اقتصاد ومال

5 عوامل تقف وراء ارتفاع سعر “بيتكوين” القياسي

يواصل سعر العملة المشفرة الأشهر “بيتكوين” الارتفاع مقترباً من أعلى مستوى قياسي وصلت إليه عام 2021، حين بلغ سعرها 68 ألف دولار. ومع اقتراب سعر العملة المشفرة من 65 ألف دولار، تكون بذلك أضافت ما يزيد على نسبة 40 في المئة إلى سعرها منذ مطلع هذا العام، أي في غضون شهرين. ويقترب الارتفاع في سعر “بيتكوين” من نسبة تفوق 130 في المئة، منذ هبوط سعرها قبل أقل من ثلاثة أعوام إلى ما دون 20 ألف دولار.

لا يقتصر الارتفاع على عملة “بيتكوين” فحسب، بل إن عملة “إيثر” المشفرة تشهد أيضاً ارتفاعاً في سعرها، وهذا ما جعل سوق العملات المشفرة عموماً تعاود بلوغ حاجز تريليوني دولار، تحظى “بيتكوين” بأكثر من نصفها بقيمة سوقية تتجاوز تريليون دولار.

لكن ما هو سر الارتفاع المطرد في سعر “بيتكوين” وبقية العملات المشفرة حالياً، وما العوامل الأكثر تأثيراً في ارتفاع أسعار المشفرات حتى تكاد تبلغ مستوى قياسياً جديداً؟

هناك أكثر من عامل، لكن ربما من أبرزها خمسة عوامل نجملها في ما يلي:

ربما يكون العامل الأهم في تحسن سوق المشفرات عموماً، وعملة “بيتكوين” خصوصاً، هو موافقة هيئة البورصة والأوراق المالية الأميركية، أخيراً، على تسجيل أول صندوق تداول للمشفرات، بعدما كانت سلطات التنظيم المالي تتردد من قبل في تسجيل صناديق تداول المشفرات على مؤشرات سوق الأوراق المالية. لكن الموافقة على تسجيل أول صندوق، أدت إلى أصداء إيجابية بصورة عامة، مع احتمال موافقة السلطات على مزيد من الصناديق، إذ إن أمامها نحو دستة من الطلبات المقدمة من قبل، وتنتظر قرار النظر فيها.

يقول محلل الأسواق في شركة “إي تورو” سايمون بيترز، بحسب ما نقلت عنه مجلة “فوربس”، الإثنين الماضي، إن التداول على صندوق المشفرات المسجل في بورصة “وول ستريت” بنيويورك أدى إلى زيادة حجم التداول في عدد من الصناديق الأخرى أيضاً. ويضيف، “شهدنا يوماً استثنائياً بالنسبة لحجم التداول لصندوق تداول بيتكوين الفوري، ووصل إلى 2.4 مليار دولار، منها 1.26 مليار دولار لصندوق بلاك روك الاستثماري. أضاف صندوق التداول الفوري في بيتكوين تسعة آلاف عملة في يوم واحد، وهو ما يوازي 10 أضعاف ما يتوفر يومياً من عملة بيتكوين نتيجة عملية التعدين”.

على مدى الأيام الماضية، تضاعفت عمليات التداول على 10 صناديق تداول للعملات المشفرة ثلاث مرات تقريباً، وأسهم ذلك في استمرار الارتفاع المطرد في أسعار “بيتكوين” والعملات المشفرة الأخرى.  

 “تنصيص” عائد التعدين عن المشفرات

العامل الثاني في الأهمية الذي أسهم في ارتفاع أسعار “بيتكوين” وعدد آخر من العملات المشفرة في الفترة الأخيرة، وربما يدفع بأسعار المشفرات نحو ارتفاع أكبر في الأسابيع المقبلة، هو أمر يحدث كل أربع سنوات، يتمثل في خفض عدد العملات التي يحصل عليها الساعون لتكوين العملات المشفرة إلى النصف، بحلول منتصف أبريل (نيسان) المقبل.

