رأي

سجن الإعلاميين في عصر الذكاء الاصطناعي!

كتب داهم القحطاني في صحيفة القبس.

كان منظراً يثير الدهشة ونحن نشاهد وزير الإعلام عبدالرحمن المطيري يقدم عرضاً في مكتبة الدولة عن مشروع قانون إعلام قمعي يقيد حرية الصحافة في الكويت.

الكتب حول الوزير تدعو لحرية الرأي، وحرية التعبير، والوزير الأنيق يحاول أن يعطي لقانونٍ يسجن الصحافيين ويدمر الصحافة الكويتية صورة عصرية وحضارية.

المثير للدهشة أيضاً أن العرض الفني والتقني للقانون كان يفترض أن يصدر بالأصل من المسؤولين التنفيذيين في الوزارة، وليس من الوزير، فالوزير منصب سياسي بالأصل، وكان يفترض أن يترك المجال للوكيل والوكلاء المساعدين الفرصة لعرض ما لديهم، فمشروع القانون يفترض أن يكون قد جرى إعداده من هؤلاء المسؤولين، ولم يكن مجرد صياغة أعدت على عجل بهدف القول إنه لدى وزير الإعلام مشروع جديد يتعلق بالإعلام.

الأمر الذي لم يقم الوزير بشرحه ولم يتطرق له السبب وراء تقديم وزارة الإعلام لمشروع الإعلام الموحد فليس هناك فراغ تشريعي يتعلق بأي مرفق إعلامي، والقوانين الإعلامية الحالية واضحة وسهل الوصول إليها، والقول إن الهدف من تقديم مشروع القانون جمع القوانين الإعلامية في قانون واحد لا يمكن أن يصدر من رجل الدولة، فجمع القوانين يتم عبر ملف أو كتيب، ولا يتطلب الأمر جمع المواد القديمة في تشريع جديد لمجرد الترتيب.

وبالطبع لا يمكن تصديق أن الهدف من تقديم مشروع القانون التناغم مع العصر، لأن المشروع لم يتضمن أي حرف عن الذكاء الاصطناعي أو الأمن السيبراني، فكل ما قدمه الوزير مجرد صياغة تقليدية أعدت من قبل خبراء قانونيين عرب تعودوا في صياغاتهم على تقييد حرية الصحافة، وعلى تكثيف العقوبات، وقمع حرية التعبير.

هل أعد مشروع القانون خبراء تشريع كويتيون من ذوي الخبرة في المجال الإعلامي وهم كثر؟ ومنهم من أصدر كتباً في التشريعات الإعلامية كالدكتور ناهس العنزي؟ بالطبع لا، فالخبراء الكويتيون الحقيقيون ممنوعون من المشاركة في العمل الحكومي؛ لأن وجودهم يحرج الوزراء الذين تعودوا على الطاعة العمياء، ولا يقبلون أي رفض لبعض أفكارهم رغم أنها لا تناسب المجتمع والدولة.

وزير الإعلام رغم صغر سنه النسبي وأناقته، يعتبر امتداداً لوزراء الإعلام التقليديين الذين لا يقدمون سوى القوانين القمعية ولا تسمع منهم أي تطوير للإعلام.

خلال لقاء الوزير انتقده بعض المشاركين في التعقيبات، ومنهم من قال إن الصحافيين في الكويت توقعوا أن يكون مشروع القانون داعماً للصحافيين والإعلاميين؛ لكنهم فوجئوا بأنه قانون لا يزال يفرض السجن على الصحافيين.

مشروع القانون بحد ذاته فضيحة تشريعية فالمشروع به عقوبات سجن جديدة لم تكن في قوانين الإعلام السابقة، كما أنه ينتقم من الإعلاميين برفع قيمة الغرامات المالية إلى مبالغ خيالية، ما يهدد حرية الصحافة، كما أن المشروع يضيِّق الخناق على الصحف الإلكترونية، والحسابات الإخبارية فرسوم الترخيص ارتفعت من 500 دينار كل 10 سنوات إلى 20 ألف دينار كل 5 سنوات كما تمت مطالبة الصحف الإلكترونية بإصدارها عن طريق شركة مرخصة لها مقر بدلاً من السماح في القانون الحالي بأن يكون مقرها عنوان مقدم الترخيص.

هذا التضييق يتنافى مع أبسط معنى لحرية الصحافة.

للأسف في مكتبة الدولة جرى الترويج لمشروع قانون ينتهك حريات التعبير، والنشر، والصحافة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى