رأي

مَن هم العماليق… وما هي قصتهم؟!

كتب علي الفيروز في صحيفة الراي:

حينما تحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن أوضاع الحرب الدائرة على قطاع غزة أشار في حديثه عن العماليق حيث قال: «يجب أن تتذكروا ما فعله العماليق بكم» وفق ما يقول كتابنا المقدس، وفي لقاء آخر مع حاخام يهودي أتى على سيرة العماليق واستعان بالتوراة سفر التثنية الإصحاح 25/ 19، والذي فيه يُمحى ذِكر عماليق تماماً من الوجود، وهذا يشمل الرجال والنساء والأطفال، أي قتلهم جميعاً بلا رحمة بما أن ليس لهم الحق في الوجود، وهذا تماماً ما فعله العماليق أيام العصر القديم.

إذاً، مَنْ هم العماليق، وأين سكن العماليق، وما قصة العماليق مع سيدنا موسى والرسل؟!

العماليق كما يُقال هم بنو عبيل – بنو السميد – بنو عمرو – الكنعانيون – الأموريون، وهو الاسم الذي أطلقه العرب على قبائل البدو في بادية الشام والعراق الأقدمين، ومن صفاتهم أنهم أضخم وأقوى ما خلق الله، ويقال لهم إنهم قوم جبّارون أو العماليق الجبابرة وهم أول مَنْ بدأ بأكل البشر، ويقال إن عوج ابن عنق، هو أبو العماليق الأسطورة، فكان عوج من طوله العملاق يشرب من السحاب ويشوي الحيتان في الشمس، كما أن الطوفان قد بلغ ركبتيه من ضخامته حتى إن سيدنا موسى قد قفز 30 ذراعاً ليبلغ كعبه، ويقال إنهم مجموعات بدوية اجتاحت بادية العراق والشام ومدن فينيقيا وكنعان، ثم احتل هؤلاء مصر وأسسوا إحدى الإمبراطوريات الكبرى في العصر القديم.

ومن تبقى من هؤلاء البدو القدماء العموريون وكذلك العمالقة والنبط الذين اندمجوا مع العرب واستعربوا بعد الميلاد تدريجياً إلى أن أصبحوا عرباً.

ترجع التوراة التي تفصل عادة في بيان أنساب الأقوام والقبائل السامية، العماليق إلى ذرية عيسو، وقد جاء في التوراة أن الإمارة كانت في بنى أليفاز بن عيسو، وبنى أليفاز وأمير عماليق، فكان هؤلاء العمالقة يسكنون في جنوب فلسطين، وجاء في سفر التوراة عن منازلهم، فإن العمالقة مقيمون بأرض الجنوب والأموريين مقيمون بالجبل، والكنعانيين مقيمون عند البحر وعلى مجرى الاردن، بينما الاخباريون العرب فقد اختلفوا في نسب العماليق، وفي ذلك قال ابن خلدون: «تقدم لنا خلاف النسابة في هؤلاء العمالقة وأنهم لعمالق من أليفاز لنسابة بني اسرائيل سار إليه علماء العرب» وأما الكنعانيون الذين ذكر الطبري أنهم من العمالقة فهم عند الاسرائيليين من كنعان ابن حام، وكانوا قد انتشروا ببلاد الشام، وقد جاء بالتوراة أن عماليق أول الشعوب وأما آخرته فإلى الهلاك، ويقصد من ذلك أن العمالقة كانوا أول شعب وقف في وجه بني اسرائيل الذين أخذوا بعد خروجهم من مصر بقيادة موسى، في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، فقد كانوا يهاجمون العمالقة من قبل ويعتدون على ممتلكاتهم.

وقيل إن ملك مصر كان منهم والذي عاصر النبي يوسف وإنهم كانوا يسكنون الجزيرة العربية وهم من أقدم الأمم التي سكنت الجزيرة العربية حيث عاصروا الأنبياء وتفرقوا في البلاد وحكموا بلاداً كثيرة كاليمن ونجد والبحرين وعمان ومصر وفلسطين وسورية والحجاز والعراق.

ويرى الطبري أن جدهم «عمليق» هو أول من تكلم اللغة العربية، وان أسفار التوراة ذكرتهم مرات عدة وسمتهم باسم «العماليق»، فقد عاصروا دخول وخروج بني اسرائيل من وإلى مصر.

وقال ابن خلدون في كتابه «إن من العماليق أمة جاسم فمنهم بنو لف وبنو هزان وبنو الأزرق وبنو الأرقم، ومنهم بديل وراحل وظفار، ومنهم الكنعانيون وبرابرة الشام وفراعنة مصر، والعماليق من ناحية الرواية التوراتية هم شعب من أقدم سكان سورية الجنوبية ومن ذرية عيسو، وكانوا يقيمون في البدء قرب قادش جنوب غربي حمص وكانوا ينتشرون في فلسطين عند مجيء العبرانيين من مصر.

كما أن الله سبحانه قد أشار الى العماليق في القرآن الكريم اذ قال في سورة المائدة «قالوا يا موسى إنّ فيها قوماً جبّارين وإنّا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنّا داخلون».

صدق الله العظيم.

والقصد في هذه الآية أن بني اسرائيل همتهم ساقطة وعزيمتهم خائرة وطبيعتهم منتكسة مهما قيل لهم من ألوان الترغيب والترهيب، فقد قالوا لنبيهم موسى متذرعين بالمعاذير الكاذبة «يا موسى إنّ فيها قوما جبّارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون».

أي أن الأرض التي وعدتنا بدخولها فيها قوم متغلبون على مَن يقاتلهم، ولا قدرة لنا على لقائهم وإنا لن ندخل هذه الأرض المقدسة التي أمرتنا بدخولها ما دام هؤلاء الجبّارون فيها، فإن يخرجوا منها لأي سبب من الأسباب التي لا شأن لنا بها، فنحن على استعداد لدخولها في راحة ويسر، وبلا أدنى تعب وجهد، ولا شك أن قولهم هذا الذي فسرته لنا الآية الكريمة عنهم ليدل على أنهم في منتهى الجبن والضعف، لأنهم لا يريدون أن ينالوا نصراً باستخدام حواسهم البدنية والعقيلة، وإنما يريدون أن ينالوا ما يبغون بقوة الخوارق والآيات.

وأمة هذا شـأنها لا تستحق الحياة الكريمة، لأنها لم تقدم العمل الذي يؤهلها لتلك الحياة، وفي ندائهم لنبيّهم باسمه مجرداً قالوا «يا موسى» فيه سوء أدب منهم معه حيث استهانوا بمقام النبوّة فنادوه باسمه حتى يكف عن دعوتهم إلى الجهاد، وهذه هي حقيقة شعب إسرائيل منذ الأزل إلى يومنا هذا… لن تنالوا سوى الذل والهوان.

ولكل حادث حديث،،،

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى