أبرزشؤون لبنانية

افتتاحية اليوم: السرقات ملف مقلق

في ظلّ تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في لبنان، يُسجّل ارتفاعٌ مقلقٌ في معدّلات السرقة بمختلف أنواعها، من سرقة سيارات ودراجات نارية، ومنازل، إلى نشل المارّة وخطف الهواتف على الطرقات، ما يعكس انفلاتًا أمنيًا بات يؤرّق اللبنانيين في يومياتهم.

ووفق تقارير أمنية، فقد ارتفعت نسبة السرقات في مختلف المناطق اللبنانية بنسبة تتجاوز الـ30% خلال الأشهر الستة الماضية مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي، مع تسجيل عشرات الحالات يوميًا في بيروت والضواحي، إضافةً إلى البقاع والشمال والجنوب.

وتتنوع أساليب السرقة بين النشل السريع في الازدحام، وسرقة السيارات وتفكيكها لبيعها كقطع غيار، وصولًا إلى السطو المسلّح على محالّ تجارية وصيدليات. حتى الأسلاك الكهربائية وأغطية المجاري لم تسلم من “غزوة” السارقين، في مشهد يعكس هشاشة الرقابة وغياب الردع.

فالمواطن اللبناني، المثقل بالأزمات المعيشية، بات يشعر أنه غير آمن حتى في منزله، حيث يعيش في قلقٍ دائمٍ لأنه لا يعرف متى يكون هو الهدف.

وفي هذا الإطار، يعبّر عددٌ من المواطنين في مناطق عدّة عن استيائهم من تراجع دور الدولة، وغياب الإضاءة في الشوارع ليلًا، وانخفاض عديد الدوريات الأمنية، ما يتيح مجالًا واسعًا أمام المجرمين.

لكن، وبينما تتزايد الدعوات لتعزيز الأمن وتفعيل القضاء، يرى مراقبون أن معالجة هذه الأزمة لا يمكن أن تكون أمنية فقط، بل تتطلّب خطةً شاملةً تعالج الأسباب الاجتماعية والاقتصادية التي تُغذّي الجريمة، لأن الفقر وانعدام الأمل واليأس من الإصلاح، كلّها تُشكّل بيئةً خصبةً للجريمة، وما نراه اليوم هو نتيجة طبيعية لسنواتٍ من الإهمال وانعدام المحاسبة.

وإذا كانت وزارة الداخلية تتحدّث عن خططٍ لتعزيز الحضور الأمني في المناطق الحساسة، فإن الواقع على الأرض يبدو أكثر تعقيدًا، في ظلّ نقصٍ في التمويل، وانخفاض رواتب عناصر القوى الأمنية، وحتى نقصٍ في المعدات والوقود.

وفي المقابل، فإن المواطن لم يعد يملك ترف انتظار المعجزات. وبين صمت الدولة وتجرّؤ اللصوص، تبقى الحياة اليومية رهينة الخوف والقلق، وسط مطالباتٍ متزايدة بتحمّل المسؤوليات وتفعيل سلطة القانون قبل أن تفلت الأمور من عقالها بالكامل، على غرار ما كان يحصل خلال الحرب الأهلية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى