رأي

البرمجيات القاتلة!

كتب د. ضاري عادل الحويل في صحيفة القبس.

لا يمكن أن نتخيّل يومًا يخلو من استخدامنا للبرمجيات والنظم الآلية والتطبيقات الإلكترونية بمختلف أنواعها والأغراض التي أنشئت من أجلها، سواءً بطرق مباشرة أو غير ذلك. لكن، نكاد أن نجزم بأن الكثير لا يخطر على باله عمّا إذا أخطئت هذه التقنيات أو تعطلت أو شلّت كيف سيكون واقع أمرنا، وما هي الآثار المترتبة على سواءً على مستوى الأفراد أو المؤسسات أو المجتمع. أشار تقرير حديث لمنظمة التحالف المعنية بجودة المعلومات والبرمجيات، إلى أن تكلفة سوء جودة البرمجيات تصل إلى أكثر من 2.08 تريليون دولار سنويًا، وهذا قياسًا على الشركات الأميركية فقط! بيّن التقرير أن هذه الخسائر الفادحة تشمل التكاليف الناتجة عن فشل العمليات، ومشاريع غير ناجحة، وأخطاء البرمجيات في الأنظمة القديمة.

من خلال انخراطنا في تسليح قادة المستقبل وأثناء إعدادنا لمقرر (الحاسوب والمجتمع) في الجامعة، أسهبنا بعض الشيء في شرح كيف أن الأخطاء في البرمجيات تعد مسألة حيوية تؤثر بشكل كبير على أداء وجودة البرامج، ولها انعكاسات خطيرة على مكونات المجتمع من أفراد ومؤسسات. فعلى سبيل المثال، تناولنا المشكلة البرمجية التي تعرّضت لها أنظمة صواريخ باتريوت المستخدمة بوحدات القوات الجوية الأميركية في عملية (عاصفة الصحراء) لتحرير الكويت من براثن الغزو العراقي الغاشم. ففي 25 فبراير 1991، فشلت أنظمة الصواريخ الآلية في تتبع واعتراض صواريخ العدو من نوع (سكود)، مما أسفر عن قصف ثكنة عسكرية صديقة وراح ضحيتها 28 جنديًا. بيّنت التحقيقات اللاحقة أن المتسبب بهذه الكارثة مشكلة برمجية في حاسوب تحكّم الأسلحة الذي كان يعتمد عليه النظام لتحديد الأهداف. المشكلة تسببت في تراكم الأخطاء الدقيقة بمرور الوقت، مما أدى إلى عدم دقة التحديد، وأشار التقرير إلى أن عمل النظام لأكثر من 20 ساعة دون نقل النظام إلى موقع آخر، يفقد النظام قدرته على تتبع الصواريخ المعادية بمقدار 137 مترا!

لا شك أن هذه الحادثة، وغيرها الكثير مع الأسف، تبيّن أهمية فحص وضمان جودة البرمجيات والأنظمة الآلية والمنصات الرقمية، وبدقة، خصوصًا في النظم الحيوية والعسكرية. أخطاء البرمجيات تمثل تحديًا كبيرًا يمكن أن يؤثر بشكل كبير في أداء وموثوقية التطبيقات والأنظمة البرمجية. وهنا تبرز أهمية ضمان وضبط الجودة في هذا السياق.

رسالتنا لرفاق سلاح التقنية وعموم القادة والمسؤولين، بوجوب ضمان جودة البرمجيات لضبط الأخطاء وتجنب العواقب السلبية التي قد تنجم عنها. سينعكس ذلك كله إيجابيًا من خلال إنشاء وإطلاق منتج نهائي يتسم بالكفاءة ويخلو من العيوب، الظاهرة على الأقل، مما يعزز قطعًا تجربة المستخدم ويحد من التكاليف الناتجة عن إصلاح الأخطاء في وقت لاحق. ولنا فيما جاء في دروس ويليام إدواردز ديمنغ، المهندس المؤسس لجودة الإنتاج ورقابة الجودة، خير نصيحة في بناء الفكر المؤسسي الذي يؤمن ببناء الجودة من مرحلة التصميم.

راجين ان تجد سطورنا المتواضعة طريقها للمعنيين وأصحاب الاختصاص لتغيير فكر مؤسساتهم وفرقها في سبيل تفادي أخطاء البرمجيات القاتلة!

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى