أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: لبنان من عصر” الترامواي” الى فوضى”التوك توك”

في العام 1908 استحصلت شركة بلجيكية مؤلفة من رأسماليين عثمانيين وبلجيكيين، على امتيازٍ من السلطنة العثمانية لتسيير ترامواي كهربائي في بيروت بدل المقطورات التي كانت تجرها البغال والأحصنة. وكان الامتياز يقضي بتشغيل الترام على القوة الكهربائية شرط أن لا تنقطع عنه أبداً، وبتزويد بيروت بالإنارة.
كان الترامواي يصل الأحياء البيروتية بعضها ببعض، وبمنطقة فرن الشباك، النقطة الحدودية الفاصلة آنذاك بين متصرفية جبل لبنان وولاية بيروت، وذلك تسهيلًا لتنقل السكان بين الولايتين، كما كان يصل أبناء المدينة بمحطتين للقطار في مار مخايل والمرفأ لتسهيل حركة البضائع. كان الترامواي ينقل سنوياً ملايين المواطنين من مختلف الطبقات من منازلهم إلـى مراكز عملهم وبالعكس.
ووفق خط سيره كانت تبنى المستشفيات، والمدارس، والجامعات، ودور السينما، والمقاهي، والأسواق التجارية والدوائر الرسمية. فالترامواي كان شريان التنظيم المديني الأساسي، وهو الذي كان طريق بيروت إلى الحداثة.
غير أن الدولة اللبنانية أوقفت الترامواي في أيلول العام 1965، فاشترت الصين عدداً من حافلاته وذهب بعضها الآخر إلى تجار الخردة، أو تحوّل إلى مطاعم. الترامواي الذي عرفه اللبنانيون في مطلع القرن العشرين، كان شريان التنظيم المدني الأساسي في بيروت، وكان طريقها إلى الحداثة.
ما يحزننا من قصة ترامواي بيروت هذه هو ما وصلنا اليه في هذه الأيام حيث لا طرقات ولا نظام مُدني، ولا نظام سير، وفوضى ما بعدها فوضى على الكثير من الصعد، حيث وصل بنا الأمر الى أن حل”التوك توك” الذي هو عبارة عن عربة صغيرة خفيفة الوزن ذات 3 عجلات تعمل بالكهرباء أو البنزين، وتتسع لشخصين فقط، محل الترامواي في قطاع النقل، حيث ينتشر في الكثير من المناطق بشكل فوضوي ومخيف، حيث لا يتم تسجيله رسميا في الهيئات المعنية. ومع ذلك، يعتمد التقدير على الطلب في كل منطقة، والتي تختلف باختلاف الظروف والاحتياجات المحلية.
متى يصبح عندنا دولة تعيدنا الى العصر الذهبي بدلا من الذهاب بنا الى الجحيم؟

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى