4 اضطرابات في صحة الأذن خلال فصل الشتاء
نعلم جميعاً أن الطقس البارد يمكن أن يجعل أنفك أحمر، وأن يجعلك تشعر بوخز كالدبابيس في أصابع قدميك، ولكن هل تعلم أن ذلك الطقس البارد يمكن أن يزيد من احتمالات ضعف السمع لديك؟ وهل تعلم أن احتمال حصول ذلك الضعف في السمع في تلك الأجواء الباردة، هو ما يدفع إلى النصيحة بالحرص على تدفئة الأذنين، عبر ارتداء أغطية الأذن، وخاصة لدى الأطفال وكبار السن وأولئك الذين يقضون فترات طويلة من الوقت للعمل الخارجي في الطقس البارد.
تعرّض الأذنين للبرد
الأذنان هما أول أجزاء الجسم التي تبرد، وتنخفض فيها الحرارة بشكل واضح، عند التعرض للأجواء الباردة. ولدى كثير من الناس في غالب الأحيان، لا تكون الأذن محمية بأغطية من الملابس، فتتعرض مباشرة للبرد والهواء البارد الشديد. والسبب أن الأذنين تتكونان بشكل أساسي من الغضروف، الذي لا يغلفه الكثير من الدهون العازلة، مما يجعل الأذن تصاب بالبرد بشكل أسرع من أجزاء الجسم الأخرى. وبرودة الأجزاء الخارجية للأذن تنتقل بسهولة إلى أجزاء الأذن الداخلية.
ولذا فإن من المهم للغاية الحفاظ على صحة الأذن عند الوجود في الأجواء الباردة، ليس فقط للراحة القصيرة المدى، بل لتجنب الأضرار «طويلة المدى» التي قد تمتد إلى ما بعد زوال درجات حرارة الشتاء الباردة. والحفاظ على دفء الأذنين هو إجراء احترازي ضروري يجب اتخاذه للحفاظ عليهما.
اضطرابات صحة الأذن
وإليك الحقائق الـ4 التالية عن صحة الأذن واضطراباتها في فصل الشتاء والأجواء الباردة:
1- آلام الأذن. هل تعلم أن ضرر البرد لا يقتصر على جلد الأجزاء الخارجية للأذن، بل يمتد إلى الأذن الداخلية؟ هذا صحيح. وإذا شعرت يوماً بألم داخل أذنيك ورأسك، بعد أن كنت بالخارج في طقس بارد، فذلك لأن الأعصاب الموجودة في قناة الأذن أيضاً غير محمية، وتتفاعل بإصدار نبضات ألم قوية عندما تتعرض للبرودة الشديدة، سواء كان ذلك بانخفاض رقم درجة حرارة الطقس، أو مع وجود رياح شديدة تجعل الجسم معرضاً لبرودة تفوق رقم درجة حرارة الطقس الخارجي. كما يمكن أن يكون سبب آلام الأذن الداخلية هو نقص تدفق الدورة الدموية، الناتج عن البرد والرياح.
ولكن أيضاً مع أجواء فصل الشتاء وعلى مر شهوره، هناك عدة أسباب أخرى شائعة للشعور بالألم في الأذن، مثل تجمع كتل شمع الأذن داخل نفق الأذن، والالتهابات الميكروبية في الأذن الخارجية أو الأذن الوسطى، وألم الأذن المرافق لالتهابات اللوزتين أو الحلق، وحالات الحساسية التي قد تنجم عن أسباب شتى خلال فصل الشتاء.
والأمر الذي يجمع هذه المُسببات لآلام الأذن هو حصول حالة «الاحتقان» Congestion المرافقة لحالات الالتهابات الميكروبية وغير الميكروبية. وللتوضيح، فإن قناة استاكيوس Eustachian Tubes (وتسمى أيضا قناة أوستاكي) هي التي تربط الأذن الوسطى بالحلق العلوي والجزء الخلفي من الأنف. وتعمل على منع تراكم السوائل في الأذن الوسطى وأيضاً منع التغيرات غير الطبيعية في ضغط الهواء داخل الأذن. ومع ذلك، إذا كنت تعاني من نزلة برد أو احتقان في الرأس، فإنه يمكن للسوائل والمخاط الموجود في أنفك أن يسد قناة استاكيوس، مما يسبب عدم الراحة أو الألم.
انسدادات الأذن
2- سدد نمو عظم قناة الأذن. الغضروف الموجود في الأذنين، سريع التأثر بالطقس البارد. وتكرار برودته وطول أمد ذلك، يؤدي في النهاية إلى الإصابة بما يُعرف طبياً بـ«الأذن العرنية» (Exostosis Ear) (أذن راكب الأمواج Surfer’s Ear). و«الأذن العرنية» هي نوع من نمو العظام الذي يمكن أن يسبب آلام الأذن. ويمكن أيضاً أن يقيد رحابة قناة الأذن، ويجعل من الصعب تصريف الماء وتنظيف شمع الأذن. إذ يؤدي التهيج الناتج عن الرياح الباردة والتعرض للماء إلى إثارة العظم المحيط بقناة الأذن، ونمو كتل عظمية جديدة، التي بدورها تقلص مجرى القناة الأذنية.
وللتوضيح، يبلغ قطر قناة الأذن الطبيعية حوالي 7 مليمترات، وطولها حوالي 25 مليمتراً. كما يبلغ حجمها حوالي 0.8 (صفر فاصلة ثمانية) مليلتر. وعند حصول هذه الحالة، يضيق القُطر وقد يُغلق تماماً، إذا لم يتم علاجه. وعادة لا يتنبه المُصاب إلاّ بعد ملاحظته تدني قدرات السمع لديه أو شكواه من ألم في الأذن.
وتفيد المكتبة الوطنية الطبية الأميركية (National Library of Medicine) قائلة: «أذن راكب الأمواج، أو الأذن العرنية، هو مرض يتقدم ببطء بسبب نمو العظام الحميد (نمو عظمي غير طبيعي داخل قناة الأذن الخارجية)، الناتج عن التعرض المزمن للبرودة، وخاصة الماء البارد. وعادة ما تكون أذن راكب الأمواج من دون أعراض، ولكنها يمكن أن تسبب أعراضاً مثل فقدان السمع والالتهابات المتكررة وسيلان الأذن (Otorrhea)، والإحساس بالامتلاء السمعي (Aural Fullness)، وانحشار الصملاخ (Cerumen Impaction)».
وقد تتطلب المعالجة إجراء عملية جراحية بمساعدة المجهر، وتحت التخدير الكلي للجسم. وذلك لإزالة عظم قناة الأذن المسدودة. وثمة عدة تقنيات لإجراء هذه العملية الجراحية، ولكن قد تتطلب قناة الأذن – اعتماداً على حالة قناة الأذن والتقنية الجراحية المستخدمة – عدة أسابيع إلى عدة أشهر للشفاء. وإذا تكرر تعرّض الأذن للبرودة، فيمكن أن يتكرر نمو العظام، وبالتالي تتكرر الحاجة إلى العمليات الجراحية على الأذن نفسها.
3- جفاف شمع الأذن. ثمة غدد جلدية في نفق الأذن الخارجية، مهمتها تكوين مادة شمعية. وهذا الشمع وسيلة تنظيف للأذن من الغبار وغيره، وحماية لها من الميكروبات والحشرات والماء. ويختلف لون شمع الأذن من أصفر فاتح إلى أسود، كما تختلف كثافته من كتلة لينة إلى صلبة جافة. وقد يتسبب تراكمه بألم في الأذن أو ضعف السمع أو حكة الأذن أو طنين الأذن أو اضطراب اتزان الجسم. والطبيعي أن تقوم الأذن بتنظيف نفسها بنفسها، باستخدام آليات معقدة وبطيئة، عبر دفع هذا الشمع إلى الخارج تدريجياً لمنع تراكمه ولإعطاء فرصة لتكوين شمع جديد. وزيادة إنتاج هذا الشمع، أو تدني إزالته، أو التسبب بدفعه إلى الداخل من خلال الطريقة الخاطئة في تنظيف الأذن، يؤدي إلى تراكم الشمع. ولكن تعرّض الأذن للأجواء الباردة أيضاً، دون تدفئتها، يتسبب بسرعة جفاف شمع الأذن، وتطور تكتله، وزيادة التصاقه بجدران قناة الأذن الخارجية، ما يُعيق خروجه، وما يتسبب أيضاً بتداعيات تراكم الشمع التي تقدم ذكرها. ولو ظهرت أعراض على حصول انسداد الأذن الشمعي، فإن التعامل السليم مع هذه الحالات هو بمراجعة الطبيب. ويتأكد الطبيب من وجود حالة انسداد الأذن الشمعي من خلال الفحص الإكلينيكي.
والمعالجة إما أن يقوم الطبيب بإزالة الكتلة الشمعية مباشرة أو يصف وضع قطرات من مستحضرات علاجية خاصة بمعالجة هذه الحالة لتليين كتلة الشمع وتسهيل خروجها، أو أن يقوم بأي إجراء علاجي آخر ملائم.
التهاب الأذن
4- التهاب الأذن الوسطى. الأذن الوسطى هي حجرة صغيرة ممتلئة بالهواء، متوسط حجمها لدى الشخص البالغ حوالي 1 سنتيمتر مكعب. وتفصل طبلة الأذن ما بين الأذن الخارجية والأذن الوسطى. وفي داخل الأذن الوسطى 3 عظام صغيرة، هي المطرقة والسندان والركاب. وتشكل قناة أوستاكي مجرى الاتصال فيما بين الأذن الوسطى والأجواء الخارجية. وهي قناة تصل الأذن الوسطى بالبلعوم، ومبطنة بغشاء مخاطي. وهي في العادة قناة مغلقة، ولكن تفتح عند البلع ليدخل الهواء إليها من البلعوم، الذي في خلفية الفم، وذلك لمعادلة الضغط الذي يقع على جانبي الطبلة. والتهاب الأذن الوسطى هو نوع آخر من الالتهابات الميكروبية.
