ملفات

التحدي العالمي: مكافحة الجريمة المنظمة

في عالم مترابط يشهد تقدم التكنولوجيا واندماج الاقتصادات، أصبح التحدي الرئيسي يتمثل في التصدي للجريمة المنظمة التي تتخذ من الحدود الدولية مأوى لنشاطاتها. في هذا السياق، تبرز “اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة الدولية المنظمة” كأداة فعالة لتعزيز التعاون الدولي والتصدي لهذا التحدي المتزايد.

تأسست هذه الاتفاقية بهدف تنسيق جهود الدول الأعضاء في مكافحة الجريمة المنظمة، سواء كانت تلك الجرائم تتعلق بالاتجار بالبشر، أو تهريب المخدرات، أو غيرها من الأنشطة ذات الطابع الدولي. يتمثل التحدي الرئيسي الذي تواجهه هذه الاتفاقية في القدرة على توفير إطار قانوني وتنظيمي يمكن من التصدي للجرائم الحديثة بفعالية وسرعة. فما هي الجريمة المنظمة؟ وما هي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة؟

الجريمة المنظمة:

تشمل الجريمة المنظمة على الصعيد الدولي جميع أنواع الاتجار، كالاتجار بالأشخاص والمخدرات والأسلحة والعربات المسروقة والحيوانات والنباتات البرية، وما ينتج عن ذلك من فساد وغسل أموال. وازدادت هذه الجريمة على نحو ملحوظ مع نمو حركة تنقّل الأشخاص والسلع ورؤوس الأموال، وهي تواكب التطوّرات التقنية وباتت تعتمد على التكنولوجيات الحديثة لإعادة تدوير الأموال القذرة، أو لصقل أنشطتها التقليدية أو لاستحداث أنشطة جديدة من قبيل جرائم الفضاء الإلكتروني على سبيل المثال.

إنّ مكافحة الجريمة المنظمة تمثّل تحديًا للمجتمع الدولي برمته. ويمثل هذا النوع من الجريمة إلى جانب الإرهاب الذي تسهم في تمويله، أكثر التهديدات غير العسكرية للأمن والاستقرار الاقتصادي خطورةً في العالم. ويمثّل الاتجار بالأشخاص انتهاكًا فادحًا لحقوق الإنسان من جهة أخرى.

وبما أن المجرمين يتجاهلون الحدود، يستدعي التصدّي لهم اتّباع نهج عالمي لمكافحة الجريمة المنظمة وتعزيز التعاون الدولي ولا سيّما على المستوى القضائي والجزائي.

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية:

تضطلع فرنسا بدور جوهري في مختلف المحافل الدولية المختصة وفي طليعتها الأمم المتحدة. وأدّت دورًا فاعلًا للغاية في المفاوضات بشأن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية التي وُقّعت في عام 2000.

ويتمثل التجديد الذي قدّمته الاتفاقية في النقاط الثلاث التالية:

  • صياغة تعريفات عالمية لبعض المفاهيم الأساسية في القانون الجنائي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة، مثل الجماعة الإجرامية المنظمة والجريمة الخطيرة وعائدات الجرائم وغيرها،
  • تقريب التشريعات الجنائية، من خلال إلزام الدول بالتجريم الجنائي للمشاركة في جماعة إجرامية منظمة، وغسل الأموال، وعرقلة حسن سير العدالة، والفساد، في تشريعاتها الوطنية.
  • تعزيز التعاون القضائي الدولي عبر وضع إجراءات للمساعدة القانونية المتبادلة وتسليم المجرمين في إطار عالمي. وتنص الاتفاقية على أحكام محدّدة من أجل اقتفاء أثر الأموال القذرة وضبط الأصول الجنائية ومصادرتها.

وأُلحق بالاتفاقية ثلاثة بروتوكولات إضافية، وهي صكوك جزائية في المقام الأول:

  • بروتوكول مكافحة الاتجار بالأشخاص يلزم الدول بإدراج جرائم تتيح ملاحقة الجماعات الإجرامية المنظمة التي تتاجر بالأشخاص، في تشريعاتها الجنائية. ويتضمن البروتوكول تعريفًا واسعًا للاتجار بالأشخاص يشمل الاستغلال الجنسي، والسخرة، والرق، والاستعباد، ونزع الأعضاء،
  • بروتوكول مكافحة تهريب المهاجرين عن طريق البر والبحر والجو يلزم الدول بملاحقة المهرِّبين الذين يدبّرون الدخول غير المشروع للمهاجرين، ومن يساعد المهاجرين في الإقامة بصورة غير مشروعة في أراضي الدولة المضيفة،
    ويتضمن هذان البروتوكولان إلزام الدول بإعادة رعاياها والمقيمين الدائمين فيها، الذين وقعوا ضحية الاتجار بالأشخاص أو تهريب المهاجرين.
  • بروتوكول مكافحة الاتجار بالأسلحة النارية ينص على أحكام مماثلة لأحكام بروتوكولي مكافحة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين.

وتُنفّذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية عبر مؤتمرات الدول الأطراف.

الإجراءات المتّخذة في الاتحاد الأوروبي:

يلتزم الاتحاد الأوروبي بانتهاج سياسة طوعية في مكافحة الجريمة المنظمة.
وتطبّق هذه السياسة في خلال الدورة السياسية للفترة بين عامي 2018 و2021 لمكافحة الجريمة المنظمة الدولية. وتتيح تعزيز التعاون بين الكيانات المختصّة لدى الدول الأعضاء وبين مؤسسات الاتحاد الأوروبي ووكالاته ومع البلدان والمنظمات الأخرى والقطاع الخاص. وتتمثّل أهدافها الرئيسة فيما يلي:

  • مكافحة جرائم الفضاء الإلكتروني ولا سيّما الهجمات على نظم المعلومات، والاتجار بالأطفال لأغراض الاستغلال الجنسي، والتزوير ووسائل الدفع غير النقدي،
  • مكافحة الاتجار بالمخدرات ولا سيّما من خلال عرقلة نشاط مرتكبي الجريمة المنظمة، ومن خلال إضعاف الشبكات المتورطة في الاتجار بالمخدرات وتوزيعها، وكذلك من خلال التصدي لإنتاج المخدرات الاصطناعية والمؤثرات النفسية الجديدة،
  • مكافحة تهريب المهاجرين من خلال محاربة المجموعات الإجرامية التي تسهّل الهجرة غير الشرعية،
  • أعمال السرقة والسطو المنظمة التي تقوم بها منظمات إجرامية كثيرة التنقّل تنفّذ أعمال سرقة وسطو في الاتحاد الأوروبي.
  • مكافحة الاتجار بالأشخاص،
  • مكافحة الصلات بين الاتجار والتهرّب الضريبي، ولا سيّما تهريب البضائع الخاضعة للضرائب، على غرار التبغ أو الكحول أو التهرّب من دفع الضريبة على القيمة المضافة،
  • مكافحة الاتجار بالأسلحة النارية،
  • مكافحة الجرائم البيئية، وخاصة الاتجار بالحيوانات البريّة والاتجار غير الشرعي بالنفايات،
  • مكافحة غسل الأموال، من خلال استهداف عمليات غسل الأموال التي تنفّذ بصورة خاصة بواسطة أساليب دفع جديدة،
  • تزوير الوثائق، ولا سيّما إصدار الأوراق المزوّرة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى