معهد الدبلوماسية الكويتية… الرؤية السياسية الشاملة

كتب د. عيسى محمد العميري في صحيفة الراي.
لطالما واصلت دولة الكويت نجاحاتها المتتالية خلال الفترة الأخيرة على الصُّعُد الدبلوماسية الإقليمية والدولية، وذلك من خلال صرح دبلوماسي على درجة كبيرة من الأهمية على الصعيد السياسي والدبلوماسي.
هذا الصرح هو معهد سعود الناصر الصباح الذي قامت الدولة بتأسيسه ليكون نواة الدبلوماسية المهمة، وفي خطوة غير مسبوقة على مستوى المنطقة… فهو تقريباً أول معهد يعنى بتخريج أجيال وأجيال مهتمة بالحقل الدبلوماسي، ويتميز بوجود مزاياً، وطروحات لها قيمة وأهمية كبيرة لكل من يرغب في الخوض في هذا المضمار.
ومن ناحية أخرى، يُعد معهد سعود الناصر الصباح، صرحاً علمياً بارزاً وواجهة حضارية مشرقة لدولة الكويت، فهو يجمع بين التاريخ العريق للدبلوماسية الكويتية والرؤية المستقبلية التي تسعى إلى تأهيل جيل جديد من الدبلوماسيين القادرين على تمثيل وطنهم في المحافل الإقليمية والدولية.
وقد أُنشئ المعهد تخليداً لذكرى السفير الراحل سعود الناصر الصباح، أحد أعلام الدبلوماسية الكويتية، الذي ترك بصمة واضحة في مسيرة الكويت السياسية والدبلوماسية.
تتجلى مميزات هذا المعهد في كونه مؤسسة متخصصة تجمع بين الجانب الأكاديمي النظري والتدريب العملي الميداني، حيث يوفر برامج متطورة تتماشى مع متطلبات العلاقات الدولية المعاصرة.
كما أنه يتيح للطلبة والمتدربين فرصة الاطلاع على تجارب دبلوماسية متنوعة من خلال استضافة خبراء ومحاضرين من داخل الكويت وخارجها، مما يعزز من خبراتهم العملية ويكسبهم مهارات التواصل والتفاوض وحل النزاعات.
ويكتسب المعهد أهمية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط نظراً لكون الكويت دولة فاعلة في محيطها الخليجي والعربي والدولي، ذات تاريخ مشرف في الوساطات السياسية وحل الأزمات بالحوار.
ومن خلال المعهد، تسعى الكويت إلى ترسيخ دورها الريادي في نشر ثقافة الدبلوماسية القائمة على السلام، وبناء جسور التعاون بين الشعوب، خصوصاً في منطقة تعاني من التوترات والصراعات.
وبالتالي، فإن المعهد لا يخدم الكويت وحدها، بل يسهم في إعداد كوادر قادرة على الإسهام في استقرار المنطقة وتعزيز العلاقات بين الدول.
كما أن المعهد يشكل محطة أساسية لتخريج طلاب مقبلين على الحياة الدبلوماسية والسياسية «كما أسلفنا»، حيث يمنحهم الأدوات الفكرية والمهارات العملية التي تؤهلهم للتعامل مع الملفات الدولية المعقدة. ويُركز على تعليم فنون التفاوض، إدارة الأزمات، إعداد التقارير الدبلوماسية، وبناء التحالفات الإستراتيجية.
وبذلك يصبح الخريجون أكثر استعداداً لخوض غمار العمل الدبلوماسي، سواء داخل وزارة الخارجية أو في المنظمات الدولية والإقليمية.
ولا يقتصر دور المعهد على الجانب التعليمي فقط، بل يمثل أيضاً جسراً للتواصل الثقافي والمعرفي، إذ ينظم الندوات والمؤتمرات التي تجمع المفكرين والدبلوماسيين والخبراء من مختلف أنحاء العالم.
ومن خلال هذه الأنشطة، يُسهم في إثراء الحوار الدولي ويعزز من مكانة الكويت كمنبر للسلام والاعتدال. إن تأسيس معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي يعكس إيمان الكويت بأهمية الدبلوماسية كأداة لحماية مصالحها الوطنية وتعزيز مكانتها العالمية، كما يجسد تطلعها نحو مستقبل يقوم على إعداد أجيال واعية، متعلمة، ومتمكنة من أدوات السياسة الخارجية.
ولعل أعظم ما يميز هذا الصرح أنه يجمع بين الوفاء لتاريخ مشرق وبين رؤية عصرية تسعى إلى صناعة المستقبل بثقة واقتدار. وفي الختام نقول إن وجود مثل هذا الصرح في دولة الكويت يجعلنا نفتخر بوجود مثل معهد كهذا في منطقتنا. والله الموفق.