
حسين زلغوط
خاص_ موقع “رأي سياسي”:
على الرغم من حسم تسمية القاضي نواف سلام لتشكيل حكومة العهد الأولى، بعد أن سماه 85 نائبا من إجمالي 128 في الاستشارات النيابية، إلّا أنّ علامات استفهام عدّة ستلاحق تسميته، أوّلها موضوع “الميثاقيّة”، خصوصا بعد ان امتنعت كتلتي “الوفاء للمقاومة”، و”التنمية والتحرير” عن التسمية.
عدم حصول نواف سلام على أي صوت نيابي شيعي يعارض ميثاقيّة تشكيل الحكومة، فمصطلح الحكومة الميثاقية يعود إلى “الميثاق الوطني اللبناني” وهو اتفاق غير مكتوب أسس لنظام الحكم في لبنان عام 1943 بعد مفاوضات بين كل الطوائف المسيحية والإسلامية في لبنان في الطريق إلى الاستقلال من الإنتداب الفرنسي.
ونص الاتفاق الذي وضعه الرئيسين بشارة الخوري ورياض الصلح على أن لبنان سيكون بهوية عربية، ورئاسة مارونية للبلاد، وإسلامية سنية للحكومة، وإسلامية شيعية للبرلمان، وتم التعديل على المحاصصة في اتفاق الطائف عام 1989 لإنهاء الحرب الأهلية.
وتعني الحكومة الميثاقية أن تتضمن التشكيلة وزراء من كافة الطوائف في الخارطة السياسية اللبنانية دون استثناء أحد.
ولكن، السؤال يبقى هل يمكن للصوت الشيعي أن يمنع سلام فعلاً من تولّي المنصب؟
خبراء دستوريون اكدوا في حديث لموقع “رأي سياسي”، أنّ الميثاقيّة هي من الأسس الأكيدة للنظام اللبناني، ولكن لا يمكن التحجّج بها من أجل نسف الإستحقاقات، معتبرين أنّ عدم استحواذ أي مرشّح لرئاسة الحكومة على أيّ صوت شيعي لا يلغي إمكانيّة تسميته لتأليف الحكومة.
وبحسب الخبراء ان موضوع الميثاقية يصبح مختلفاً تماماً عندما يتعلّق الأمر بتسمية رئيس للحكومة، لان الميثاقية يجب ان تطبق في تشكيل الحكومة وليس في تسمية رئيسها، لافتين الى انه يمكن اعتبار الحكومة غير ميثاقية في حال تم تشكيلها لاحقاً من دون أن تتضمّن أحداً من الوزراء الشيعة، إن كان من حركة أمل أو من حزب الله.
وانطلاقاً من هذا الكباش السياسي، الذي من المؤكد أنه سيحتدم في الأيام المقبلة، فإن سلام الآتي من لاهاي الى السراي لن تكون سهلة، وأولى العراقيل في وجهها هو موضوع التمثيل الشيعي، وتحديداً تمثيل “الثنائي”.
فبحسب مصادر مطلعة اكدت لموقع “رأي سياسي” فإن حزب الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري، أبلغا إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قبل يوم من الاستشارات النيابية، وخلال الاستشارات أن أي إخلال بالاتفاق المبرم معه، بما فيه بقاء الرئيس المنتهية ولايته نجيب ميقاتي في رئاسة الحكومة، سيؤدي إلى رفض الثنائي الشيعي المشاركة في الحكومة، وهذا ما سيؤدي الى تعذر سلام في تأليف الحكومة.
عدم سهولة التأليف بعد التكليف للقاضي سلام، الذي أثار غضب إسرائيل بعد اختياره رئيسا لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، بدا واضحا في كلام رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، بعد الاستشارات مع عون، حيث اعرب عن اسفه “لمن يريد أن يخدش إطلالة العهد التوافقية، وان هناك من يكمن من أجل التفكيك والتقسيم والإلغاء والإقصاء تعمداً وكيديةً، وان من حقهم المطالبة بحكومة ميثاقية، مؤكداً ان أي حكومة تناقض العيش المشترك لا شرعية لها”.
نواف سلام الذي برز اسمه اكثر من مرة منذ تفجير 4 آب، مرشحاً من قِبل المعارضة لترؤس الحكومة، وصوله الى السراي لن يكون سهلاً، لانه وبفعل التجارب السياسية في لبنان، فإن تكليف رئيس جديد تشكيل الحكومة لا يعني أنّ ولادتها ستكون قريبة.
وغالباً ما استغرقت هذه المهمة أسابيع أو حتى أشهُراً، بسبب الانقسامات السياسية والشروط والشروط المضادّة في بلد يقوم نظامه على مبدأ المحاصصة، رغم أن هناك أفرقاء لبنانيين يرون أن مهمة التأليف لن تكون صعبة هذه المرة انطلاقاً من الوقائع والمعطيات السياسية والخارجية التي تؤكد ضرورة المضي قدماً في مرحلة التغيير.