الانتخابات المحلية التركية: المعارضة توجه “ضربة موجعة” لأردوغان بفوزها التاريخي بإسطنبول وأنقرة
كتب بول كيربي وكاجيل كاسابوغلو في بي بي سي.
حقق حزب المعارضة الرئيسي في تركيا انتصارا كبيرا في الانتخابات المحلية بفوزه بمدينتي إسطنبول وأنقرة الرئيسيتين.
وتمثل النتائج ضربة قوية للرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان يأمل في استعادة السيطرة على المدن بعد أقل من عام من فوزه بولاية رئاسية ثالثة.
وحقق أكرم إمام أوغلو، الذي فاز برئاسة بلدية إسطنبول أول مرة في عام 2019، فوزا ثانيا لحزب الشعب الجمهوري العلماني المعارض.
وأعلن إمام أوغلو مرشح حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، فوزه في انتخابات رئاسة البلدية في أكبر مدن تركيا، وأوضح أنه يتقدم بفارق تجاوز مليون صوت بعد إحصاء 96 في المئة من بطاقات الاقتراع.
وفي الوقت الذي تعهد فيه أردوغان بعصر جديد في المدينة التركية الكبيرة التي يبلغ تعداد سكانها نحو 16 مليون نسمة، كان عمدة إسطنبول الحالي في طريقه للفوز بما يزيد على 50 في المئة من الأصوات، أي بفارق يزيد 10 نقاط على مرشح حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.
وتعد هذه أيضا المرة الأولى منذ وصول أردوغان إلى السلطة قبل 21 عاما، التي يخسر فيها حزبه في جميع أنحاء البلاد في صناديق الاقتراع.
وفي العاصمة أنقرة، احتفظ رئيس البلدية المعارض، منصور يافاش، بمقعده بفارق كبير على منافسه بنسبة بلغت 59 في المئة، حتى أنه أعلن فوزه بعد فرز أقل من نصف الأصوات، وأغلق أنصاره جميع الطرق الرئيسية في المدينة، ولوحوا بالأعلام وأطلقوا أبواق سياراتهم.
جدير بالذكر أن حزب الشعب الجمهوري واصل طريقه لتحقيق فوز في العديد من المدن الكبرى الأخرى في تركيا، بما في ذلك إزمير وبورصة وأضنة ومنتجع أنطاليا.
وأقر أردوغان، 70 عاما، بأن الانتخابات لم تسر كما كان يأمل، بيد أنه قال لأنصاره في أنقرة إنها “لا تمثل نهاية بالنسبة لنا بل نقطة تحول”.
واعتمد أردوغان دائما على “إرادة الشعب” في سلطته، وقال لمؤيديه إنه سيحترم إرادة الناخبين الآن أيضا.
وكان الرئيس التركي قد أعلن خلال حملته الانتخابية أن هذه ستكون الأخيرة بالنسبة له، لأن فترة ولايته الرئاسية تنتهي في عام 2028.
بيد أن معارضيه يعتقدون أن فوزه كان سيشجعه على مراجعة الدستور حتى يتمكن من الترشح مرة أخرى. وبعد هذه الهزيمة الدراماتيكية، يبدو الأمر غير مرجح للغاية.
وعلى النقيض كانت النتيجة بمثابة نجاح كبير لزعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الذي أشاد بالناخبين لاتخاذهم قرار تغيير وجه تركيا في تصويت تاريخي وقال: “إنهم (الناخبون) يريدون فتح الباب أمام مناخ سياسي جديد في بلادنا”.
وتجمعت حشود في مدينة إسطنبول خارج مبنى البلدية في حي ساراتشاني، أحد أقدم أحياء إسطنبول.
ولوحت الحشود بالأعلام التركية ولافتات تحمل صورة أكرم إمام أوغلو إلى جانب مؤسس تركيا، كمال أتاتورك، الذي عُلقت صوره على جدران مبنى البلدية.
وقال إمام أوغلو: “أستطيع أن أقول إن ثقة مواطنينا وإيمانهم بنا أثمرت”.
ويعد إمام وأوغلو ومنصور يافاش مرشحين محتملين في الانتخابات الرئاسية عام 2028.
وهتف أنصار إمام أوغلو “كل شيء سيكون على ما يرام”، وكانوا يرقصون على قرع الطبول في ساراتشاني، في إسطنبول.
وقال يسيم البيرق، 25 عاما، مؤيد لإمام أوغلو، لبي بي سي: “إنها مجرد انتخابات محلية، بيد أن فوز المعارضة في المدن الكبرى يعد استعراضا كبيرا للقوة أمام الحزب الحاكم”.
وقال محمد بانكاشي، 27 عاما، لبي بي سي إن ثمة حاجة للتغيير في تركيا: “لو كان إمام أوغلو أو منصور يافاش من المرشحين في الانتخابات الرئاسية العام الماضي، لحققا فوزا بالتأكيد”.
وتضم إسطنبول خُمس سكان تركيا، البالغ عددهم نحو 85 مليون نسمة، وهي تسيطر على جزء كبير من اقتصاد تركيا بما في ذلك التجارة والسياحة والتمويل.
وقال إمام أوغلو، البالغ من العمر 53 عاما، وهو رجل أعمال سابق دخل مجال العمل السياسي في 2008، إن “التأييد والثقة التي يضعها مواطنونا فينا ظهرت بالفعل”، ويعتبر أوغلو الآن منافسا محتملا للرئاسة التركية.
وكان إمام أوغلو قد أطاح، قبل خمس سنوات، بحكم حزب العدالة والتنمية الذي استمر سنوات في إسطنبول بدعم من أحزاب معارضة أخرى، بيد أن وحدة المعارضة انهارت في أعقاب الهزيمة في الانتخابات الرئاسية العام الماضي.
وقبل انتخابات يوم الأحد، كان يُنظر إلى الأصوات على أنها متقاربة للغاية، في ظل التحدي القوي من مرشح حزب العدالة والتنمية، مراد كوروم.
بيد أن الحزب الحاكم لم يتمكن من التغلب على الأزمة الاقتصادية التي شهدت ارتفاعا في معدلات التضخم إلى 67 في المئة وزيادة أسعار الفائدة إلى 50 في المئة.
وعلى الرغم من أن مساحات واسعة في غربي وجنوبي وشمالي تركيا أصبحت الآن تحت سيطرة حزب الشعب الجمهوري المعارض، فقد فاز الحزب الديمقراطي المؤيد للأكراد بالسيطرة على جزء كبير من منطقة جنوب شرقي البلاد.
ويواصل حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان السيطرة على وسط تركيا وحقق مزيدا من النجاح في مناطق الجنوب الشرقي التي دمرها الزلزال الذي حدث في فبراير/شباط 2023، بما في ذلك مدينتا كهرمانماراس وغازي عنتاب.
وفي كلمة ألقاها من شرفة مقر حزبه في أنقرة، تعهد أردوغان باستغلال السنوات الأربع التي تسبق الانتخابات الرئاسية المقبلة في “تجديد أنفسنا وإصلاح أخطائنا”.
ويحق لنحو 61 مليون تركي المشاركة في انتخابات الأحد، وأدلى ما يزيد على مليون ناخب شاب بأصواتهم للمرة الأولى، وتجاوزت نسبة المشاركة 77 في المئة في جميع المحافظات التركية البالغة 81 محافظة.