حسين زلغوط, خاص- “رأي سياسي”:
بينما تتقلب إسرائيل على جنبات الخوف من واقع الانتظار الذي انهكها اقتصادياً وعسكرياً من رد ايراني ولبناني ويمني على جرائمها المتمادية، حضر الى بيروت على جنح السرعة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، وهي المرة الأولى التي يستهل فيها جولته من العاصمة اللبنانية قبيل توجهه إلى تل أبيب.
هوكشتاين الذي جاء من إحدى الدول العربية على متن رحلة تابعة لطيران الشرق الأوسط وليس من اسرائيل كعادته ، حمل في جعبته معسول الكلام المعبئ كعادته بوعود واهية وتهديدات بالية، فالشعب اللبناني لم ينسى كلامه عن تحييد الضاحية وبيروت، والتطمينات التي اغدقها على القيادات اللبنانية، وهو ما نسفته اسرائيل باغتيالها القيادي في “حزب الله” فؤاد شكر في قلب الضاحية الجنوبية، وهو ما دفع وزير المهجرين في حكومة تصريف الأعمال عصام شرف الدين، الى التعليق على الزيارة بالقول انه “يجب الاطلاع على ما يحمله معه هوكشتاين من رسائل حتّى ولو علمنا أنّه يكذب”، مشيرًا إلى أن ّ “كلّ هذه الزيارات المكوكية تهدف إلى تهدئة الوضع مع قوى “المقاومة” وليس مع الطرف المعتدي علينا “.
زيارة هوكشتاين الى بيروت حملت في طياتها رسائل تحذيرية من اي رد تقوم به المقاومة، وهدفت بالدرجة الاولى الحفاظ على ماء وجه الولايات المتحدة الأميركية المتورطة في كلّ الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، فمن يقرأ بين سطور تصريحات الموفد الاميركي، يتأكد انه تحرك باتجاه لبنان أولا بهدف تبريد الجبهة الجنوبية، فقلبه لا يزال على الشمال وعودة آلاف المستوطنين، وهو ما يستدل عليه من كلامه بعد الجولة على المسؤولين، حيث قال إن الصفقة بشأن غزة ستساعد على الوصول إلى حل دبلوماسي في لبنان وستمنع حصول انفجار أكبر وستخلق الظروف لعودة النازحين اللبنانيين إلى الجنوب، وعودة سكان الشمال الإسرائيلي الى منازلهم، ويجب أن نستفيد من هذه النافذة للحل الدبلوماسي، وكأنه تقصد القول ان كل حرب تنتهي بالتفاوض لذلك وفروا على أنفسكم دمار بلدكم.
وفُهم من خلاصة هذه المحطة لهوكشتاين في بيروت بأنّها “آخر خرطوشة”، ويعمل الأخير والفريق الذي يتعاون معه على ضرورة التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في غزّة أولاً، وهو ما المح اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، لافتا الى انه خلال لقاء هوكشتيان الذي دام قرابة الساعة اكد له أن المفاوضات ستحدث على أساس اقتراح الرئيس الأميركي جو بايدن الأساسي دون أي تعديلات”، معتبراً أن المفاوضات بمثابة “الخرطوشة الأخيرة”.
الوسيط الاميركي الذي جاء على متن بارجة، متسلحا بالقبة الحديدية الأميركية الهجومية منها لا الدفاعية، والترسانة العسكرية والنووية المنتشرة على طول البحر الابيض المتوسط، علل انتشارها امام رئيس المجلس بأن هذه البوارج هي لمنع الحرب في المنطقة وقال: “لا نتمنى أن نستعملها”، مشيرًا إلى أنّ “عنوان الحلّ في المرحلة المقبلة هو الـ 1701 لا غير”.
مصادر متابعة للقاءات هوكشتيان، كشفت لموقع “رأي سياسي” ان الجانب اللبناني لم يتلق أي رسالة تهديد من هوكشتاين، مشيرة الى انه حمل الى المسؤولين بعض النصائح بأن لا يعطوا رئيس حكومة الاحتلال بنيامن نتنياهو ذريعة لجر لبنان والمنطقة إلى معركة كبرى، ودعاهم الى انتظار نتائج المفاوضات التي من المقرر ان تبدأ جولتها الأولى اليوم في الدوحة في حال لم يطرأ ما يؤخر ذلك.
ولفتت المصادر الى ان هوكشتاين عبّر عن قناعة واشنطن بأن وقف الحرب في غزة سيؤدي إلى تهدئة في لبنان.
وزيارة هوكشتاين الى لبنان هي من ضمن زيارات دبلوماسية لأكثر من دولة تعمل على خط محاولة لجم التصعيد، حيث يزور اليوم ايضا لبنان وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه، حاملا رسالتين من ادارته لكل من الرئيسين بري ونجيب ميقاتي تتصلان بالوضع الراهن وبضرورة منع الحرب الشاملة، الا نه من المؤكد ان كل هذه الجولات الدبلوماسية تبقى لزوم ما لم يلزم اذا لم يقترن الكلام بالافعال على الارض، وتنتهي الحرب في غزة.