أرقام كورونا لبنان مطمئنة…ولكن
قلّما سجّل لبنان، منذ انتشار فيروس كورونا، يومَي السبت والأحد، أرقاماً فاقت بارتفاعاتها تلك المسجلة خلال أيام الأسبوع. عادة تنخفض الإصابات في العطلة بسبب تراجع عدد فحوص الـpcr، وإقفال معظم المختبرات، إلا أن وصول الحالات الإيجابية الى أكثر من 1319 خلال الساعات الـ24 الماضية، دق مجدداً ناقوس الخطر. أضيف إلى هذه الأرقام، انتشار متحور “أوميكرون” الجديد، الذي دفع عدداً من الدول الى إقفال حدودها بوجه تلك التي اكتشفت فيها حالات مصابة بالسلالة الجديدة وخصوصاً جنوب أفريقيا، فضلاً عن عودة كورونا بشكل مخيف إلى المدارس، على الرغم من محاولات ضبط هذا الموضوع. هذه الأجواء الوبائية، تسبق عطلة الأعياد، إذ تكثر اللقاءات والاجتماعات العائلية، ولم ينس لبنان بعد، كارثة العام الماضي واضطرار الحكومة الى اتخاذ قرار قضى بإغلاق البلاد كلياً بعد عيد رأس السنة.
هذا العام، تبدو الأمور أسوأ. من الصعب السير بقرار اقفال تام في بلد تمزّق اقتصادياً ومعيشياً، ومن المستحيل الاتكال على المستشفيات التي تحتاج بدورها إلى عملية جراحية تنقذها من أزماتها الاقتصادية واللوجستية، ليبقى اللبناني كالعادة واقفاً “بين شاقوفين”، غير قادر على تحديد أيهما أكثر أولوية، صحته أم لقمة عيشه.
وإذا كان التلقيح أحد الحلول الأساسية، لا سيما أن نسبة الملقحين لم تتجاوز الـ40%، إلا أن لبنان يحتاج الى قرارات جذرية وحازمة، وهذا ما انكبت عليه الإثنين وزارة الصحة بالتعاون مع اللجنة العلمية لفيروس كورونا، وفق مصادر معنيّة في الوزارة، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، فيما لا يزال قسم لا يُستهان به من اللبنانيين يسخر من الفيروس ولقاحاته غير آبه بحياته وحياة المحيطين به، في لا إنسانية قلّ نظيرها.
رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي، لا يبدي تفاؤلاً إزاء المتحور الجديد، لكنه في المقابل لا يرى ضرورة اتخاذ أي إجراءات استثنائية أو شديدة القساوة، لأن الموضوع لا يزال في نطاق مقبول.
يجدد في حديث لموقع “القوات”، التأكيد على ضرورة التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية الشخصية من ارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي الى سهرات المنازل وتجمّعات مناسبات الأحزان والأفراح، واقتصارها على أعداد قليلة، إضافة الى وعي المدارس وجهوزيتها لكيفية تحرك الطلاب والجسم التعليمي والإداري ومواكبة هذه العملية، واتخاذ كافة الإجراءات الوقائية المتعلقة بالتجمعات.
يتوقف عراجي عند المعلومات المتعلقة بالمتحور الجديد السريع الانتشار، والذي يحتوي على ثلاثين طفرة جينية على الشوكة البروتينية، وهذا ما يخيف العلماء، لاحتمال تهرّبه من مناعة التطعيم، موضحاً أنه على الرغم من إعلان جنوب افريقيا أن “أوميكرون” ليس أخطر من المتحوّرات التي سبقته، تدرس منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع مراكز البحوث العالمية وضع هذا المتحور وما إذا كان مُتهربا من اللقاح أو أشد خطراً من سابقاته، علماً أن البيانات تحتاج أقله الى أسبوعين، على أن يبنى بعدها على الشيء مقتضاه.
يلفت الى أن لجنة كورونا مطالبة باتخاذ الإجراءات المناسبة بعدما بات المتحور الجديد القادر على الانتقال بسرعة، موجوداً في معظم دول العالم. وإذ يُطمئن بالا رحلات مباشرة مع دول جنوب أفريقيا، يشدد على ضرورة أن يخضع القادمون من تلك الدول لحجر لا يقل عن 14 يوماً، مع التأكد من سلبية فحوصات الـpcr، وتشديد الإجراءات في المطار، من خلال ضبط الفوضى وقلة التنظيم واحترام مبدأ التباعد الاجتماعي، لافتاً الى أنه أبلغ وزير الصحة فراس أبيض ضرورة تنظيم الإجراءات في المطار لا سيما لجهة إجراء فحوصات الـpcr.
يستبعد عراجي وجود أي اتجاه لإقفال البلد، إذ إنه وعلى الرغم من ارتفاع الأعداد، لا تزال الأمور ضمن المقبول، أما إذا تبين أن “أوميكرون” شديد الخطورة ويصيب الملقحين كما غير الملقحين ويؤثر عليهم، فطبعاً هناك إجراءات شديدة القساوة ستتخذ، على أن يكون الاقفال التام من ضمنها.
يضيف، “دخول المرضى الى العنايات المركّزة يحدد متى يصبح البلد في الـLockdown، علماً أن عدداً من المستشفيات أقفل أقسام كورونا، فتراجع عدد الأسرة من 2500 سرير الى 900، 400 منهم شاغراً بين عناية مركزة وسرير عادي، إلا ان وزارة الصحة طالبت منذ أيام بإعادة فتح أقسام كورونا التي أغلقت في المستشفيات، ما يعني أنه إذا وصلنا إلى مرحلة لم تعد فيها أسرة العناية الفائقة قادرة على استيعاب المرضى، فمن الطبيعي أن تتخذ الإجراءات الشديدة.
يذكّر عراجي بأن 5 بالمئة فقط ممن تلقوا جرعتي كورونا احتاجوا الى عناية مركزة، من هنا ضرورة تلقي اللقاح، الذي تبقى فعاليته جيدة أمام خطر الموت للحماية من “أوميكرون” حتى لو تبيّن في الدراسات العالمية أنه لا يستجيب للقاح.