رأي

«آيدكس ونافدكس 2025»: الإمارات ترسي دعائم مستقبل الأمن والدفاع العالمي

كتب عميد ركن د. ذياب غانم المنصوري في صحيفة البيان.

تحت ظل القيادة الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نجحت أبوظبي في تحويل الدورة الـ 17 لمعرض «آيدكس»، والـ8 لـ«نافدكس»، التي أقيمت في مركز «أدنيك» في الفترة من 17 إلى 21 فبراير الجاري، إلى منصة استراتيجية عالمية، تجسد إرث ورؤية دولة الإمارات العربية المتحدة في تعزيز الأمن والدفاع على المستوى العالمي.
نظمت الفعاليات بالتعاون بين مجموعة «أدنيك»، وزارة الدفاع، ومجلس التوازن، وتعتبر نسخة هذا العام استثنائية بكل المقاييس عن النسخ السابقة، حيث لم يكتفِ الحدثان، اللذان يُعدان من أكبر وأبرز المعارض الدفاعية والعالمية في الأمن والدفاع وعلامة فارقة عالمياً، بعرض التقنيات العسكرية المبتكرة، بل شكلا منصة ونقطة التقاء عالمية للشراكات، التي تستعرض أحدث التقنيات الدفاعية والأمنية، وتوطيد التعاون بين الجهات الدفاعية الدولية لصياغة مفاهيم دفاعية، تواكب تعقيدات القرن الـ 21، حيث تتداخل التحديات الجيوسياسية والاقتصادية مع المخاطر البيئية والتكنولوجية المتسارعة.
برزت الإمارات رائدة في توظيف القوة الذكية بالمزج بين «القوة الناعمة» والقوة العسكرية، من خلال النجاح الباهر للمعرضين لتجسد رؤية الدولة في مواءمة الاستراتيجية الوطنية للدفاع، واستراتيجية الإمارات للذكاء الاصطناعي والاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، تحت مظلة استراتيجية الأمن الوطني، لتشكيل تكامل استثنائي يهدف إلى مواجهة تحديات الغد مع دبلوماسية دفاعية تحول الشراكات الدفاعية مع دول العالم إلى جسور تعاون استراتيجي لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق أهداف مئوية الإمارات 2071، وقد نجحت هذه الرؤية المتكاملة في تحقيق أهدافها بسحر التنظيم وعزيمة الابتكار.
لقد استقطب المعرضان 206,073 زائراً من معظم دول العالم، بنمو بلغ 55.5 % عن الدورة السابقة، وبصفقات بلغت 25.15 مليار درهم، استحوذت فيها 213 شركة وطنية على 68 % من تعاقدات القوات المسلحة. هذه الأرقام لم تكن مجرد مؤشرات نجاح، بل كانت تأكيداً على الثقة الكبيرة بعلامة «صنع في الإمارات» وقدرتها التنافسية عالمياً. وتعزز هذا النجاح مع حجز 70 % من مساحات دورة 2027 مسبقاً، كدليل على الزخم العالمي والثقة الراسخة في الإمارات مركزاً للابتكار الدفاعي، حيث أصبحت محط أنظار العالم، ومنصة حوار استراتيجي عالمي لا غنى عنها لصناع القرار والخبراء في قطاع الدفاع والأمن.
وفي هذا الإطار استعرض المعرضان حلولاً تعتمد على الأنظمة المستقلة، والذكاء الاصطناعي التوليدي لتحليل البيانات، واتخاذ القرارات في الوقت الفعلي، لسرعة الاستجابة للتهديدات التي تواجه الممرات البحرية والحروب الهجينة، بالإضافة إلى رؤية تقنية مستقبلية، تدمج بين الأمن السيبراني كحجر أساس لحماية الفضاء الرقمي والمادي، والاستثمار في تقنيات الفضاء، لتعزيز الوعي الظرفي والاستجابة للتهديدات الناشئة.
ولم تتوقف الإمارات عند الحدود التقليدية للأمن والدفاع، بل قدمت مفهوم «الأمن المستدام»، الذي يجسد التزام الإمارات بمواءمة القدرات الدفاعية مع المسؤولية البيئية، عبر تطوير صناعات عسكرية تقلل البصمة الكربونية دون المساس بالكفاءة القتالية، كما يتضح من المدرعة الهجينة ذاتية القيادة هافوك، في وقت تتصاعد فيه التحذيرات من تداعيات التغير المناخي على الأمن العالمي. كما أسهم الذكاء الاصطناعي في تحويل الفضاء إلى بعد عملياتي حاسم، حيث عززت تقنيات التحليل التوليدية – المتأصلة في الاستراتيجية الوطنية للابتكار من قدرات الاستخبارات الفضائية، ورفعت كفاءة أنظمة المراقبة والاتصالات، بينما عزز الأمن السيبراني مناعة البنية التحتية الرقمية ضد الهجمات الإلكترونية المعقدة.
على الصعيد الدولي تجاوزت الفعاليات دورها كمعرضين دفاعيين، لتصبح منصة حوار استراتيجي تسهم في المحافظة على السلم والأمن الدوليين، كما تجلى في «مؤتمر الدفاع الدولي 2025»، الذي انعقد يوم 16 فبراير، واستقطب أكثر من 1,800 مشارك من قادة العالم وصناع القرار وكبرى الشركات والآلاف من الخبراء والأكاديميين الدوليين المختصين في الأمن والدفاع، وناقش المؤتمر تحت شعار «إعادة بلورة منظومة الدفاع: الابتكار والتكامل والمرونة» سبل تحويل التكنولوجيا إلى أدوات لصنع السلام، ودور التكامل بين الجيوش ومراكز الأبحاث في تطوير «الجندي الرقمي»، إلى جانب ضرورة توحيد المعايير الدولية، لمواجهة التهديدات العابرة للحدود. وفي قلب هذا النجاح تقود شركة «إيدج» الوطنية التحول بإطلاق 46 نظاماً جديداً، رافعة محفظتها إلى 216 منتجاً، معززة «الاستقلالية الاستراتيجية» بتقليص الاعتماد على الواردات، وفتح أسواق التصدير، مدعومة باستثمارات في البحث والتطوير والكفاءات الوطنية.
بخطوات متجذرة في الإرث العريق وعيون تتطلع للمستقبل، وبكل فخر واعتزاز يرسخ «آيدكس» و«نافدكس» 2025 مكانة الإمارات قوة رائدة في تشكيل وترسيخ مستقبل الأمن والدفاع والاستقرار العالمي، عبر نموذج فريد، يجمع بين الابتكار التكنولوجي الجريء والمسؤولية الإنسانية، مثبتة أن الأمن يقاس بقدرة الدول على تحويل التحديات إلى فرص، وربط التقدم العسكري بالتنمية المستدامة، وصناعة السلام عبر توطيد التعاون الدولي. كل ذلك عكس مبادئ الدولة الخمسينية العشرة، التي تستهدف التنمية الاقتصادية، وتمكين رأس المال البشري، والسمعة العالمية، والتفوق الرقمي والتقني والعلمي.
بفضل توجيهات القيادة الرشيدة، التي تقود مسيرة التميز والريادة وبعزيمة وطموح شعب دولة الإمارات هكذا تكتب حكاية الإمارات بأحرف من نور: رؤية تستشرف المستقبل، وإرادة تصنع المستحيل.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى