خاصأبرزرأي

براك يرمي كرة ملتهبة بين يدي الحكومة

حسين زلغوط
خاص_ “رأي سياسي”:

في زيارة بدت وكأنها صفارة إنذار أو فرصة أخيرة للبنان، تسلّم السفير الأميركي في تركيا والمبعوث الخاص إلى سوريا، توماس براك، من رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون، ورقة أفكار لبنانية تتناول رداً شاملاً على الورقة الأميركية بشأن سلاح حزب الله.
السفير براك، لم يُخفِ ارتياحه لنبرة الرد اللبناني، لكنه ألمح بشكل غير مباشر إلى أن واشنطن لم تتلقَ بعد الضمانات التي كانت تنتظرها، لا سيما في الشق المتعلق بـحصر السلاح بيد الدولة، وفتح حوار داخلي حول مستقبل سلاح حزب الله. “لا أحد أفضل من اللبنانيين لاختيار السُبل المناسبة”، قال براك، واضعاً الكرة في ملعب الحكومة اللبنانية، ولكن مع إبقاء علامات استفهام كبيرة معلقة.
التصريح حمل الكثير من الإيحاءات: هل هو تفويض أميركي ضمني للحكومة اللبنانية بفتح “صندوق باندورا” الداخلي؟
أم هو بداية لفصل جديد من الضغط الناعم على الدولة اللبنانية، التي وُضعت تحت مجهر التجربة؟
من اللافت أن السفير براك أشار إلى أنه لم يُنهِ قراءة الرد اللبناني بكامله، ومع ذلك أعلن “رضاه الكبير” و”الامتنان”.
هذا التناقض الظاهري يعكس حقيقة واضحة ان الملف اللبناني لم يعد يُدار فقط من واشنطن، بل بالتنسيق شبه الكامل مع تل أبيب.

وباتت تُطرح في الكواليس، تساؤلات عما إذا كانت واشنطن تتجه فعلاً إلى سحب يدها من الوساطة، وترك الأمر للبنانيين كي يصطدموا ببعضهم البعض.

تصريح براك الذي وصف حزب الله بـ”الحزب السياسي”، لم يكن مجاملة. بل هو محاولة ذكية لخلق تمايز داخل المؤسسة اللبنانية، وربما لإشعال خلاف داخلي بين من يريد مواجهة الحزب عسكرياً أو دبلوماسياً، ومن يرى أنه شريك أساسي في البنية السياسية.

ما بعد زيارة براك هناك سيناريوهات مفتوحة، اولها مهلة جديدة مشروطة: تعطي واشنطن بيروت فترة محددة لإظهار تقدّم ملموس في ضبط القرار العسكري والسياسي.

ثانياً: مواجهة دبلوماسية ناعمة: قد تتخذ واشنطن خطوات تصعيدية، مثل تقليص المساعدات أو توجيه اتهامات علنية ضد شخصيات لبنانية، كأداة ضغط على الدولة.
ثالثا: تدويل الأزمة اللبنانية: في حال فشل الدولة في التقدم، قد يُطرح لبنان على طاولة التدويل الأمني – السياسي، مع فرض آليات رقابة أممية أو أوروبية على الموانئ والحدود.

من الواضح ان براك رمى الكرة في ملعب الدولة، لكنها كرة ملتهبة، وإذا لم تُحسن السلطة اللبنانية التعامل معها بحكمة ودقة، فإن مرحلة ما بعد براك قد تكون مواجهة غير معلنة، تبدأ من الداخل وتتمدّد إلى علاقات لبنان الإقليمية والدولية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى