رأي

إلى الشيخ ” المفكر” محمد الصباح… هذه ملاحظاتنا!

كتب عبد الرحمن المسفر في صحيفة السياسة.

نختتم في الجزء الثالث والأخير من سلسلة مقالاتنا الموجهة لسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ الدكتور محمد الصباح باستعراض ما تبقى من ملاحظات حول ما طرحه في لقائه مع رؤساء تحرير الصحف، وانعكس في برنامج عمل الحكومة الذي قُدم أخيراً إلى مجلس الأمة على النحو الآتي:
1 – نجحت حكومة الشيخ محمد الصباح بصعوبة شديدة في تأجيل قوانين الزيادات المالية مدة شهر، وهذا مؤشر سلبي قد ينذر في المستقبل القريب، وحتى قبل انقضاء المهلة المحددة، بتقديم سلسلة استجوابات، ربما تمتد إلى رئيس مجلس الوزراء، وها هي بوادر العواصف بين الحكومة والمجلس بدأت تُطل من نافذة الجدل القائم حول شطب كلمة النائب عبدالكريم الكندري من المضبطة على خلفية مداخلته أثناء مناقشة الخطاب الأميري، والحبل على ما يبدو سيكون على الجرار. أمام هذا المشهد المرتبك ليس بوسع سمو الشيخ محمد كي يخرج، هو وفريقه الوزاري من عنق الزجاجة، إلا أن يعيد ترتيب أوراقه السياسية، أولا مع مجلس الأمة، وخلق لوبي سياسي، ونيابي، وإعلامي مساند له في تحقيق برنامجه الاقتصادي الإصلاحي، وكذلك مختلف القضايا والملفات وبخاصة الشعبية منها.
ثانيا صياغة خطة إعلامية فكرية قادرة على إقناع الرأي العام بجدوى الخطوات التي يخطوها الشيخ محمد في ذلك الشأن وغيره من المستجدات، لا سيما في ما يتعلق بإيجاد حيز فعال من تلك الجهود لتحسين الحالة المعيشية للمواطنين، بمفهوم العدالة الذي أطلقه، وشَرحه أمام وسائل الإعلام.
والتقط هنا من الذاكرة ما فعلته حكومة الشيخ ناصر المحمد وقت وجودها من خلال نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور إسماعيل الشطي، الذي أوصى بتشكيل لجنة متخصصة من وزارة الإعلام، بمشاركة شخصيات مهمة في مجلس الوزراء لوضع رؤية لتسويق التوجهات والمشاريع الحكومية، وكان ذلك عام 2007.
لكن لم يُكتب لهذه الفكرة الاستمرار، أو حتى ترجمة رؤاها واقعيا، لأسباب عديدة، يقع في مقدمها التجاذب السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة.
2 – أحد المسارات التي ينبغي أن تسعى الحكومة للتأكيد عليه، والمباشرة بتفعيل إجراءات العمل به، هو “ترشيق الأجهزة الحكومية”، بمعنى التخلص من الهياكل التنظيمية المتضخمة في الجهات الرسمية، والمتقاربة في الاختصاصات والمهمات، وذلك عبر الإلغاء، أو الدمج، أو الإلحاق، مع ضرورة تطبيق معايير الحوكمة.
وأيضا الإسراع في بلورة رؤية معاصرة لما يسمى الحكومة الرقمية التي سبقتنا إليها، وبأشواط كبيرة، دول “مجلس التعاون”الخليجي.
ولعل الاستفادة من محيطنا الخليجي، وخصوصا السعودية وقطر والإمارات، يعد أمرًا جيدا من خلال تبادل الخبرات، وإرسال الوفود التقنية، والخضوع للتدريب النوعي.
كما أن ترشيد النفقات الدفاعية، بإعادة التوجيه المدروس، يمكن أن يثمر في ضبط الموازنة العامة للدولة، وثمة دراسات وبحوث، عربية وأجنبية، منشورة تتعلق بفلسفة تقنين الإنفاق الدفاعي من دون أن يؤثر ذلك على متطلبات الأمن الوطني.
3 – ما زال في جعبتنا الكثير الذي يمكن أن نسوقه كملاحظات حيوية ونقاط جوهرية، غير أننا آثرنا إبراز الأهم في مقالاتنا ذات الأجزاء الثلاثة.
أما من حيث الحلول العميقة التي مازلنا نتمسك بها، ونعتقد أنها الخيار الأنجع للخروج من هذه الدوامات السياسية، فتتلخص، كما كررنا سابقا، بضرورة التفكير جديا بتعديل الدستور، أو استحداث آخر لمواكبة المستجدات الحياتية والحاجات البشرية الملحة، ليكون ذلك الانتقال هو البوابة العريضة لتطوير الحياة السياسية، والمدنية، والمؤسساتية، وتجديد حيوية الدولة وهويتها.
وقد تدفعنا هذه الانعطافة المستحقة إلى آفاق رحبة، مثل اقتراح صيغة بديلة تكون أكثرا رشدا وفاعلية من مجلس الأمة، بقالبه الحالي، وإصدار حزمة قوانين ثورية تقودنا إلى انفتاح اقتصادي، وسياحي، وحضاري غير مسبوق، لنستعيد حينئذ الريادة التي تربعنا على عرشها عقودا من الزمن، وفقدناها نتيجة الانتكاسات والتراجعات التي ليست بخافية على أحد.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى