رأي

إصلاح الأمم المتحدة.. مقترحات ومسؤوليات

بمناسبة مرور ثمانين عاماً على إنشاء الأمم المتحدة، كثر الحديث عمّا قدمته المنظمة على مدار هذه السنوات، والمجالات التي أحرزت فيها منجزات، وتلك التي لم توفق فيها. وقد طرحت الكثير من القضايا بعضها كانت في تقارير من إعداد المنظمة الدولية ذاتها، كما كانت «مبادرة الأمم المتحدة 80» من أحدث مبادرات الإصلاح. هذه المبادرة الرامية إلى رفع كفاءة الأداء، في ظل تراكم التحديات العالمية وتزايدها وتشابكها في ذات الوقت، وفي ظل إطار مفعم بدرجة محدودة من الثقة، وكل ذلك مصحوب بحالة من الانقسام بين القوى الكبرى، ما يصيب المنظمة الدولية بحالة من الشلل في بعض القضايا الملحة والعاجلة، والتي تمثل تهديداً للسلم والأمن الدوليين.
ولقد كان غاي رايدر، وكيل الأمين العام المعني بالسياسات ورئيس فريق عمل «الأمم المتحدة 80» محدداً عندما قال إن المرجو من عملية المراجعة تلك أن تنتج «أمماً متحدة أقوى وأكثر كفاءة، ومستعدة لمواجهة التحديات التي سيحملها لنا المستقبل». هذه الأمور لا يمكن تعليقها في رقبة الأمانة العامة وموظفي الأمم المتحدة، وإنما هي مسؤولية الدول الأعضاء، وهذا منطقي، حيث إن أي منظمة دولية هي نتيجة إرادات الدول الأعضاء فيها، فهي التي أنشأتها ابتداء، وهي من تقرر استمرارها، وتصويب مسيرتها، بعد التقويم واجتماع الإرادات.
من ثم، فإنه ومع صدور تقرير مراجعة الولايات المنوطة بالمنظمة الدولية في اليوم الأخير من شهر يوليو/تموز الماضي، والذي يعد جزء اً مكملاً ل«مبادرة الأمم المتحدة 80»، كان الأمين العام أنطونيو غوتيرش، واضحاً في قوله: «اسمحوا لي أن أكون صريحاً: التكليفات شأن يخص الدول الأعضاء. إنها تعبير عن إرادتكم، وتعود ملكيتها والمسؤولية عنها للدول الأعضاء. والمهمة الحيوية المتمثلة في إنشائها أو مراجعتها أو إنهاء العمل بها تقع على عاتقكم – أنتم وحدكم. أما دورنا فهو تنفيذها – بشكل كامل، بأمانة، وبكفاءة».
هذا القول يضع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أمام مسؤولياتها، وبطبيعة الحال، فإن المسؤوليات تتفاوت بحكم الاختلاف الكبير في القدرات التي تمتلكها تلك الدول. والحديث هنا ليس فقط عن القدرات الاقتصادية والعسكرية والسياسية والثقافية لكل دولة على حدة، وإنما كذلك قدرات التأثير داخل الأمم المتحدة ذاتها. فلا يمكن أن تكون مسؤولية الدول التي لا تمتلك العضوية الدائمة في مجلس الأمن مثل مسؤوليات باقي الدول. فالشريحة الأولى تتحكم في قرارات المجلس، وهو الجهاز المعني بالتعامل مع قضايا الصراعات والنزاعات المسلحة. وكم من مرة أصيب المجلس بالشلل في أزمات ضخمة، وهذا ليس بالجديد، ويمكن تعداد حالات بارزة لذلك منها الحرب الكورية خمسينات القرن الماضي، والصراع العربي الإسرائيلي الذي ما زالت فصوله تتواصل، والحرب الدائرة في أوكرانيا.
في الوقت الذي تحتاج فيه الأمم المتحدة إلى القيام بمهام أكثر، يلاحظ وجود محاولات للضغط عليها عبر تقليص التمويل، وقد قال غوتيرش، في هذا السياق: «لنواجه الحقائق، لا يمكننا أن نتوقع تأثيراً أكبر بكثير من دون توفير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك». ومع الموارد لا بد من التقدير لما تقوم به المنظمة، والأهم احترام ميثاقها، وأن يطبق على الجميع.

المصدر: الخليج

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى