رأي

ولاية ثانية لبايدن؟..كيف ستكون سياسة هاريس الخارجية لو فازت؟

من المتوقع أن تحافظ كامالا هاريس إلى حد كبير على نهج بايدن في السياسة الخارجية إزاء ملفات كالصين وإيران وأوكرانيا، بيد أنها قد تتبنى لهجة أكثر صرامة مع إسرائيل بشأن حرب غزة إذا حصلت على ترشيح حزبها وفازت في الانتخابات.

باعتبارها المرشحة الأوفر حظا للفوز بترشيح الحزب بعد  انسحاب الرئيس جو بايدن من السباق ودعمه لها، ستجلب  كامالا هاريس  خبرات اكتسبتها أثناء العمل، وعلاقات شخصية مع قادة من حول العالم، وإلماما بقضايا عالمية اكتسبته خلال عضويتها في مجلس الشيوخ وموقعها نائبة لبايدن حتى الآن.

لكن بخوضها الانتخابات ضد المرشح الجمهوري دونالد ترامب ستكون لديها أيضا نقطة ضعف كبيرة، وهي الوضع المضطرب على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك الذي أربك بايدن وأصبح قضية رئيسية في حملته الانتخابية.

وجرى تكليف هاريس في بداية فترة ولايته بمعالجة الأسباب الجذرية لارتفاع معدلات الهجرة غير الشرعية، وسعى الجمهوريون إلى تحميلها تبعات المشكلة.

ولاية ثانية لبايدن؟

وفيما يتعلق بمجموعة من الأولويات العالمية، قال محللون إن رئاسة هاريس ستشبه ولاية ثانية لبايدن.

وأوضح آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق في الشرق الأوسط لإدارات ديمقراطية وجمهورية: “قد تكون لاعبا أكثر نشاطا، لكن هناك شيئا واحدا لا ينبغي أن تتوقعه، وهو أي تحولات كبيرة فورية في جوهر سياسة بايدن الخارجية”.

فعلى سبيل المثال، أشارت هاريس إلى أنها لن تحيد عن دعم بايدن القوي لحلف شمال الأطلسي وستواصل دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا.

الإبقاء على السياسات الخارجية المتعلقة بالصين؟

واجهت هاريس،  المحامية التي شغلت منصب المدعي العام السابق  لولاية كاليفورنيا، في النصف الأول من رئاسة بايدن صعوبة في التأقلم مع واقعها الجديد، لكن لم يساعدها تحملها مسؤولية ملف الهجرة غير الشرعية القياسية بين المكسيك والولايات المتحدة من بداية ولاية بايدن.

وفشلت هاريس في الفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لخوض الانتخابات الرئاسية في عام 2020، بعد حملة انتخابية اعتبرت على نطاق واسع بأنها باهتة.

وإذا نجحت هاريس في الفوز بترشيح الحزب هذه المرة، يأمل الديمقراطيون أن تكون أكثر قدرة على الترويج لسياسات برنامجها الانتخابي الخارجية.

وفي النصف الثاني من رئاسة بايدن، عززت هاريس، وهي أول نائبة رئيس أمريكي تنحدر من أصول إفريقية وآسيوية في البلاد، مكانتها في قضايا تتنوع من الصين وروسيا إلى غزة وأصبحت شخصية معروفة لدى العديد من زعماء العالم.

وفي مؤتمر ميونيخ للأمن ​​هذا العام ألقت خطابا شديد اللهجة انتقدت فيه روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا، وتعهدت باحترام الولايات المتحدة “الصارم” لمتطلبات المادة الخامسة من معاهدة حلف شمال الأطلسي المتعلقة بالدفاع المتبادل.

وقال الكرملين، الاثنين (22 يوليو/ تموز 2024)، إن هاريس لم تقدم أي مساهمة ملحوظة في العلاقات مع موسكو باستثناء تصريحات “غير ودية تجاه بلادنا”. واتهمت روسيا بشن حرب “همجية وغير إنسانية” في أوكرانيا.

وفيما يتعلق بالصين، أبقت هاريس نفسها منذ فترة طويلة ضمن التيار السائد بين الحزبين في واشنطن بشأن حاجة الولايات المتحدة لمواجهة نفوذ الصين، خاصة في آسيا. ويقول محللون إنها من المرجح أن تحافظ على موقف بايدن المتمثل في مواجهة بكين عند الضرورة، بينما تسعى أيضا إلى إيجاد مجالات التعاون.

