إشتعال المخاوف بشأن إمدادات القمح العالمية
يهدّد سوء الأحوال الجوية والحرب بإبقاء إمدادات القمح العالمية تحت الضغط، وإحياء شبح ارتفاع تكاليف الغذاء.
يواجه المزارعون عقبات عدة مثل الحقول الرطبة في أوروبا الغربية والتربة الجافة في أستراليا، وصولاً إلى تأخر إمدادات أوكرانيا نتيجة الحرب التي شنتها عليها روسيا. يعني ذلك أن المخزونات العالمية ستظل الأصغر حجماً منذ نحو عقد، وفقاً لمحللين شاركوا في استطلاع أُجري قبل صدور أول توقعات الحكومة الأميركية للموسم المقبل.
ساهمت وفرة المحاصيل في البحر الأسود في كبح الأسعار لفترة طويلة، ويجري تداول القمح بنصف سعره القياسي المسجل في 2022، لكن المخاوف بشأن الإمدادات تتصاعد مجدداً. وارتفعت العقود الآجلة لتبلغ أعلى مستوياتها منذ أغسطس، وقلصت الصناديق رهاناتها الهبوطية التي احتفظت بها لعامين تقريباً.
تعد تلك إشارة مقلقة بالنسبة للمستهلكين الذين وجدوا الراحة أخيراً من ارتفاع أسعار المواد الغذائية. ويمكن أن يؤدي أي ارتفاع مستمر إلى زيادة تكاليف الخبز والمعكرونة وإشعال الضغوط التضخمية على البنوك المركزية، مع ارتفاع محاصيل رئيسية أخرى مثل الكاكاو والقهوة هذا العام.
وقال جيمس بوليسوورث، العضو المنتدب لدى شركة «سي آر إم أغري كوموديتيز» (CRM AgriCustomities)، إن «الطلب ارتفع، ولا تزال المخزونات شحيحة عالمياً، كما تتصاعد مشكلات المحاصيل الجديدة».
ومع اقتراب موسم الحصاد في نصف الكرة الشمالي، تظل الأسابيع القليلة المقبلة حاسمة لنمو المحاصيل، وهذا يعني أنه لا يزال هناك وقت لتحسين الأمور أو تفاقمها. وفي ما يلي ملخص للظروف لدى كبار المزارعين:
جفاف البحر الأسود
تواجه روسيا، أكبر مصدر للقمح، مخاطر فقدان الرطوبة الضرورية، حيث خفّض المحللون تقديرات الحصاد وسط مواجهة أسابيع من الحرارة ونقص الأمطار في جنوب البلاد. وقالت مجموعة «كوموديتي ويذر غروب» (Commodity Weather Group) يوم الأربعاء الماضي إن نصف محاصيل القمح الشتوي في روسيا ستظل جافة للغاية خلال الأسبوعين المقبلين.
ولا يزال يتعين على روسيا أن تحصد محصولاً كبيراً، لكن هيمنتها على المحصول تعني أن أي صدمات في الأسعار المحلية ستنتقل إلى الأسواق الأخرى، مع العلم بأن القمح الروسي أصبح أكثر تكلفة مؤخراً.
حرب أوكرانيا
أثّر الجفاف أيضاً على مساحات واسعة من القمح الأوكراني في الأسابيع الأخيرة، لكن الحرب تُشعل مشاكل أخرى، فالهجمات على البنية التحتية الزراعية تهدد الصادرات، كما استنزفت القوى العاملة بسبب توجه الرجال للخدمة في الجيش.
ويمكن أن ينخفض إنتاج الحبوب في الموسم المقبل بنسبة 6% مقارنة بالعام الماضي، حيث يُتوقع أن يحوّل المزارعون أفدنة الحبوب إلى محاصيل أكثر ربحية مثل السلجم، أو «بذور اللفت».
أوروبا الغربية الممطرة
تضرر نمو المحاصيل في شمال غرب أوروبا بسبب الربيع الممطر، وقد تتأثر أيضاً جودة المحاصيل الشتوية، التي تحدد ما إذا كانت الإمدادات ستُستخدم للأغذية أم لأعلاف الحيوانات.
وفي فرنسا، فإن حصة القمح والشعير في أفضل الظروف ستتخلف كثيراً عن مستوى العام الماضي. كما أدت الأمطار إلى تباطؤ مساحات المحاصيل الربيعية في المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا.
وقال بينويت بيتريمنت، رئيس مجلس الحبوب في مكتب المحاصيل «فرانس أغري مير» (FranceAgriMer)، الشهر الماضي: «نحن قلقون بالطبع إزاء مسألة المناطق غير المزروعة نظراً لارتباطها بظروف الطقس».
أستراليا الجافة
أدى الصيف الجاف والحار في بعض مناطق أستراليا إلى جفاف التربة في وقت زراعة المحاصيل. ولا يزال المزارعون حذرين رغم أن الأمطار الأخيرة وفرت بعض الراحة في بعض مناطق ولاية أستراليا الغربية الرئيسية.
وقال دينيس فوزنيسينسكي، المدير المساعد للاقتصادات المستدامة والزراعية لدى «كومنولث بنك أوف أستراليا»، هذا الأسبوع، إن المحاصيل معرضة لخطر «الاحتراق» في الولاية إذا توقف هطول الأمطار بعد الإنبات، موضحاً أن ارتفاع أسعار القمح محلياً وعالمياً كان أسرع من المتوقع.
الولايات المتحدة الجافة
انتشر الجفاف على نطاق أوسع في حقول القمح الشتوي في الولايات المتحدة منذ أوائل أبريل، ولا يزال يشكل مصدر قلق للمحاصيل الربيعية، حتى وإن كانت التوقعات الأخيرة تشير إلى هطول أمطار. ومع ذلك، لا يزال هناك المزيد من القمح الشتوي الأميركي يتمتع بحالات أفضل من المعتاد في هذا الوقت من العام، وتظل المحاصيل الربيعية أعلى من متوسط الخمسة أعوام.
تظهر المخاوف بشأن المحاصيل في الأسعار، حيث يبدو مديرو الأموال الآن أقل تشاؤماً منذ تموز الماضي. لكن الأمور قد تتغير قبل بدء الحصاد الأول في نصف الكرة الشمالي خلال أربعة أسابيع تقريباً.
وقال مات أميرمان، مدير مخاطر السلع بشركة «ستون إكس» (StoneX)، إن «هناك الكثير من المخاطر المتعلقة بالطقس حتى الآن، والمحصول لم يكتمل بعد، وإذا هطلت الأمطار فستكون له قيمة… الأمر يظل الآن لعبة من نوع الانتظار والترقب».