كتبت منى الدحداح في صحيفة عكاظ.
سقوط نظام الأسد في سوريا، الذي حدث في 8 ديسمبر 2024، يمثّل تحولاً جذرياً في تاريخ البلاد. بعد سنوات من القمع والحرب الأهلية، تمكّنت الفصائل المعارضة برئاسة أحمد الشرع (الجولاني)، من السيطرة على دمشق، مما أدى إلى فرار بشار الأسد إلى الخارج.
صحيح إن سقوط هذا النظام كان له تأثير كبير على الجميع، وكأنه حلم تحقق، لكن طريقة سقوطه أثارت العديد من التساؤلات والترقب لدى شريحة واسعة من السوريين والدول العربية.
ومن هذه التساؤلات:
لماذا أحمد الشرع؟لماذا أمريكا غيّرت رأيها ولم تقبض عليه، وكان تلفزيون الـ C.N.N الأمريكي من أولى القنوات التي قابلت الجولاني؟
لماذا أعطيت الأوامر للجيش السوري بعدم المواجهة والاستسلام؟
لماذا انسحبت روسيا من سوريا، الداعم الأساسي لنظام بشار الأسد؟
لماذا تركيا كانت في الواجهة بدعم دخول الجولاني إلى سوريا؟
في السياسة، ما يهم أكثر هو النتائج، والنتائج موجودة بالفعل:
– تركيا تحت قيادة أردوغان ستستفيد من الغاز والاستثمارات القطرية وتدعم مواقعها على الحدود الشمالية مع سوريا.
– روسيا ستستعيد أراضاً إستراتيجية في أوكرانيا وستحتفظ بقواعدها في سوريا.
– إسرائيل تمكّنت من إضعاف المقاومة الفلسطينية واللبنانية وعززت سيطرتها على هضبة الجولان.
– أوروبا ستستعيد نقل الغازعن طريق سوريا.
– الولايات المتحدة ستضع حداً للمشروع الصيني: طريق الحرير.
– الإدارة الجديدة لترمب ستعيد طرح اتفاقيات أبراهام.
وخوفاً من عودة نظام مشابه للنظام السابق، أو نظام يطبق نموذج حكم متشدد مستوحى من فكر قمعي إرهابي وامتداده إلى دول عربية أخرى، سارعت الدول العربية يوم السبت 14 ديسمبر 2024 إلى عقد اجتماع في العقبة – الأردن، لأعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر.
أكدوا خلال الاجتماع، على أهمية دعم عملية انتقالية سلمية شاملة في سوريا، تشمل جميع القوى السياسية والاجتماعية، بما في ذلك المرأة والشباب والمجتمع المدني، بصورة عادلة ويجب أن تتم هذه العملية تحت رعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وفقاً لمبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته.
كما تم التأكيد على ضرورة تعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، نظراً لأنه يمثل تهديداً لسوريا ولأمن المنطقة والعالم، مما يجعل مواجهته أولوية مشتركة.
في الختام، يبقى القلق السوري والعربي حول مستقبل سوريا بعد سقوط الأسد مشروعاً ومفهوماً. إن التعامل مع التحديات السياسية والاجتماعية في المرحلة القادمة يتطلب جهوداً مشتركة وتعاوناً دولياً مستمراً. وأملنا جميعاً هو أن تتمكّن سوريا من الخروج من حالة الفوضى، وأن تشهد عودة السلام والاستقرار، حيث يمكن لكل السوريين أن يعيشوا بكرامة وأمان.