وقامت هاريس بعدة رحلات تهدف إلى تعزيز العلاقات في منطقة آسيا المهمة اقتصاديا، منها رحلة إلى جاكرتا في سبتمبر/أيلول لتنوب عن بايدن في قمة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان). وخلال الزيارة، اتهمت هاريس الصين بمحاولة إجبار جيرانها الأصغر على مزاعم سيادتها على مناطق في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه.

وأرسل بايدن هاريس في زيارات لتعزيز تحالفات مع اليابان وكوريا الجنوبية اللتين يساورهما القلق إزاء التزام ترامب بأمنهما.

وقال موراي هيبرت، الباحث في برنامج جنوب شرق آسيا في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية: “لقد أظهرت للمنطقة أنها متحمسة لتعزيز تركيز بايدن على منطقة المحيطين الهندي والهادي”.

وأضاف أنها لم تكن قادرة على مضاهاة “المهارات الدبلوماسية” التي اكتسبها بايدن على مدى عقود، لكنها “قامت بعمل جيد”.

تباين مع بايدن في الموقف من إسرائيل

وإذا حملت هاريس لواء حزبها واستطاعت التغلب على تقدم ترامب في استطلاعات الرأي قبل الانتخابات، فسيحتل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مكانة متقدمة على جدول أعمالها، وخاصة إذا ظلت حرب غزة مستعرة.

ورغم أنها أيدت بايدن، كونها نائبته، في دعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعدما شنت حركة حماس التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية، هجوما على إسرائيل في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، فقد سبقت الرئيس أحيانا في انتقاد النهج العسكري لإسرائيل.

وقالت في مارس/ آذار إن إسرائيل لا تفعل ما يكفي لتخفيف “الكارثة الإنسانية” التي وقعت خلال اجتياحها البري لغزة. ولم تستبعد في وقت لاحق من ذلك الشهر ما ستشهده إسرائيل من “عواقب” إذا اجتاحت رفح المكتظة بالنازحين في جنوب القطاع.

ويقول محللون إن مثل هذه اللهجة أثارت احتمالا بأن  أقل ما ستتبناه هاريس هو لهجة أقوى من بايدن تجاه إسرائيل إذا تولت الرئاسة.

وبينما يتمتع رئيسها (81 عاما) بتاريخ طويل مع سلسلة من القادة الإسرائيليين لدرجة أنه وصف نفسه بأنه “صهيوني”، تفتقر هاريس (59 عاما) إلى هذا الارتباط الشخصي الشديد بإسرائيل.

وهي تحافظ على علاقات أوثق مع التقدميين الديمقراطيين الذين ضغط بعضهم على بايدن لفرض شروط على شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل بسبب القلق من ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين من المدنيين في صراع غزة.

لكن المحللين لا يتوقعون تحولا كبيرا في السياسة الأمريكية تجاه إسرائيل، أقرب حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط.

وقالت هالي سويفر، التي كانت مستشارة هاريس للأمن القومي من 2017 إلى 2018 عندما كانت في الكونغرس، إن هاريس كانت تدعم إسرائيل بنفس قوة بايدن. وأضافت “لا يوجد فرق يذكر” بين الاثنين.

ومن المتوقع أن تعقد هاريس اجتماعا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال زيارته المرتقبة لواشنطن، وهو أول لقاء لها مع زعيم أجنبي منذ انسحاب بايدن من السباق الرئاسي.

التهديد النووي الإيراني

ومن المتوقع أيضا أن تحافظ هاريس على ثباتها في مواجهة إيران، العدو اللدود لإسرائيل في المنطقة، والتي أثارت تطوراتها النووية الأخيرة إدانة أمريكية متزايدة.

وقال جوناثان بانيكوف، النائب السابق لمسؤول المخابرات الوطنية لشؤون الشرق الأوسط، إن تهديد “التسليح” المتزايد المتعلق بالبرنامج النووي الإيراني ربما يمثل تحديا كبيرا مبكرا لإدارة هاريس، لا سيما إذا قررت طهران اختبار الزعيمة الأمريكية الجديدة.

وبعد سلسلة من المحاولات الفاشلة، لم يبد بايدن اهتماما يذكر بالعودة إلى المفاوضات مع طهران للعودة إلى الاتفاق النووي المبرم عام 2015، والذي انسحب منه ترامب خلال فترة رئاسته.

ومن المستبعد أن تقوم هاريس، كرئيسة، بأي مبادرات كبيرة بدون وجود إشارات جدية على أن إيران مستعدة لتقديم تنازلات.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى