حسين زلغوط, خاص- موقع “رأي سياسي”:
يبدو ان الاستحقاق الرئاسي دخل للمرة الأولى منذ اكثر من عامين مدار الإهتمام الدولي الجدي، والسعي الحقيقي في الداخل لإنجازه في ضوء عاصفة المتغيرات التي تشهدها المنطقة والتي يتخوف أن تلفح رياحها الساخنة لا بل الملتهبة لبنان الذي يعيش في مرحلة يصح فيها قول عبارة “لا تهزه واقف على شوار”.
وبفعل ذلك يستعجل رئيس مجلس النواب نبيه بري إتمام هذه العملية الدستورية وهو اعطى تعليماته لدوائر المجلس القيام بما يتوجب من تحضيرات والعمل على أن جلسة التاسع من كانون الثاني ستحصل وسيتم في خلالها انتخاب رئيس وغن استدعى الأمر أن يكون ذلك في خلال جلسات متتالية بحضور حشد كبير من سفراء الدول وفي طليعتهم سفراء “الخماسية” الذين وجه لهم رئيس المجلس دعوة رسمية ومباشرة خلال لقائهم في مقر الرئاسة في عين التينة أمس.
ويواكب الرئيس بري ذلك بمروحة من الاتصالات والمشاورات، علّه ينجح في تأمين التوافق الذي لا يزال مفقوداً الى الآن حول شخص الرئيس ، اضافة الى ان قوى سياسية ما تزال “تشوش” لأسباب غير مفهوم ولا يمكن وضعها الا في خانة النكد السياسي الذي لا طائلة منه في حال قرع الجرس إيذاناً بملء الشغور الرئاسي الذي استوطن القصر الجمهوري فترة لم تكن متوقعة، علما أن هذه القوى هي ذاتها كانت تطالب بعقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس ، وتراها اليوم غير مبالية وكأنها تتماهى مع رغبة الإدارة الاميركية الجديدة التي تحبذ ان يحسم الملف الرئاسي بعد دخولها الفعلي البيت الأبيض وليس قبل هذه الفترة ، وهي بذلك تراهن على امكانية حصول متغيرات ما تصب في مصلحة تعزيز دورها في صنع الرئيس المقبل، علما ان سفراء “الخماسية ” انتهوا من وضع خارطة طريق للرئيس الجديد وأبلغوها للرئيس بري وتقوم على أن يكون الرئيس جامعاً للبنانيين، ولديه التزام بالشروع في تنفيذ الاصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي لمساعدة لبنان للخروج من أزمته الاقتصادية ، إضافة الى تطبيق القرار الأممي رقم 1701.
ووفق مصادر متابعة أن هناك سعي حثيث لانتخاب رئيس ، وأن فرنسا تلعب دوراً بارزاً في هذا المجال، لكن الى الآن المشهد الرئاسي ما زال ضبابياً ، وأن الشروع في غربلة الأسماء لم يبدأ بعد ، مع العلم أن زوار الرئيس بري يشعرون لدى لقائه بأن الدخان الأبيض سيخرج حتما من مدخنة البرلمان في جلسة التاسع من الشهر المقبل إيذاناً بانتخاب رئيس، وأن مسألة تأليف الحكومة لن يستغرق وقتاً طويلا كون ان المرحلة تحتاج الى القيام بورشة “طويلة عريضة” على كافة الأصعدة، ولن يكون هناك مكاناً للدلع السياسي على غرار ما كان يحصل في فترات سابقة.
وفي تقدير المصادر ان لبنان دخل في مرحلة عليه معها الإختيار، بين أن يكون له رئيساً تنتظم من خلاله كافة المؤسسات الدستورية ، وتنفض الادارات العامة الغبار الذي “يعشعش” بها، والذهاب باتجاه تفعيل اجهزته الرقابية ، والقيام برزمة اصلاحات، وبين الخول في المزيد من الأزمات السياسية والإقتصادية وصولاً الى الفوضى العارمة التي تضع لبنان في مصافي الدول الأكثر تخلفاً.
من هنا ترى المصادر أن “الترف” السياسي لم يعد مقبولا في ظل المخاطر التي بات تطرق أبواب لبنان من كل الجهات ، وأن الجهد يجب أن ينصب على النأي به عن هذه العواصف الهوجاء من خلال ترتيب البيت الداخلي بسلسة خطوات تبدأ بانتخاب رئيس توافقي يحظى بتأييد مختلف القوى السياسية وان يكون مقبولا من الداخل والخارج على حد سواء.