رأي

هكذا تناضل نساء الكاميرون من أجل السلام وتحرير المرأة

كتبت سيليا فرولتش | بليزه إيونغ في DW

منذ سنوات يناضلن من أجل إنهاء الأزمة في الكاميرون. والآن تمنح جائزة أفريقيا الألمانية 2023 للنساء العضوات في “المؤتمر الوطني الأول للمرأة من أجل السلام في الكاميرون” تقديرا لنضالهن على أكثر من صعيد.

نها بداية العام الدراسي الجديد في الكاميرون. هنا في شمال  الكاميرون، في قرية تدعى موكولو، يتدفق الطلبة إلى الفصول الدراسية. المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة، مارثا واندو، موجودة أيضاً للتحدث إلى الفصول الدراسية.

واندو هي عضوة في “المؤتمر الوطني الأول للمرأة من أجل السلام في الكاميرون”، الذي يدعو إلى حل النزاع في الكاميرون. وتقديراً لجهودها تم منحها جائزة مؤسسة إفريقيا الألمانية لهذا العام 2023. ويضم المؤتمر 77 منظمة وشبكة نسائية تمثل مختلف مناطق المجتمع الكاميروني.

أزمات متعددة في البلاد

الكاميرون تمزقها الأزمات. فمنذ عام 2017، تقاتل الجماعات الانفصالية من أجل استقلال المناطق الناطقة باللغة الإنجليزية في شمال غرب وجنوب غرب البلاد. ووفق مجموعة الأزمات الدولية، فقد لقي ما لا يقل عن ستة آلاف شخص حتفهم في الصراع، وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 700 ألف شخص نزحوا داخل بلادهم. إضافة إلى ذلك، تشن ميليشيا  بوكو حرامهجمات في الشمال، وينفذ متمردون من جمهورية أفريقيا الوسطى المجاورة هجمات في الشرق، حيث تعاني بشكل رئيسي الفتيات والنساء.

ويدعو مؤتمر المرأة إلى وقف فوري لإطلاق النار واستئناف الحوار بين الحكومة والانفصاليين وكذلك إشراك المرأة في المفاوضات وتعزيز الرعاية النفسية والاجتماعية لضحايا الحرب.بالإضافة إلى عملهن في المؤتمر، تشارك النساء في العديد من مجالات المجتمع المختلفة. وثلاثة منهن سيتسلمن الجائزة نيابة عن منظمتهن.

شعر مارث واندو بالقلق بشكل خاص على الطالبات، إذ لا يسمح جميع الآباء لبناتهم بالذهاب إلى المدرسة في الكاميرون. وقالت واندو: “حلمي هو أن تتاح لكل فتاة وكل فتى فرصة الذهاب إلى المدرسة وبلوغ المستوى الذي يريدونه”. والمشكلة الأكبرهي: زواج الأطفال. ووفق اليونيسيف، فإن أكثر من 30 في المائة من الفتيات الكاميرونيات يتزوجن قبل سن 18 عاماً.

وتحاول واندو إقناع الفتيات والشابات بالعودة إلى المدرسة أو تعلم إحدى المهن. لكن عليها أولاً إقناع أولياء أمور الفتيات. وتقول واندو: “لأسباب تتعلق بالثقافة هناك، يقول الناس إن الفتاة التي تذهب إلى المدرسة لا يمكن أن تكون امرأة جيدة”.

النضال ضد بوكو حرام

ولا يقتصر الأمر على القيم الثقافية والدينية التي تحد من حقوق  النساء فحسب، بل أيضاً على تهديد بوكو حرام. فقد اختطفت الجماعة الإرهابية عائشة البالغة من العمر 21 عاماً وعائلتها بأكملها في عام 2016 وأجبرت على الزواج من أحد المقاتلين.

وتروي عائشة لـ DW: “النساء يتعرضن للضرب بلا سبب ويغتصبن باستمرار”. وتتابع: “البعض يتزوجون للحصول على الحد الأدنى من الحماية على الأقل، وإلا فلا يوجد شيء يشبه الزواج بالمعنى الحقيقي للكلمة. جميع مقاتلي بوكو حرام لديهم الحق في ممارسة الجنس مع أي امرأة في المخيم. وتتعرض النساء للاغتصاب إلى درجة لا يعود بإمكانهن المشي. وفي حالة مات أزواجهن ولم يوافقن على الزواج من رجل آخر خلال 24 ساعة، يتم قطع رؤوسهن على الفور”.تمكنت عائشة من الفرار من المخيم مع طفلها. وبفضل واندو، تلقت مساعدة نفسية واجتماعية ودعمًا ماليًا – ويمكنها الآن إدارة مشروعها الخاص. وقالت واندو: “من المهم أن نترك التجارب الصعبة خلفنا وأن نكتسب الأمل والشجاعة لنأخذ زمام الحياة بأيدينا مرة أخرى”.

إستر أومام: كسر دائرة القمع

في جنوب غرب الكاميرون، أنشأت إستر أومام عيادة متنقلة ليوم واحد في قرية الصيد ديبوندشا. كما أنها ستستلم الجائزة نيابة عن المنظمة. وتقدم أومام عبر منظمتها غير الحكومية “أيادي الخير في الكاميرون” رعاية طبية مجانية لآلاف الأشخاص كل أسبوع. بالنسبة للعديد من مرضاهم، يعد ذلك الوسيلة الوحيدة للحصول على الرعاية الطبية. فقد أدى القتال الدائم بين الانفصاليين والجيش إلى تدمير المراكز الصحية. وتقول أومام موضحة:”لقد انهارت إمدادات الأدوية للمصابين بفيروس نقص المناعة “الإيدز” بشكل تام”. وتابعت: “لا يمكن للناس الذهاب بسهولة إلى المركز الصحي دون الخوف من أن يصبحوا هدفاً للمقاتلين”.

تقدم أومام المساعدات الإنسانية  للمواطنين في الكامرون منذ أكثر من 20 عاماً. وتوضح: “تتحدث النساء معي عن الحاجة إلى الحصول على المياه، والتعليم الآمن. لقد عانيت من نفس المشاكل. لذا فإنه من دواعي سروري أن أعرف أننا نؤثر ونغير حياة الناس.” من خلال مساعدة النساء على بدء مشاريع صغيرة، تهدف إستر أومام إلى كسر دائرة الفقر والقمع.

سالي مبوميان: النضال من أجل الحق في الصحة الإنجابية

بالعودة إلى شمال الكاميرون، تقوم سالي مبوميان وفريقها النسائي من منظمة “العمل المشترك من أجل تنمية النوع الاجتماعي” بحملة من أجل حقوق النساء والفتيات في مجال  الصحة الجنسية والإنجابية. وفي مدينة باميندا، تقدم مبوميان، وهي أيضاً عضو في مؤتمر المرأة، محاضرات وتساعد ضحايا العنف الجنسي.وبما أن مبوميان نشأت في هذه المنطقة، فهي على علم جيد بالتحديات التي تواجه النساء والفتيات هناك. وتوضح سالي مبوميان قائلة: “ليس لديهن خدمة صحية تساعدهن في حل هذه المشكلات. تشعر النساء بتعرضهن للغش على المستوى الاقتصادي، ويتم كذلك خداعهن فيما يتعلق براحتهن، وأنه ليس لديهن استقلال جسدي، كما أنهن لا يملكن زمام أمورهن و “إنهن ضحايا لأشكال عديدة من سوء المعاملة والعنف”.

منذ عام 2015، عملت مبوميان على تثقيف وإلهام  الشابات من أجل أن يصبحن ناشطات في مجتمعاتهن. وكذلك تفعل دورين نكواي، الناشطة في أوساط الشباب. وبدورها ترى أنه “في هذه الأيام نادراً ما تجد فتيات في مناصب قيادية. حتى عندما تتقدم إحداهن لمنصب ما، يقال لها فقط، لا يمكننا توظيف فتاة. و لكن لماذا؟ لأنها يجب أن تذهب في إجازة أمومة قريبا، لأنها ستتزوج”.لكن مبوميان ترى، أن تعيين النساء والفتيات في المناصب العليا هو جزء من الحل للأزمة في الكاميرون.

تعتبر جائزة أفريقيا الألمانية أرفع جائزة تمنحها ألمانيا للأشخاص المنحدرين من قارة إفريقيا والذين يلتزمون بقيم الديمقراطية والسلام وحقوق الإنسان والفن والثقافة والتنمية الاقتصادية والعلوم والمجتمع. ومن بين أبرز الأسماء الفائزة بهذه الجائزة، رئيس بوتسوانا السابق، سير كيتوميلي ماسير، والناشطة الصومالية في مجال حقوق المرأة، واريس ديري، وخبير المعلوماتية الحيوية، البروفيسور، توليو دي أوليفيرا من جنوب أفريقيا، وعالم الفيروسات د. سيخوليل مويو من بوتسوانا.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى