رأي

“الحرب المضادة” تسبق الانتخابات

كتب غسان حجار في “النهار”:

لم تكن التحذيرات التي كان يُطلقها من حين إلى آخر الأمين العام لـ”#حزب الله” السيد حسن نصرالله من تدخّل السفارات، ومن الجمعيات الأهليّة، ومن رفض الحياد، ومن رفض أي مؤتمر دولي، إلّا خروجاً عن منطق عدم الرد، وهي السياسة التي كانت متّبعة لدى الحزب، وتهيئة لمعركة ما قبل الانتخابات النيابيّة التي تُعيد رصّ الصفوف وتجييش الرأي العام المؤيّد استعداداً للاستحقاق في بلد مأزوم على كل الصعد، وأحزابه وطوائفه على شاكلته.

بالأمس دقّ نصرالله النفير، باعتباره أنّ بيان الخارجيّة اللبنانية الذي دان الحرب الروسية على #أوكرانيا، إنّما كُتب في السفارة الأميركيّة، سائلاً عن الحياد (البطريركي ضمناً) بعدما ركّزت وسائل إعلام معلومة التوجُّه والهويّة، حملاتها على البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي فرأت أنّه خرج عن الحياد الذي يُنادي به، والهدف تشويه كلّ الأفكار والمفاهيم والطروح الصادرة عن كل جهة مُعارضة لدور الحزب في الإقليم خصوصاً.

فقد تناسى هؤلاء، عمداً، تمييز البطريرك بين العدو والصديق، ضمن مبدأ الحياد الذي رأى فيه عدم الدخول في حروب الآخرين، من دون إسقاط المبدأ الأخلاقي في رفض كلّ الحروب والجرائم.

و”الحرب المضادة” انطلقت من جبهة الحزب على كل المستويات، بدءاً من الأمين العام وصولاً إلى كلّ الحلفاء في غير منطقة وطائفة.

فقد وصف نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم عدم المشاركة في الاقتراع بأنه “خدمة للخصوم ثم للأعداء”. وشنّ هجوماً على مجموعات المجتمع المدني قائلاً: “لاحظوا جماعات المجتمع المدني من أتباع السفارة الأميركيّة، دائماً يتحرّكون ضدّ حزب الله. يريدون التربُّع في مسؤوليّات ليكونوا أدوات مباشرة للمشروع الأميركي – الإسرائيلي الذي يخدم الأعداء ولا يخدم الوطن”.

وأكد رئيس المجلس التنفيذي لـ”حزب الله” السيد هاشم صفي الدين، أنّه “يجب أن يعرف كل اللبنانيين ويجب أن يعرف الأميركيون وسيعرفون عاجلًا أم آجلًا، أنه إذا استمرّت هذه الضغوط واستمرّ هذا اللؤم وهذا الحقد على اللبنانيين في معيشتهم وفي مالهم، لن يكون أمامنا خيار إلّا أن نعتمد على أنفسنا وأن نبني بلدنا كما يجب أن تُبنى الأوطان والبلدان، ونمتلك من العقول والإمكانات والقدرات التي تؤهّلنا لذلك. أعتقد انه يجب علينا أن نذهب إلى الخيار الأقصى في الإعتماد على أنفسنا لبناء وطننا، عندها منكنّس الأميركيين وأزلامهم في لبنان”.

اما رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمد رعد فقال: “إنّهم يريدون اليوم مرشّحاً لرئاسة الجمهورية واكب الاجتياح الإسرائيلي الأوّل عام 1982”. وأضاف ان الانتخابات ليست مقعداً زائداً أو ناقصاً، “المسألة هي بالأفق السياسي، فهل ستأتي برئيس يستسهل التوقيع مع العدو على التطبيع؟”.

وأذكر ان مدير مركز بحثي قريب من الحزب ردد امامي في جلسة علنية قبل نحو شهر، انّ “المرحلة المقبلة ستكون مُخصّصة لمواجهة اسرائيل في الداخل اللبناني، والتصدّي لأعداء الداخل”. وقد تنبهتُ الى ان هذا التصريح انما يدخل في إطار تلك “الحرب المضادة” التي وزّعت كلمة سرّها لكلّ الحلفاء. وفي القول، كما في التوجه التصعيدي، أمرٌ خطير، إذ انّه ينحو إلى اتّهام كل المعارضين بخدمة اسرائيل، وخصوصاً المُنادين بوحدة السلاح، ومنظّمات المجتمع المدني التي تستعدّ لخوض الانتخابات في غير منطقة. وفي الكلام عن مواجهة اسرائيل في الداخل، “تبشير” بممارسات تُذكّر بزمن الوصاية السورية القمعيّة، التي كانت تهمة “العمالة لإسرائيل” جاهزة لديها لكلّ من يُسبّب الإزعاج ولا يرضخ لإملاءات عنجر ومن يلفّ لفيفها لاحقاً.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى