هل نرى أونصة الذهب بــ2100 دولار قريبا؟
لا تزال الأنظار تتجه إلى الذهب باعتباره ملاذاً آمناً في ظل أوقات عدم اليقين الاقتصادي، وسط توقعات بارتفاع أسعاره إلى مستويات عالية في النصف الثاني من العام الحالي.
رغم ارتفاع الدولار الأميركي وانحسار الأخطار الجيوسياسية، والتوقعات برفع أسعار الفائدة من جانب البنوك المركزية، فإن ذلك كله لم يمنع مجموعة “Mks pamp” السويسرية المتخصصة في تصنيع وتداول الذهب، من الاعتقاد في اتجاه سعر الأونصة لاختراق مستوى 2100 دولار قبل نهاية عام 2023.
في تقرير توقعات أسعار منتصف العام، تشير المجموعة السويسرية، إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في المستقبل -رغم أن الأسواق مقتنعة بأننا نقترب من نهاية التشديد النقدي- لا يزال يمثل عبئاً متدفقاً على أسعار الذهب الصعودية الجامحة، وعلى رغم ذلك يميل المستثمرون إلى إعادة الانخراط بشكل تدريجي في الأصول عالية الجودة والملاذات الآمنة مثل المعادن الثمينة.
7 بنوك عالمية
قبل تقرير “Mks pamp” أجمعت سبعة بنوك عالمية قبل أيام، ضمت البنك الدولي، “مورغان ستانلي”، “يو بي أس”، “سوستيه جينرال”، “غروب كابيتال”، “ويلز فارغو”، وشركة “أليانز” على الارتفاع المحتمل بقوة في أسعار الذهب الفترة المقبلة، لأسباب تتعلق باستمرار طلب البنوك المركزية وبقاء الأخطار الجيوسياسية.
وتدعم مجموعة “Mks pamp” توقعاتها في شأن ارتفاع أسعار الذهب باستمرار طلب البنوك المركزية الرسمي والقوي على المعدن، وبقاء الأخطار الجيوسياسية رغم انحسارها إلى حد كبير العام الماضي، إضافة إلى مساعي الدول لإزالة الدولرة، وتسريع بناء الاحتياطات والأصول الأخرى، والطلب المحلي المرتفع من جانب تركيا والهند والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا، وإن ضعف الطلب من جانب الصين بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وضعف اليوان.
ترى المجموعة السويسرية أن الاضطرابات الاجتماعية المستمرة والمتصاعدة إضافة إلى ارتفاع مخاوف الديون ستظل داعمة لأسعار الذهب بقوة، لكن ارتفاع سعر الذهب إلى 2500 دولار للأوقية غير محتمل في الإطار الزمني 2023-2024، مرجحاً بلوغ السعر 2100 دولار للأوقية.
يتوقع أن تشهد الأسواق تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة الفيدرالية اعتباراً من العام المقبل فصاعداً، وسترى معظم دول العالم المتقدم بقيادة الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة المتحدة قوى التضخم المصحوب بالركود (نمو أقل، ارتفاع معدل التضخم) مع سياسة أكثر تقييداً في النصف الثاني مقابل آسيا الأسواق الناشئة التي ستشهد نمواً أقوى نسبياً وتضخماً أقل.
وانخفض مؤشر مديري المشتريات التصنيعي العالمي إلى 48.8 في يونيو (حزيران) الماضي من 49.6 في مايو (أيار) السابق له، ممتداً فترة الانكماش للشهر الـ10 على التوالي، وأدى انخفاض إنتاج المصانع بسبب الطلبات الجديدة المتضائلة وتزايد التشاؤم إلى تراجع الشهر الماضي، مما أثر على مناطق رئيسة مثل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وكندا واليابان وغيرها.
الذهب متوهجاً الفترة المقبلة
في المقابل، لدى مجلس الذهب العالمي أسباب أقوى تدعوه للاعتقاد في بقاء أسعار الذهب متوهجة الفترة المقبلة، فلا تزال أخطار التضخم مرتفعة في المستقبل والتحذيرات في شأن الركود التضخمي المتوقع إضافة إلى أن المشهد الجيوسياسي العالمي والتوترات من المحتمل أن يعوق جهود التعافي الاقتصادي في جميع أنحاء العالم، بالنظر إلى الوضع الحالي في أوكرانيا، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين.
