ألمانيا: هل تلحق الدول المغاربية بجورجيا ومولدوفا كـ “دول آمنة”؟
كتب خالد سلامة في DW.
طالب فريدريش ميرتس، زعيم الحزب الديمقراطي المسيحي، بتصنيف دول إضافية كـ”دول آمنة” من أجل تسهيل عمليات الترحيل إليها، وعلى رأس تلك الدول ذكر الدول المغاربية بالاسم.
وقال في تصريح لمجموعة صحف مجموعة فونكه الإعلامية: “مولدوفا وجورجيا وتونس والمغرب والجزائر والهند هي دول منشأ بمعدلات اعتراف ضعيفة من حيث اللجوء. ويجب الاعتراف بهذه الدول كدول منشأ آمنة كاملة، حتى نتمكن من الترحيل الفوري”.
وارتفع عدد طلبات اللجوء المقدمة في ألمانيا خلال 2023. ووفقاً لبيانات المكتب الاتحادي لشؤون الهجرة واللاجئين، وصل عدد الأشخاص الذين قدموا طلبات لجوء في النصف الأول من العام الجاري إلى 175 ألف و272 شخصاً، بزيادة بنسبة تقارب 78% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.
وعلى تلك الأرقام علق ميرتس: “نحن نتعامل مع أزمة لاجئين كبرى، هي الثانية بعد سنوات 2015 /2016”. وحمل ميرتس على حزب الخضر، العضو في الائتلاف الحاكم في برلين فقال: “حزب الخضر ينفي وجود هجرة غير قانونية”.
وبالفعل يعارض حزب الخضر مسعى تصنيف بعض الدول كـ “دول آمنة”، وخاصة في الجزائر، الذي يرى الرئيس المشارك في الحزب، أوميد نوريبور، أن وضع حقوق الإنسان فيها “إشكالي” للغاية”، بحسب ما نقل عنه موقع “تاغسشاو” الألماني.
وجرت عدة محاولات في الماضي لتصنيف بلدان المغرب العربي كبلدان منشأ آمنة، لكن الخضر أوقفوا مشروع القرار في مجلس الولايات “بوندسرات”.
جورجيا ومولدوفا
والمقصود بالأوطان الآمنة هي الدول التي يُفْتَرَض أنه لا يوجد بها في الحالة العادية اضطهاد ولا معاملة غير آدمية ولا معاملة مهينة، ومن ثم فإن الأجنبي المنحدر من هذه الدول والراغب في اللجوء إلى ألمانيا لا يتهدده أي ضرر خطير في بلاده في حال عودته إليها.
ويسري هذا التصنيف في الوقت الراهن على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وغانا والسنغال والبوسنة والهرسك وصربيا ومقدونيا الشمالية وألبانيا وكوسوفو ومونتينغرو.
وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة الائتلافية، التي تضم حزب المستشار أولاف شولتس الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر (الليبرالي)، تعتزم إدراج مولودوفا وجورجيا، على الأقل، ضمن قائمة الأوطان الآمنة، وكان مجلس الوزراء الألماني أقر مشروع قانون بهذا الخصوص يوم الأربعاء (30 آب/أغسطس 2023) الماضي.
وحسب وزارة الداخلية الألمانية، وصل عدد طلبات اللجوء المقدمة من مواطنين من جورجيا إلى 6612 طلباً ومن مواطنين من مولدوفا إلى 1910 طلبات في الفترة بين كانون الثاني/يناير حتى نهاية تموز/يوليو الماضيين.
وذكر مشروع القانون أن غالبية طلبات اللجوء المقدمة من مواطني جورجيا وجمهورية مولدوفا يتم رفضها، وتابعت أن “معدل الاعتراف بالحق في اللجوء من مواطني هاتين الدولتين وصل في العام الماضي وفي النصف الأول من 2023 إلى أقل من 0.1%”.
وتحتل جورجيا في الوقت الراهن المركز السادس في قائمة الدول التي ينحدر منها أكبر عدد من طالبي اللجوء لألمانيا، ويسبقها في الترتيب سوريا وأفغانستان وتركيا وإيران والعراق.
انتقادات
ووجه “مهمت دايماغولر”، مفوض الحكومة الألمانية لمكافحة “معاداة الغجر”، انتقادات صريحة لمشروع القانون. ووفق منظمة “برو أزول”، المدافعة عن اللاجئين، يتعرض أفراد مجموعة الروما العرقية للتمييز في مولدوفا.
وفي جورجيا، أفادت المنظمة الحقوقية بـ”تراجع” فيما يتعلق بالديمقراطية وسيادة القانون.
وذهبت كلارا بونغر، المتحدثة باسم سياسة اللاجئين في كتلة حزب اليسار في البوندستاغ (البرلمان الألماني)، في نفس الاتجاه فقالت: “جورجيا، على وجه الخصوص، معروفة باضطهاد المثليين. إن تصنيفها كبلد أصلي آمن يرسل إشارة خاطئة إلى الفارين منها”.
الجدير بالذكر أن القانون الألماني يسمح بتقديم اعتراض على قرار رفض طلب لجوء مواطني “الدول الآمنة”، بيد أن حكم المحكمة قد يستغرق شهوراً أو حتى سنوات. ويتلقى مقدم الاعتراض في هذه الفترة مساعدات اجتماعية من الدولة الألمانية.
خلافات في أروقة الائتلاف الحاكم
يدفع الحزب الديمقراطي الحر في اتجاه تصنيف المزيد من البلدان كدول “منشأ آمنة”، وكذلك وزيرة الداخلية المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي نانسي فيزر، بيد أن الحزب الثالث الشريك في الائتلاف الحاكم، حزب الخُضر، هو الوحيد من يمانع.
ويرى الرئيس المشارك في الحزب أوميد نوريبور، أن مفهوم البلدان الأصلية الآمنة مفهوم خاطئ: “لا نعتقد أن هذا سيحل أي مشاكل. وفي الوقت نفسه، سيعطي التصنيف حجة مجانية للدول المصنفة، التي ستأتي بعد ذلك وتجادلنا بأن وضع حقوق الإنسان فيها غير إشكالي”، حسب ما نقل عنه موقع “تاغسشاو”.
ولكن فيما يخص تصنيف مولدوفا وجورجيا لا يبدو أن الحزب عازم على عرقلة مشروع القرار. وبرر أوميد نوريبور ذلك بأن كلا البلدين في طريقهما إلى الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وتحدث عن “التقدم في سيادة القانون”.
ولا يزال مشروع القانون الخاص بجورجيا ومولدوفا في حاجة إلى الحصول على موافقة البرلمان ومجلس الولايات.