وينشأ التهاب الأذن الوسطى الحاد نتيجة عدوى بكتيرية أو فيروسية تصيب الجهاز التنفسي العلوي، وتنتقل إلى الأذن الوسطى. والأطفال أكثر عرضة من البالغين للإصابة بهذا النوع من عدوى الأذن. وبسبب الالتهاب الميكروبي وتورم الأنسجة وتراكم السوائل في الحجرة الضيقة للأذن الوسطى مع عدم عمل قناة أوستاكي كما ينبغي نتيجة لضيق أو سدد مجراها، فإن الحالة ربما تكون مؤلمة جداً للطفل، وقد تدفعه للبكاء، وخاصة عند الاستلقاء على الظهر أو لمس الأذن. وقد تلاحظ الأم أن الطفل ينفعل بسهولة ويواجه صعوبات في السمع أو اتزان حركة الجسم أو تدني شهية الأكل أو الشكوى من الصداع أو ارتفاع حرارة الجسم بما يتجاوز 38 درجة مئوية أو خروج إفرازات من الأذن. ولذا فإن من أهم خطوات المعالجة، مراجعة الطبيب للعمل على تخفيف الألم. أما بالنسبة لتلقي المضادات الحيوية فإن الطبيب هو منْ يُقرر ذلك، لأن كثيرا من الحالات سببها الالتهاب الفيروسي وليس البكتيري.
آلام الأذن تنجم عن حالة «الاحتقان» المرافقة لحالات الالتهابات
5 نصائح لحماية سمعك في الشتاء
مشاكل الأذن شائعة في فصل الشتاء. وتتكون آذاننا الخارجية بشكل أساسي من الغضروف ولا تحتوي على ما يكفي من الدهون العازلة، لذلك يستغرق الأمر بضع دقائق فقط حتى تصبح باردة. وأيضاً، عندما يكون الجو بارداً في الخارج، يعيد جسمك توجيه الدم إلى أعضائك الحيوية لإبقائها دافئة. وهذا يمكن أن يقلل من كمية الدورة الدموية في أذنيك ويجعلها باردة. كما يمكن أن تسبب درجة الحرارة الباردة تغيرات جسدية في طبلة الأذن والقناة السمعية الخارجية، مما قد يؤدي إلى الألم، وطنين في الأذنين، وحتى فقدان السمع المؤقت أو مشاكل فيه. ولهذا السبب من الضروري حماية أذنيك وسمعك خلال فصل الشتاء. وإليك بعض النصائح لحماية الأذن في الشتاء:
– حافظ على أذنيك دافئة وجافة. إذا كنت تخطط للخروج من المنزل، أو كانت الأجواء الداخلية في المنزل باردة، فتأكد من ارتداء واقي الأذن من الطقس البارد مثل قبعة الشتاء أو عصابة الرأس المحبوكة أو دفايات الأذن المصنوعة من الصوف. هذه يمكن أن تبقي أذنيك دافئة وجافة.
– نظف أذنيك بطريقة صحيحة. يمكن أن تحفز الرياح أذنيك على إنتاج مزيد من شمع الأذن. كما يمكن أن يؤدي التنظيف غير السليم للأذن إلى تراكم شمع الأذن في أعماق قنوات الأذن. ولتنظيف الأذن استخدم منديلا أو قطعة قماش ناعمة ورطبة حيث يمكن أن تدخل بها للحد الذي يصل إليه إصبعك، ولا تتعمق أكثر داخل قناة الأذن. لا تضع أي شيء، مثل المسحات أو الصوف القطني، داخل الأذنين.
– كن حذراً من التهابات الأذن. نظراً لأن التهابات الأذن شائعة نسبياً في الأشهر الباردة، فمن الجيد أن تكون متيقظاً للعلامات والأعراض المبكرة. إذا لاحظت ألماً في الأذن، أو احمراراً، أو إفرازات، أو أي تغيير في فقدان السمع الحالي أو طنينا في الأذنين، فلا تؤجل زيارة طبيبك أو أخصائي السمع. واعتن بأي حالة حساسية لديك، للمساعدة في منع احتقان قناة أوستاكي.
– تواصل مع أخصائي السمع. حدد موعداً مع أخصائي السمع الخاص بك لإجراء الفحوصات والتقييمات الروتينية، الذي سيقوم بإجراء اختبار السمع لتحديد مشكلة السمع لديك والتوصية باستخدام أداة السمع المناسبة أو العلاج وفقاً لذلك. كما يمكنه أيضاً تزويدك بمزيد من المعلومات حول حماية أذنيك من درجة الحرارة الباردة.
– اعتن بالسماعة الطبية. إذا كنت تستخدم سماعات طبية مساعدة للسمع، فاحتفظ ببطاريات إضافية في متناول يدك، حيث من المعروف أن درجات الحرارة الباردة تقلل من عمر البطارية. ولا تسمح بتعرض السماعات الطبية للرطوبة. ويمكنك إبقاء معيناتك السمعية دافئة وجافة باستخدام غطاء للأذنين أو قبعة.