صدى المجتمع

الإنسداد الرئوي.. المسبب الرئيسي الثالث للوفاة عالميًا

  نسرين عسّاف

في عالم الطب والصحة، يظهر مرض الانسداد الرئوي كظاهرة طبية تحمل في طياتها التحديات الكبيرة التي تواجه الأفراد المصابين به. إنها حالة تتسم بتضيق مسارات الهواء في الرئتين، مما يعيق تدفق الهواء بحرية ويؤدي إلى صعوبة في التنفس، فيصبح التنفس عملية مستمرة تتحول إلى تحدي يومي بالنسبة لهم. وعلى الرغم من أنه قد يكون مرضًا يتطور تدريجيًا، إلا أن تأثيره العميق يلمس جودة حياة المصاب به بشكل كبير. فما هو هذا المرض؟ وكيف نتعرّف عليه، ونتعايش معه؟

  مرض الانسداد الرئوي المزمن هو مرض رئوي شائع يتسبب في نقصٍ في تدفق الهواء ومشكلات في التنفس. ويطلق عليه أحيانًا انتفاخ الرئة أو التهاب الشعب الهوائية المزمن. ويمكن أن يؤدي مرض الانسداد الرئوي المزمن في الأشخاص المصابين به إلى تلف الرئتين أو انسدادهما بالبلغم. وتشمل الأعراض السعال، المصحوب أحيانًا ببلغم، وصعوبة في التنفس، وصفير وتعب. ويعد التدخين وتلوث الهواء السببين الأكثر شيوعًا لمرض الانسداد الرئوي المزمن. والأشخاص المصابون بمرض الانسداد الرئوي المزمن أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية أخرى.

  ويشكّل مرض الانسداد الرئوي المزمن السبب الرئيسي الثالث للوفاة في جميع أنحاء العالم، إذ تسبب في وفاة 3,23 مليون شخصًا في عام 2019. ويحدث ما يقرب من 90٪ من وفيات مرض الانسداد الرئوي المزمن بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 70 عامًا في البلدان المنخفضة وتلك المتوسطة الدخل.

أعراضه:

  والأعراض الأكثر شيوعًا لمرض الانسداد الرئوي المزمن هي صعوبة التنفس والسعال المزمن (مصحوبًا في بعض الأحيان بالبلغم) والشعور بالتعب. ويمكن أن تسوء أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن سريعًا، في نوبات هيجان مفاجئة عادة ما تستمر لبضعة أيام وغالبًا ما تتطلب أدوية إضافية.

والأشخاص المصابون بمرض الانسداد الرئوي المزمن أكثر عرضة للإصابة بمشكلات صحية أخرى منها: التهابات الرئة، مثل الإنفلونزا أو الالتهاب الرئوي، سرطان الرئة، مشكلات قلبية، ضعف العضلات وهشاشة العظام، الاكتئاب والقلق.

وتحدث الأعراض الشائعة لمرض الانسداد الرئوي المزمن من منتصف العمر فصاعدًا. ومع تطور مرض الانسداد الرئوي المزمن، يجد الناس صعوبة أكبر في تأدية أنشطتهم اليومية العادية، غالبًا بسبب ضيق التنفس. وقد يتسبب في عبء مالي كبير بسبب انخفاض الانتاجية في مكان العمل والمنزل، فضلاً عن تكاليف العلاج الطبي.

أسبابه:

  يتطور مرض الانسداد الرئوي المزمن تدريجيًا بمرور الوقت، وغالبًا ما ينتج عن مجموعة من عوامل الخطر مثل:

  • التعرض للتبغ بالتدخين الإيجابي أو التدخين السلبي بالتعرض غير المباشر لدخان التدخين؛
  • التعرض للغبار أو الأبخرة أو المواد الكيميائية في مكان العمل؛
  • تلوث الهواء الداخلي: كثيرًا ما يستخدم وقود الكتلة الحيوية (الخشب، روث الحيوانات، بقايا المحاصيل) أو الفحم للطهي والتدفئة في البلدان المنخفضة وتلك المتوسطة الدخل ذات المستويات العالية من التعرض للدخان؛
  • الحوادث التي تقع في الحياة المبكرة مثل ضعف النمو في الرحم، والولادة المبكرة، والتهابات الجهاز التنفسي المتكررة أو الشديدة في مرحلة الطفولة التي تمنع نمو الرئة النمو الأمثل؛
  • الربو في مرحلة الطفولة؛
  • الإصابة بحالة وراثية نادرة تسمى عوز ألفا-1 المضاد للتريبسين، والتي يمكن أن تسبب مرض الانسداد الرئوي المزمن في سن مبكرة.

التعايش معه:

لا يمكننا العلاج من هذا المرض بشكل نهائي، ولكن يمكن أن يساعد التغيير في نمط الحياة على تحسين أعراض مرض الانسداد الرئوي المزمن، مثل:

الإقلاع عن التدخين أو استخدام أدوات التدخين الأخرى. وهذا هو أهم إجراء يمكن اتخاذه. وحتى لو كنت تدخن لسنوات عديدة، فإن الإقلاع عن التدخين يمكن أن يساعدك.

تجنب التدخين غير المباشر أو الدخان الناتج عن مواقد الطهي الداخلية.

حافظ على نشاطك البدني.

احم نفسك من التهابات الرئة:

  • احصل على اللقاح المضاد للإنفلونزا كل عام.
  • احصل على القاح المضاد للالتهاب الرئوي.
  • احصل على جميع لقاحات كوفيد-19 المتاحة وتأكد من حصولك على أحدث الجرعات المعززة.

في ختام هذه الرحلة إلى عالم مرض الانسداد الرئوي، نجد أن هذا المرض يمثل تحديًا طبيًا وحياتيًا يعاني منه الكثيرون حول العالم. إن فهم أعقد تفاصيل هذا المرض يشكل خطوة أساسية نحو التوعية والتفهم الأوسع لتأثيراته على حياة الأفراد والمجتمع. ويعكس مرض الانسداد الرئوي الصورة الحقيقية للتحديات الصحية التي قد يواجهها البعض، ولكن في نفس الوقت يحمل في طياته روح الصمود والتحدي. وإن توفير الدعم والفحص الطبي المبكر يعزز فرص التعافي وتحسين نوعية الحياة للمصابين به.

في مواجهة هذا التحدي، يأمل المجتمع الطبي والباحثون في العثور على حلول فعّالة والتقدم في علاجات مبتكرة لتخفيف عبء هذا المرض. كما ينبغي علينا جميعًا أن نتحد كمجتمع للعمل على الوقاية من مسببات المرض وتعزيز الوعي حول أهمية صحة الرئتين.

في النهاية، يبقى الأمل هو المحرك الرئيسي لتجاوز التحديات الصحية، ورغم صعوبة مواجهة مرض الانسداد الرئوي، يظل الإصرار والعناية الطبية الجادة هما السبيل لتحقيق التحسين والتغلب على الصعوبات.

أخبار مرتبطة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى