صندوق النقد الدولي يشيد بنجاح التحول الاقتصادي في السعودية
أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي حقق تقدماً ملحوظاً في إطار التحول الاقتصادي غير المسبوق الذي تشهده المملكة، والتي نجح في دفع جهود التحديث والتنويع وفقاً لرؤية 2030. وتوقع نمواً غير نفطي بواقع 4.4 في المائة على المدى المتوسط، مثنياً على التزامها بخفض صافي الانبعاثات إلى الصفر
وكان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي اختتم في أواخر يوليو (تموز) 2024 مشاورات المادة الرابعة لعام 2023 مع السعودية.
وعقد رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى السعودية، أمين ماتي، عبر الإنترنت مؤتمراً صحافياً عرض فيه نتائج تقييم الصندوق لاقتصاد المملكة.
وقال ماتي إن الاقتصاد السعودي حقق تقدماً ملحوظاً في إطار التحول الاقتصادي غير المسبوق الذي تشهده المملكة، حيث نجحت في دفع جهود التحديث والتنويع وفقاً لرؤية 2030.
وأوضح أن السعودية أجرت مؤخراً دراسة تحليلية حول الحيز المالي، مما ساعد في إعادة معايرة الإنفاق الاستثماري وفقاً لرؤية 2030 من خلال ترتيب المشروعات حسب أولوياتها واعتماد استراتيجيات قطاعية متكاملة.
أداء الاقتصاد والنمو غير النفطي
وقال ماتي «أدى انخفاض إنتاج النفط إلى انكماش النمو الكلي بنسبة 0.8 في المائة في عام 2023، بينما سجل الناتج المحلي غير النفطي نمواً ملحوظاً بلغ 3.8 في المائة، مدعوماً بشكل رئيسي بالاستهلاك الخاص والاستثمارات غير النفطية. وبلغ معدل البطالة أدنى مستوياته التاريخية، وظلت معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة أعلى بكثير من نسبة الثلاثين في المائة المستهدفة في إطار رؤية 2030. وحتى الآن، لم يشهد الاقتصاد السعودي انعكاسات كبيرة نتيجة الأحداث الجغرافية والسياسية الجارية».
التضخم والحساب الجاري
ولفت ماتي إلى أن معدل التضخم الكلي شهد تراجعاً ملحوظاً، فبعد أن بلغ ذروته عند 3.4 في المائة في يناير (كانون الثاني) 2023، تراجع على أساس سنوي إلى 1.6 في المائة في مايو (أيار) 2024، مدعوماً بارتفاع سعر الصرف الفعلي الاسمي. كما سجل فائض الحساب الجاري تراجعاً ملحوظاً ليصل إلى 3.2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في عام 2023، وهو ما يعكس بشكل رئيسي انخفاض صادرات النفط وقوة نمو الواردات المرتبطة بالاستثمار.
وأشار إلى أن المملكة تمكنت من التخفيف جزئياً من هذه العوامل بفضل الفائض غير المسبوق في رصيد الخدمات، بما في ذلك زيادة قدرها 38 في المائة في صافي الدخل من السياحة. ولا تزال الاحتياطيات وفيرة، حيث تغطي 15.8 شهر من الواردات و208 في المائة من مقياس صندوق النقد الدولي لتقييم كفاية الاحتياطيات بنهاية عام 2023.
قوة القطاع المصرفي
ولفت بشكل واضح إلى قوة القطاع المصرفي، حيث أظهرت اختبارات القدرة على تحمل الضغوط التي أُجريت في إطار برنامج تقييم القطاع المالي قدرة المصارف والشركات غير المالية على الصمود في مواجهة الصدمات، حتى في ظل السيناريوهات السلبية الشديدة.
ويتوقع الصندوق أن يصل النمو غير النفطي إلى 4.4 في المائة على المدى المتوسط عقب تراجعه في عام 2024، وهو ما يرجع في الغالب إلى نمو قوة الطلب المحلي مع تسارع معدلات تنفيذ المشروعات. كما أنه من المتوقع أن يساهم الإلغاء التدريجي لتخفيضات إنتاج النفط في تعزيز النمو الكلي ليصل إلى 4.7 في المائة في عام 2025، قبل أن يبلغ متوسطه 3.7 في المائة سنوياً بعد ذلك. وتوقع أن يظل التضخم قيد السيطرة، مدعوماً بمصداقية نظام ربط سعر الصرف بالدولار الأميركي واتساق السياسات المحلية.
توصيات المديرين التنفيذيين
وفي بيان عن الصندوق، اتفق المديرون التنفيذيون مع الخط العام لتقييم خبراء الصندوق. وأشادوا بما تشهده المملكة حالياً من تحول اقتصادي مدعوم بجهودها المستمرة نحو تنويع الأنشطة الاقتصادية في إطار رؤية المملكة 2030. ورحب المديرون بقوة النشاط الاقتصادي غير النفطي، واستقرار معدلات التضخم، والتراجع القياسي في معدلات البطالة، ووفرة الهوامش الوقائية المالية والخارجية.
وأيدوا إعادة معايرة الإنفاق الاستثماري، حيث ساعد في الحد من مخاطر فورة النشاط الاقتصادي. ومن شأن الإعلان عن التأثير المباشر لذلك على أهداف رؤية 2030 أن يساعد في إبراز أولويات الحكومة ودعم توقعات المستثمرين.
كما اتفق المديرون على أن ربط سعر الصرف بالدولار الأمريكي لا يزال ملائماً للأوضاع الاقتصادية في المملكة، وأكدوا على ضرورة تنسيق تحركات سعر الفائدة الأساسي مع سعر فائدة الاحتياطي الفيدرالي. ورحبوا بمواصلة استخدام أدوات السياسة النقدية القائمة على السوق، وشددوا على أهمية استكمال إطار مساعدات السيولة الطارئة.
كذلك رحب المديرون بنتائج تقييم استقرار القطاع المالي التي أكدت قوة النظام المصرفي وقدرته على الصمود في مواجهة الصدمات. وأشادوا بالجهود الحكومية القوية لتحسين بيئة الأعمال، بما في ذلك تسريع التحول الرقمي وتعزيز الحوكمة. كما تطلعوا إلى مواصلة العمل على تعزيز كفاءة الاستثمارات وتعميق إصلاحات سوق العمل لزيادة مشاركة النساء في القوى العاملة وتقليص أي فجوات محتملة في الأجور.
وأوصوا بأن تظل السياسات الصناعية أداة مكملة لخطة الإصلاحات الهيكلية وأكدوا أن المملكة لا تزال ممتثلة لقواعد منظمة التجارة العالمية، وأثنوا على التزام المملكة بتخفيض صافي الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2060، مع تسليط الضوء على التقدم المحرز في مجالي الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة.