النائب طوني فرنجية أن هذا الكلام عار من الصحة جملة وتفصيلاً ومشروع سليمان فرنجية هو أن يكون رئيساً للجمهورية وليس مرشحاً للرئاسة.
بكركي والفاتيكان على وفاق
ما زال صدى دعوة البطريرك الراعي لتدويل الازمة اللبنانية يتردد في أنحاء الجمهورية؛ وفي ذات الوقت أشارت مصادر بكركي الى ان الحديث عن تدويل الازمة يعني رعاية دولية ومساعدة من أصدقاء لبنان في محاولة الخروج من الازمات وإيجاد سبيل لانتخاب رئيس في ظل انقسام لا يبدو ان توافقه قريب؛ كما وتؤكد ذات المصادر أن موقف بكركي يتوافق تماماً مع موقف الفاتيكان وعلى صلة به؛ ومن يفبرك أخبار عدم التوافق بين بكركي والفاتيكان هي غرف سوداء لا أكثر.
أمام هذا الواقع المرير يدخل لبنان فترة الاعياد ليستقبل العام 2023 في ظل ازمة اقتصادية تتزايد يوماً بعد يوم دون حلول لها؛ فماذا ستحمل السنة الجديدة للبنان وهي سنة تنتهي في منتصفها ولاية حاكم مصرف لبنان “رياض سلامة” وهو حدث ينتظره جميع اللبنانيين لمعرفة تداعياته التي قد تكون ايجاباً وقد تكون سلباً.
المصدر: خاص رأي سياسي