رأي

اعتداء على الأمم المتحدة

الهجوم الذي تعرضت له قاعدة الدعم اللوجستي، التابعة لقوات الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة في مدينة كادوقلي بولاية جنوب كردفان السودانية، وأدى إلى مصرع سبعة جنود من أفراد الكتيبة البنغالية وإصابة 12 آخرين، ليس مجرد اعتداء على قوات أممية، بل هو اعتداء على الأمم المتحدة، كمنظمة معنية بالحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وتعزيز حقوق الإنسان، وتوفير المساعدات الإنسانية، ودعم التنمية المستدامة، والتمسك بالقانون الدولي.
لذلك فإن هذا الاعتداء يمثل جريمة حرب متكاملة الأركان، تستدعي المباشرة في تحقيق دولي يكشف المرتكبين ومحاكمتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، لينالوا العقاب الذي يستحقونه، خصوصاً أن كادوقلي وغيرها من المدن السودانية، تعيش منذ سنوات وضعاً إنسانياً كارثياً، وسط مجاعة خانقة وانهيار للمنظومة الصحية، وانعدام للأمن الغذائي، إضافة إلى ما يرتكب من فظائع بحق المدنيين.
انطلاقاً من موقفها الثابت في دعم الأمن والاستقرار في السودان، والتزامها بمواثيق الأمم المتحدة، فقد دانت دولة الإمارات هذا الاعتداء، و«أعربت عن استنكارها الشديد للهجوم الآثم، ورفضها القاطع لجميع أشكال العنف التي تستهدف زعزعة الأمن»، مؤكدة أن «استهداف قوات الأمم المتحدة الأمنية المؤقتة يعد انتهاكاً للقانون الدولي ولقرار مجلس الأمن رقم 2802»، وأعربت عن «تضامنها الكامل مع قوات حفظ السلام الدولية، ومع الدول المشاركة فيها، ودعمها للجهود الدولية الرامية إلى حفظ الأمن والاستقرار والسلام، وتقديم العون الإنساني في مناطق النزاع، كما أعربت عن تعازيها ومواساتها لأهالي وذوي الضحايا والحكومة المؤقتة في بنغلاديش، وللشعب البنغالي وللأمم المتحدة.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف الهجوم ب«المروّع»، محذراً من أن استهداف قوات حفظ السلام قد يشكل «جريمة حرب»، بموجب القانون الدولي، مجدداً الدعوة إلى وقف فوري للأعمال الحربية في السودان، في حين دانت مفوضية الاتحاد الإفريقي الهجوم ووصفته ب«العمل المشين» الذي يشكل «انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، واعتداء على الجهود المبذولة، لتعزيز السلام والاستقرار في السودان»، مجدداً دعمه للجهود الرامية إلى «تحقيق حل سياسي دائم وشامل للنزاع».
وإذا كان الطرفان المتصارعان، الجيش وقوات الدعم السريع قد تنصلا من مسؤولية الهجوم، كما حصل في كل الانتهاكات والفظائع التي جرت وتجري في مختلف أنحاء السودان، إلا أن الواقع يؤكد أن أيادي الطرفين غارقة في دم السودانيين، خصوصاً أن هذا الهجوم يأتي بعد أيام من ضربة جوية دامية على روضة أطفال ومستشفى في كلوقي بجنوب كردفان، قالت منظمة الصحة العالمية إنها تسببت في مقتل 114 شخصاً، بينهم 63 طفلاً، وإصابة 35 آخرين، بعد استهداف متكرر للروضة والمستشفى الريفي المجاور. وقد وصف مدير المنظمة تيدروس غيبريسوس القصف بأنه «اعتداء بلا معنى على المدنيين والمرافق الصحية»، محذراً من أن تكرار هذه الهجمات «يفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم».
إن هذه الاعتداءات تمثل جرائم منهجية ترتكب ضد المدنيين، كما جرى مؤخراً في إقليم دارفور حيث ارتكبت فظائع طالت آلاف المدنيين العزل، وانتهكت آدميتهم، من قتل وتعذيب واغتصاب وتهجير.
كل ذلك يستدعي ممارسة المزيد من الضغط وبشتى الوسائل، لحمل المتحاربين على وقف هذه المقتلة، وردع الرافضين لوقف إطلاق النار فوراً، والمباشرة في عملية سياسية تعيد للسودانيين الأمل بحياة آمنة ومستقرة.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى