افتتاحية اليوم: الدوحة واختبار الوحدة

تتجه أنظار العالم العربي والإسلامي يوم الإثنين المقبل نحو العاصمة القطرية الدوحة، التي تستضيف قمة عربية وإسلامية طارئة، دعت إليها قطر على خلفية الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف قيادات من حركة حماس داخل أراضيها، في خطوة وُصفت بأنها انتهاك صارخ للسيادة الوطنية وتعدٍ على الأعراف الدولية.
القمة التي تأتي في توقيت بالغ الحساسية، تحمل بين طيّاتها رهانات كبرى على قدرتها في توحيد الموقف العربي والإسلامي إزاء تصاعد العدوان الإسرائيلي، ليس فقط على غزة وفلسطين، بل على دولة تلعب دور الوسيط الإقليمي في عدد من الملفات المعقدة.
وعلى الرغم من الإدانات الدولية المحدودة للهجوم، أبرزها من مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى ضبط النفس دون أن يحمّل إسرائيل مسؤولية مباشرة، فإن ذلك يعني أن الموقف الدولي لا يزال قاصرًا عن مواجهة الانتهاك بشكل صريح، ما يضع القمة أمام مسؤولية ملء هذا الفراغ، وبلورة موقف موحد يرقى إلى مستوى الحدث.
مما لا شك فيه أن هذه القمة تأتي في ظل مخاوف متزايدة من اتساع رقعة العدوان الإسرائيلي في المنطقة، لا سيما بعد تصاعد الإستهدافات اليومية في الجنوب اللبناني، واستمرار العملية العسكرية في غزة، والتوترات في الضفة الغربية.
من المتوقع أن تُحدث القمة تحولات في مسارات عدة على المستوى الإقليمي فالقمة تمثل غطاءً سياسيًا ودبلوماسيًا لدولة قطر، يعكس رفضًا جماعيًا للمساس بسيادتها، ويؤكد على دورها المركزي في ملفات الوساطة.
وتفتح القمة ايضا الباب أمام بلورة استراتيجية موحدة في التعاطي مع السياسات الإسرائيلية، وسط اتهامات متزايدة باستخدام القوة خارج الأراضي الفلسطينية، وتجاوز الخطوط الحمراء.
وما حدث في قطر قد يدفع بعض الدول العربية والإسلامية لإعادة تقييم علاقاتها مع إسرائيل، خاصة تلك التي طبّعت العلاقات في السنوات الأخيرة، في ظل تزايد الضغوط الشعبية.
لكن ورغم أهمية الحدث، تبقى فعالية القمة مرهونة بما ستخرج به من قرارات عملية.
وتخشى مصادر عليمة أن تقتصر النتائج على بيانات شجب وتنديد، دون اتخاذ خطوات ملموسة مثل استدعاء السفراء، أو رفع دعاوى قانونية، أو حتى تجميد العلاقات في بعض الملفات.
وفي المقابل، هناك من يرى في القمة فرصة تاريخية لإعادة بناء موقف عربي وإسلامي موحّد، خاصة في ظل فشل المجتمع الدولي في وقف العدوان على غزة، واستمرار الانحياز الغربي للسياسات الإسرائيلية.
نختم بالقول: أن ما ستسفر عنه قمة الدوحة الطارئة سيحدد إلى حد بعيد إن كانت الدول العربية والإسلامية قادرة على ترجمة الغضب إلى مواقف فعالة، أم أن الانقسامات ستبقى العنوان الأبرز في الملفات الإقليمية.