
تيريز القسيس صعب.
خاص رأي سياسي …
بعد استراحة قصيرة، وافساحا في المجال أمام المعارضة للاتفاق والتشاور فيما بينها على اسم مرشح ينافس فيه مرشح الممانعة سليمان فرنجيه، عادت الحركة الخارجية تشهد إلماماً قوياً في الوضع الداخلي، وعادت اقطاب المعارضة تحط رحالها في باريس في خطوة يُراد منها تحريك الملف الرئاسي والتوصل إلى حل.
ويبدو ان إخفاق المعارضة في التوصّل إلى قواسم مشتركة حول اسم الرئيس دفع فرنسا وقطر ايضا الى إعادة محاولتهما الاستماع من جديد عن الهواجس والطروحات التي من الممكن أن تكون عاملا مساعدا في حل الأمور.
وبحسب المعطيات يتبين ان فشل القوى المسيحية “القوات اللبنانية”، “الكتائب”، “والتيار الوطني الحر” التوافق على مرشح ضد “الثنائي الشيعي”، يعود الى تخلي رئيس التيار جبران باسيل عن تبني تأييد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور بعد اعتراض “حزب الله” عليه، وتمسكه برفض اي مرشح لا يرضى به الحزب.
وتشير المعلومات المستقاة من العاصمة الفرنسية الى ان اللقاء الذي جمع منذ يومين رئيس التيار جبران باسيل بمستشار الرئيس الفرنسي باتريك دوريل لم يكن موفقا ابدا، خصوصا وان باسيل جدد موقف التيار الرافض لانتخاب فرنجيه، وللمبادرة الفرنسية التي لا تلبي رغبات وطموحات شريحة مهمة من الشعب اللبناني.
الا ان المستشار الفرنسي لم يتحل بالديبلوماسية في كلامه، فواجه باسيل بالأدلة والبراهين والاثباتات والانتقادات كيف ان السياسة التي اتبعها التيار منذ أن تسلم الحكم في لبنان، ويتبعها اليوم، لم تخدم مصلحة لبنان على كافة المستويات السياسية والاقتصادية.
فرنسا تتواصل من جديد…
وفي الاطار عينه، يظهر جليا عودة الاهتمام الفرنسي الى الساحة اللبنانية بعد الانتهاء من همروجة القمة العربية.
وفي موقف لافت، توافرت معلومات موثوقة عن انزعاج فرنسي من المناورات العسكرية التي جرت في عرمتى الجنوبية، والتي اوصلها أصدقاء مشتركين للقيادات العليا في حزب الله، وترى فيها باريس استفزازاً لشريحة كبيرة من اللبنانيين. وتشير الرسالة الباريسية الى ان ما جرى من استعراض ومناورات عسكرية لا تخدم ولا تصب اطلاقا لمصلحة المرشح سليمان فرنجيه، الذي لا يزال ورقة تفاوض رئاسية في أيدي فرنسا.
ويتبيّن وفق المعطيات، ان باريس تحاول إعادة تقييم ومراجعة للمرحلة السابقة من مبادرتها، وهي قررت التواصل مجدداً مع القيادات المسيحية، وستستمر في لقاءاتها تباعا هذا الأسبوع مع مختلف القيادات في باريس، كما ستشمل ايضا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.
فالمحطات الباريسية هذه، جاءت بعد اتصالات وتنسيق بين باريس والفاتيكان التي عبرت عن قلقها الشديد مما يحصل على الساحة اللبنانية، وهي تحاول اليوم ان تلعب دوراً متوازناً مع فرنسا بعدما ازعجتها المواقف الفرنسية الداعمة لفرنجيه، والمعارضة لشريحة كبيرة من اللبنانيين، وتحديدا المسيحيين.
فدولة الفاتيكان، تنظر الى لبنان نظرة مختلفة عن باقي الدول في المنطقة، لما لبلد الارز من دور وموقع وتاثير بين التعايش المشترك للاديان المسيحية والاسلامية، وبالتالي لا يمكنها ان تبقى متفرجة وصامتة امام ما يحصل على الساحة السياسية.
صحيح ان الفاتيكن لا تملك كتلا نيابة في البرلمان، لكن بامكانها ان تلعب دورا اساسيا ومساعدا لما لها من اتصالات دولية مؤثرة.
فالتواصل الفرنسي الفاتيكاني اثمر الى إعادة النظر او المراجعة في المبادرة الفرنسية، والاستماع مجدداً الى هواجس الفريق المسيحي المعارض، والأخذ بمطالب شريحة مهمة من اللبنانيين توصلا الى قواسم مشتركة قد تؤدي إلى حل او تسوية للازمة الرئاسية.
هذا الامر، سيكون أيضا الطبق الاساس في اللقاء المنتظر بين البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الاليزيه في الاسبوع الاول من حزيران المقبل.
فالزيارة الرسمية للراعي الى باريس ستوضح الموقف الفرنسي من دعم سليمان فرنجيه بعد البلبلة واللغط الحاصل في بيروت، كما انها سترد على الهواجس والاعتراضات التي سبق للراعي ان عبر عنها مرارا وتكرارا امام السفيرة الفرنسية في لبنان آن غرييو او من خلال عظاته الاسبوعية، والذي يعتبر فيها ان فرنسا تخطت كل الاعتبارات المسيحية في موضوع الاستحقاق الرئاسي، وعملت على دعم فريق سياسي ضد آخر معارض له.
قطر من جديد…
وفي موازاة الحراك الفرنسي، عاود ايضا الوفد القطري مهمته في بيروت ضمن جولة جديدة وصفت بالمنتجة بعد أن سبقتها المرحلة الاستطلاعية منذ شهر تقريبا.
وتؤكد المعطيات ان القطريين ما زالوا على موقفهم من دعم قائد الجيش جوزيف عون، وسيحاولون احراز خرق ما في جدار الملف الرئاسي خصوصا مع الثنائي الشيعي ومع باسيل لمصلحة عون أو شخص آخر.
الا ان هذا الحراك القطري ياتي بعد التنسيق الكامل والمتكامل مع المملكة العربية السعودية التي لم تبدل في موقفها من لآتها الثلاث، وهي تنطلق من “اعلان جدة” في الدعوة الى انتخاب رئيس يلبي طموحات اللبنانيين.