يعد الذهب من الأصول التحوطية ضد أخطار التضخم، إذ تكشف البيانات التاريخية أن المحافظ الاستثمارية استفادت من عوائد الذهب الجذابة خلال فترات التضخم، علاوة على ذلك، قد يلعب الذهب دوراً مهماً خلال السنوات المقبلة للمساعدة في حماية المدخرات، وهو ما يجعل مجلس الذهب العالمي يقدم النصح للمستثمرين بضرورة تنويع محافظهم الاستثمارية، والتمسك بالذهب لمواجهة الضغوط التضخمية المرتفعة.
ويرى محلل أول الذهب بالمجلس العالمي جوهان بالمبيرغ، أن الخبر السار بالنسبة إلى الحائزين هو أن طلب البنوك المركزية لا يزال جيداً وأن استطلاعات مجلس الذهب العالمي السنوية تعد بشكل عام دليلاً موثوقاً به لنوايا الشراء المستقبلية.
ويلفت جوهان بالمبيرغ، في مذكرة بحثية، إلى أن ما ولده المعدن الأصفر من عوائد قوية للغاية منذ بداية العام الحالي، وأن أخطار الركود لا تزال قائمة، وهذا هو سبب أهمية التخصيص الاستراتيجي للذهب.
ظل الذهب إيجابياً في النصف الأول من العام، بارتفاع قدره 4.93 في المئة وتفوق على معظم الأصول الرئيسة الأخرى، وبقي مدعوماً باستقرار الدولار الأميركي ومواصلة طلب البنوك المركزية، ومساعي مستثمرين لتنويع المحافظ الاستثمارية.
وبينما تقترب البنوك المركزية من نهاية دورة تشديد أسعار الفائدة، إذ من المتوقع أن يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة مرة أخرى، بخاصة بعد أرقام الوظائف القوية الشهر الماضي، يشير إجماع السوق إلى انكماش اقتصادي معتدل في الولايات المتحدة.
ويمثل طلب البنوك المركزية على الذهب ضلعاً ضمن مربع يضم قطاعات أخرى مثل الشراء بغرض التداول والاستثمار الذي يمثل 38 في المئة، في حين يحظى الطلب على المجوهرات بنحو 37 في المئة، والبنوك المركزية التي تشتري 18 في المئة من الذهب لتذهب النسبة الباقية بنحو سبعة في المئة إلى قطاع التكنولوجيا.
الذهب مدعوماً في النصف الثاني
وفي مذكرة قبل أيام لـ”يو أس غلوبال إنفيستورز”، فإن أداء الذهب من المتوقع أن يظل مدعوماً في النصف الثاني من العام لأسباب تتعلق باقتصاد الهند القوي، والتحفيز الاقتصادي الصيني المحتمل واستراتيجيات التحوط المستمرة، وإذا استمر خطر الركود، فقد يشهد الذهب مسارات صعودية أكبر بسبب زيادة الطلب على الأصول السائلة عالية الجودة.
وبينما تظل عوامل التوترات الجيوسياسية والتضخم وأسعار الفائدة حاضرة في أذهان محافظي البنوك المركزية ممن عبروا في مسح حديث لمجلس الذهب العالمي عن استمرار مخاوفهم في شأن كثير من الأزمات العالمية، فمن المرجح أن يكون طلب البنوك المركزية مع هذه المخاوف قوياً على الذهب خلال الفترة المقبلة.
وبعد مستوى تاريخي مرتفع من الشراء، لا تزال شهية البنوك المركزية مفتوحة إزاء الذهب، بحسب ما كشف عنه مسح أجري قبل شهر، ذكر فيه أن 24 في المئة من البنوك المركزية حول العالم تعتزم زيادة احتياطاتها من المعدن الأصفر خلال الأشهر الـ12 المقبلة، في حين جاءت توقعات البنوك المستجيبة للاستطلاع تجاه الدولار الأميركي أكثر تشاؤماً مما كانت عليه خلال الاستطلاعات السابقة.