ممران شرقي وشمالي لـ«الممرات الخضراء» لربط الهند بالخليج وأوروبا.
وصف خبراء اقتصاديون مشروع «الممرات الخضراء» الذي سيربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بأنه يعزز العلاقات الاقتصادية، ويرفع من كفاءة وسهولة التبادل التجاري وتطوير سلاسل الإمداد واللوجيستيات بين الدول التي سيمر بها الممر، كما سيسهم في تنشيط واستحداث أنشطة اقتصادية جديدة على امتداد الممر، ودفع دوله نحو تعزيز نموها الاقتصادي.
وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أعلن، السبت، من نيودلهي، حيث شارك في اجتماعات «قمة مجموعة العشرين»، توقيع مذكرة تفاهم لإنشاء «ممرات خضراء» عابرة للقارات تربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وقال المستشار الاقتصادي رئيس مركز «جواثا» الاستشاري، الدكتور إحسان بوحليقة، إن الممر الاقتصادي يمثل شراكة عالمية متعددة المرتكزات والمحاور للتواصل والربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
وشرح أن المشروع يتكون من ممرين اقتصاديين؛ الأول شرقي يربط الهند بمنطقة الخليج العربي، والثاني شمالي يربط منطقة الخليج العربي بأوروبا، وسيربط الممر المناطق الثلاث من خلال البنية التحتية المتطورة للاتصال، مما يعزز العلاقة الاقتصادية، ويُمَكّن من وصول السلع والطاقة والبيانات للأفراد والشركات.
وأشار بوحليقة إلى أن مشروع الممر يتضمن دمج خطوط عدد من السكك الحديدية واتصالات الموانئ، بداية من الهند ومروراً بالسعودية والخليج العربي وأوروبا، بما يؤدي إلى تطوير سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية، ونقل السلع بسلاسة بين هذه البلدان. كما سيساهم في تطوير البنية التحتية للطاقة وتمكين إنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، وكذلك في تعزيز الاتصالات ونقل البيانات من خلال إنشاء كابل جديد يمتد تحت البحر ويربط بين دول الممر.
وأكد بوحليقة جاهزية السعودية ومواكبتها لتلك المشاريع التي سوف تنتج من مشروع الممر الاقتصادي، مشيراً إلى أن المملكة أطلقت، في منتصف عام 2021، الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجيستية، كما أنها في طريقها لتصبح أكبر منتجي الهيدروجين الأخضر، حيث سيبدأ في عام 2026 مصنع في «نيوم» بالإنتاج بطاقة 600 طن يومياً. كما بدأت السعودية في استثمار 15 مليار دولار في البنية التحتية المعلوماتية وفي الاستثمار في مراكز البيانات بـ18 مليار دولار واحتلت المركز 21 عالمياً في عدد الكوابل البحرية في عام 2021.
من جهته، يرى المحلل الاقتصادي خبير اللوجيستيات، فهد الثنيان، خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن الممر الاقتصادي سيساهم في دعم قطاع شبكة الخدمات اللوجيستية التي تُعدّ بمثابة العمود الفقري للاقتصادات، لافتاً إلى أنه قطاع حساس جداً للصدمات الاقتصادية، حيث تم لمس ذلك بعد أزمة تفشي فيروس «كورونا»، عندما ساهم تعثره في موجة ارتفاع الأسعار عالمياً.
ووصف الثنيان الاستثمارات في البنى التحتية للنقل بأنها من الاستثمارات الضخمة التي تحتاج إلى دعم وتكاتف الحكومات، موضحاً أن العالم بحاجة إلى إقامة مثل هذه الممرات التي تمثل شرايين يحتاج إليها جسد الاقتصاد العالمي.
وأضاف أن مشاريع تحول الطاقة إلى الطاقة المتجددة التي تأتي ضمن مشروع الممر الاقتصادي ستسهم في دعم القطاع الخاص، وحثه على المضي قدماً في تلك المشاريع، ورفع الجدوى الاقتصادية منها، واستحداث فرص كبيرة وجديدة للتحسين والاستدامة والتنمية وتعزيز التعاون بين الدول بما يخدم المصالح المشتركة للاقتصاد العالمي.
من جانبه، قال كبير مستشاري وزارة الطاقة السعودية سابقاً الدكتور محمد الصبان، لـ«الشرق الأوسط»، إن الممر الاقتصادي مشروع مهم للمنطقة ولجميع الدول التي سيمر بها، بدءاً من الهند ومروراً بدول الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وسيساهم في ربط التجارة بين المناطق والدول التي سيمر بها، وفي تعزيز التبادل التجاري، وفي تنشيط واستحداث أنشطة اقتصادية جديدة على امتداد الممر الاقتصادي.
وأضاف أن المشروع سيساعد في تطوير وتعزيز مشاريع نقل الكهرباء والهيدروجين النظيف عبر كابلات وخطوط البنى التحتية، وفي إنشاء خطوط سكك حديدية تربط بين المناطق التي سيمر بها، كما يعزز أمن الطاقة من حيث توفير النقل الكهربائي واستخدام خطوط الأنابيب في نقل مختلف مصادر الطاقة بما فيها النفط والغاز والهيدروجين النظيف والطاقة المتجددة، وكذلك تنمية الاقتصاد الرقمي عبر الربط والنقل الرقمي للبيانات من خلال كابلات الألياف البصرية.