مفاوضات الدوحة: هل أجّلت مكالمة هاتفية قطرية الرد الإيراني المتوقع ضد إسرائيل؟
كتب مهند توتنجي, في “بي بي سي عربية”:
كانت 48 ساعة دراماتيكية في جولة مفاوضات جديدة تستضيفها الدوحة من أجل التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس.
ففي بيان مشترك بين قطر ومصر والولايات المتحدة الأمريكية قالت الأطراف الثلاثة إنه وعلى مدى اليومين الماضيين الدوحة، انخرط كبار المسؤولين من حكومات تلك الأطراف في محادثات مكثفة كوسطاء بهدف إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة والإفراج عن الرهائن والمحتجزين. وكانت هذه المحادثات “جادة وبناءة وأُجريت في أجواء إيجابية”، وفق البيان المشترك.
وأضاف البيان أنه “في وقت سابق اليوم في الدوحة، قدمت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم من دولة قطر وجمهورية مصر العربية لكلا الطرفين اقتراحا يقلص الفجوات بين الطرفين ويتوافق مع المبادئ التي وضعها الرئيس بايدن في 31 مايو/ أيار 2024 وقرار مجلس الأمن رقم 2735”.
و”يبني هذا الاقتراح على نقاط الاتفاق التي تحققت خلال الأسبوع الماضي، ويسد الفجوات المتبقية بالطريقة التي تسمح بالتنفيذ السريع للاتفاق”.
ما قد يميز هذه الجولة التي تنعقد إثر اغتيال رئيس المكتب السياسي للحركة في طهران هي تلك الدقائق التي سبقت إقناع الوفد الإسرائيلي بالبقاء ليلة في أحد فنادق الدوحة من أجل استكمال جولة المفاوضات الجدية في اليوم التالي.
يعتبر الوفد بأن البقاء في منطقة معروفة للجميع وخارج إسرائيل خطر في ظل تهديدات إيران وحزب الله الساعية للرد على اغتيال القائد العسكري في الحزب فؤاد شكر، واغتيال هنية الذي تقول حماس وإيران إن وراءه إسرائيل التي لم تعلن مسؤوليتها عن عملية الاغتيال.
قرر الوفد بعد ضغط الوسطاء البقاء ليلة أخرى، في ظل ما قيل إنه “تقدم ملحوظ بشأن الخلافات السابقة” التي تمنع التوصل لاتفاق نهائي بين إسرائيل وحماس.
لكن التهديدات الأمنية كانت مصدر قلق كبير الوفد، الذي درس إمكانية قضاء الليلة بالطائرة التي حملتهم من إسرائيل، حيث سعى الوفد للاعتماد على الأمن الإسرائيلي الخاص وأسلحته النوعية التي حملها على متن الطائرة وأيضا إمكانية انضمام عناصر أمن قطرية لحماية الطائرة.
وضم الوفد الإسرائيلي قادة الصف الأول في الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية وهم رئيس الموساد دافيد بارنيع ورئيس جهاز الأمن العام رونين بار.
إلا أن ذلك لم يحدث بحسب تقرير لصحيفة يديعوت أحرونوت، الذي ذكرت أن الوفد قضى ليلته في مكان آخر.
مكالمة هاتفية قطرية مع إيران
وبحسب تقارير صحفية وإعلامية إسرائيلية وغربية، فقد تحدث رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثان هاتفيا مع القيادة الإيرانية، ودعاها إلى التأني في تنفيذ أي هجوم على إسرائيل، لأن “تقدما لوحظ على سير المفاوضات ولو أنه بالتقديم البسيط “.
وتعتقد صحيفة يديعوت أحرونوت بأن هذه المكالمة أثرت لصالح تأجيل أي قرار من قبل حزب الله أو إيران باستهداف إسرائيل حتى تضح نتائج جولة التفاوض.
كانت إسرائيل في هذه الليلة تحضر لربما لضربة متوقعة من قبل حزب قيل إنها “وشيكة جدا”.
” تقدم ملحوظ”
“تقدّم ملحوظ” جملة تكررت كثيرا أثناء تغطيتنا للمفاوضات غير المباشرة التي ترعاها قطر ومصر منذ أشهر طويلة، وتكاد تكون نهاية كل جولة مفاوضات قيل فيها بأن التقدم ملحوظ كانت تنتهي بالفشل.
يعتقد كثير من الإسرائيليين بأنه لا يجب أن يتفائل الكثيرون بهذه الأنباء لأن الخلافات الرئيسية بين حماس وإسرائيل ما زالت كبيرة وغير قابلة للحل، بحسب متابعين.
وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بأن ثمن عدم استغلال هذه “الفرصة الأخيرة” قد يكون ثمن حياة الرهائن المتبقين في قطاع غزة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي مؤخرا القضاء على 75 بالمئة من قدرات حماس العسكرية، وقد يعلن بحسب مصادر تحدثت إلى بي بي سي قريبا عن انتهاء العمليات العسكرية المكثفة في القطاع ما قد يشكل ضغطا على المستوى السياسي بأن الحرب بشكلها الحالي لا داعي لها أن تستمر.
لكن هذه المصادر أكدت بأن الحركة ستنتظر النتائج النهائية لإعطاء التقييم النهائي حول ما ستسفر عنه الجولة التفاوضية.
تتمسك حماس بموافقتها على مبادرة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والتي كانت تتبناها إسرائيل، وتطالب بخطة تنفيذية بدلا من التفاوض إلى ما لا نهاية، لكن نتنياهو أضاف شروطا أخرى لا تقبل بها حماس.
معوقات الصفقة
تواجه فرق التفاوض عدة تحديات ونقاط خلافية، أبرزها آليات المرحلة الثانية من تبادل الأسرى والرهائن، وشروط عقد المحادثات ووقف إطلاق النار النهائي؛ وسلسلة من العقبات والشروط الجديدة التي أمر بنيامين نتنياهو بإضافتها إلى الاتفاق الذي اقترحته إسرائيل نفسها في 27 مايو/أيار.
ومن بينها الرفض الإسرائيلي للانسحاب من ممر فيلادلفيا ـ الذي قوبل بمعارضة شديدة من مصر وحماس؛ والمطالبة الإسرائيلية بترتيبات أمنية على معبر رفح لا تشمل حماس أو السلطة الفلسطينية؛ وآلية لممر نتساريم؛ وقائمة الرهائن الأحياء، وغير ذلك.
وفي تلخيصه لليوم الأول، قال أحد كبار المسؤولين من إحدى الدول الوسيطة إنه يبدو أن اختراقاً قد تم التوصل إليه في قضية رئيسية واحدة ـ الحل المحتمل لممر نتساريم.
وكان هذا الاختراق، الذي لا تزال تفاصيله غير معروفة، سبباً في التفاؤل والقدرة على الإبلاغ عن بعض التقدم.
تقول صحيفة يديعوت أحرونوت إن ما يقلق نتنياهو من مسألة الاتفاق هو أن “يؤدي لإنهاء الحرب في غزة.
وتقدر تقارير عديدة سياسية وإعلامية أن اتفاقا لوقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يؤدي إلى هدوء في لبنان واستقرار في إيران ويعطي الجيش الإسرائيلي فرصة إعادة بناء نفسه بعد حرب مرهقة مستمرة منذ أكثر من عشرة أشهر.
” لا يوجد أي تقدم بالمفاوضات “
يقول روني شاكيد وهو باحث في معهد ترومان في الجامعة العبرية لبي بي سي إنه “لا يوجد أي تقدم في مفاوضات الدوحة”.
واعتبر أن المشكلة هي ليست التفاصيل للصفقة وإنما “مشكلة ابتدائية” بمعنى أن حماس تريد وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع، بالمقابل نتنياهو يريد بقاء الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة واستمرار الحرب.
وأكد شاكيد لبي بي سي أن هذه هي الفجوات الكبيرة وفي حال تم حلها فيمن القول إنه هناك تقدم كبير في المباحثات، موضحا بأن التقدم الحاصل “هي تفاصيل الصفقة وليس وقف إطلاق النار”.
يقول شاكيد إن الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا ومحور نتساريم هي “مشكلة أساسية” بالنسبة لإسرائيل.
من جهته، فإن الجيش الإسرائيلي يقول إنه مستعد لذلك في حال مُنح الضوء الاخضر من القادة السياسيين.
ويضيف الباحث الإسرائيلي أنه من ناحية الشعب الإسرائيلي فالأهم هو عودة الرهائن الذين يقول ذووهم إن “الحكومة تخلت عنهم”.