نظرية النظام الانتخابي «اللاجغرافي»!

كتبت د. غدير محمد أسيري في صحيفة القبس.
شهد البلد في الفترات الأخيرة تقلبات في الوضع والنتائج الانتخابية غير المستقرة، وغير المتناسقة مع الحكومة، التي ينتج عنها تكرار في إعادة الانتخابات البرلمانية والتشكيلات الوزارية، والتي يجب على المسؤول أن يجد لها أسرع الحلول، الاستياء الشعبي ملحوظ، وإحساس الملل الذي يراود المواطنين في التصويت وطريقة اختيار النواب جعل المجتمع يقبل على سلوك جديد، وهو عدم الرغبة في ممارسة الديموقراطية، والدفع بالتحريض على العزوف عن الترشح والتصويت أو المشاركة السياسية.
الانتخابات عملية سياسية ودستورية، على الرغم من أنها ممكن أن تنقلنا للمزيد من الديموقراطية، فإنها تثير الصراعات السياسية والاجتماعية، وممكن تكوين العديد من الصراعات حول السلطات، والاقتراع كان يمارس منذ القدم بشكل بدائي في اليونان وإيطاليا القديمتين، ففي القرن الرابع قبل الميلاد كانت تمارس في أسبرطة عن طريق إشراك الملك الشعب في التعبير عن رأيه بالقرارات، التي يجب أن تكون بها الموافقة مسبقة، عن طريق الصخب، أو طرق السهام بالدروع، وتطورت النظم الانتخابية البرلمانية وتعددت، حيث إنها تتطور لتوافق المجتمع المناسب لها.
حضرت قبل أيام جلسة حوارية ثرية عن «إصلاح النظم الانتخابية»، وأهم ما شدني جملة «ممكن أن يكون النظام الانتخابي اللاجغرافي ليس هو المثالي، إنما هو النظام الأنسب للوقت الراهن في دولة الكويت»، وقد قيلت من قبل أ.د. محمد المقاطع رئيس كلية القانون الكويتية العالمية، عندما شرح بإسهاب مقترحه لإصلاح النظام الراهن واستبداله بهذا التوزيع اللاجغرافي للناخبين، عن طريق تاريخ ميلاد كل ناخب، وذلك قبل 3 شهور من الانتخابات يتم فرزه بشكل دقيق على دوائر متناسقة مع عدد الناخبين بدولة الكويت، والتي تتم متناسقة بالأعداد المنطقية، وتحل جزءاً من مشكلة عدم الاتساق بين الدوائر في أعداد الناخبين، فدوائر أعداد الناخبين بها كبيرة جداً، ومناطقها قليلة، ودوائر أعداد الناخبين بها صغيرة وعدد المناطق كبير، وبهذا التوزيع المتناسق على الدوائر في الكويت، يتم تغيير الناخب وعدم تمركز العائلة أو الأسرة أو القبيلة في الدائرة نفسها، حيث إن الخطاب من المرشح يكون أقل فئوية، لأنه يعتبر مرشحاً للعديد من الفئات المختلفة غير المعرفة قبل وقت كبير من الانتخابات، ويحاول كسب المجتمع ككل بدل الاعتماد على فئة معينة متمركزة بالدوائر الحالية للنجاح، والتي غالباً ما تكون مذهبية أو عرقية أو طائفية تقسم الأصوات والمجتمع، وتستخدم كأداة للنجاح التقليدي السريع بالانتخابات.
النظام المقترح للدوائر اللاجغرافية يزيد من قوة الخطاب الوطني، لأن المرشح يكون للجميع ليمثل العديد من الأطياف والفئات، ويقلل المقترح ظواهر بيع أو شراء الأصوات بشكل فردي تقليدي أو حديث بمجاميع، من شخص صاحب ديوانية، أو رب أسرة أو محترف انتخابياً صاحب قوائم أو «لِست» انتخابية، أو تقديم الخدمات في التعيين والعلاج لغرض كسب الأصوات الانتخابية من البعض، وهذا المقترح يحد من تبادل الأصوات، الذي ينجح به نواب غير جديرين بالنجاح، وكذلك ظواهر التحايل بعناوين السكن، والتحويل على سكن عقاري حتى يتم كسب قواعد انتخابية تؤثر في النجاح، ويقضي على ظاهرة تفتيت وحدة المجتمع، ويحقق التوزيع المتساوي للدوائر، ويقوي الخطاب البرلماني، ويحقق المساواة والعدالة في عملية التصويت الوطني الحقيقي المتمدن لدولة الكويت.
ودمتم سالمين،،،