وفي الشفرة الأساسية لـ”بيتكوين” منذ طرحها أن يجرى “تنصيص” عدد العملات الممنوحة، لمن يتمكن من تدقيق وموافقة على عمليات على دفترها الإلكتروني عبر شبكة “بلوكتشين” للحفاظ على العدد النهائي للعملات المتاحة ومنع التضخم، ومنذ طرحت “بيتكوين”، هناك حد أقصى لما يطرح منها في سوقها هو 21 مليون عملة.

يقوم الباحثون عن العملة، عبر عملية تسمى “التنجيم” أو “التعدين” باستخدام أجهزة كمبيوتر قوية تعمل باستمرار على شبكة “بلوكتشين” (وتستهلك كماً هائلاً من الطاقة)، بتتبع عمليات تداول المحافظ الإلكترونية على الشبكة المشفرة والموافقة عليها، وحين يبلغ الباحث عدداً معيناً من العمليات يمنح عائداً من العملة المشفرة في محفظته.

حالياً، تبلغ جائزة من يصل إلى الحد المطلوب حصوله على 6.25 عملة “بيتكوين”، وهو ما ينخفض الشهر المقبل إلى النصف (تنصيص) ليصبح العائد 3.125 عملة “بيتكوين”، ومن شأن ذلك أن يعلي من قيمة العملة المشفرة. وفي المرات السابقة، كانت العملة تشهد كل أربع سنوات، زيادة كبيرة في سعرها مع عملية التنصيص تلك، إلا أن بعض المحللين في أسواق المشفرات يرون أن السوق والمستثمرين، ربما لا يأخذون في الاعتبار هذا العامل في وقته تماماً، بل إن بعض هؤلاء يرى أن أسعار العملة المشفرة تشهد تصحيحاً بعد عملية “التنصيص” تلك، لكن غالبية المحللين في السوق، يتفقون على أن أسعار المشفرات مستمرة في الارتفاع إلى ما بعد تلك العملية الشهر المقبل، نتيجة تسابق الجميع للحصول على أكبر عدد من العملات قبل خفض عائد “التعدين” إلى النصف.

3- استعادة ثقة المستثمرين

من العوامل المهمة أيضاً التي أسهمت في ارتفاع سعر “بيتكوين” والعملات المشفرة إلى مستويات أقرب إلى القياسية، استعادة ثقة المستثمرين في سوق المشفرات، بعدما تراجعت العام الماضي بشدة مع انهيار شركات مشفرات مثل “أف تي إكس” وغيرها، وكذلك قضايا الفساد والاتهامات من السلطات لشركات ومنصات تداول مشفرات كبرى.

وإلى جانب موافقة السلطات المالية على تسجيل صناديق تداول المشفرات رسمياً، هناك أيضاً إشارات شجعت على استعادة ثقة المستثمرين في سوق المشفرات عموماً، منها مثلاً تصريح الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والمرشح المحتمل الأقوى للرئاسة في انتخابات هذا العام عن الحزب الجمهوري، الجمعة الماضي، إذ أعطى موافقة ضمنية على عملة “بيتكوين” بقوله، “يمكنني التعايش معها طبعاً”.

وزادت شركة استخبارات الأعمال الأميركية “مايكروستراتيجي” حصيلتها من عملة “بيتكوين” بنهاية الأسبوع الماضي، إضافة ثلاثة آلاف عملة بقيمة 170 مليون دولار، وهو ما يرفع ما بحوزة الشركة الموثوقة من العملة المشفرة إلى 193 ألف عملة، وكل ذلك ساعد على استعادة ثقة المتعاملين في السوق في تداول العملات المشفرة، وحتى المضاربة عليها أيضاً.

4- مؤشر الجشع والأخطار

كل تلك العوامل السابقة، ومنها طبعاً استعادة ثقة المستثمرين في سوق المشفرات، جعلت الإقبال على تداول “بيتكوين” و”إيثر” وغيرهما من العملات يزداد بقوة في الآونة الأخيرة، ومع زيادة الطلب ومحدودية المتاح من تلك العملات ترتفع الأسعار، ويغري ذلك الساعين إلى الربح السريع والهائل إلى المضاربة على أسعار العملات المشفرة، كما أن تنصيص العملات للباحثين عنها الشهر المقبل زاد من شهية المضاربين في السوق، وهو ما أضاف إلى الضغط على الأسعار ارتفاعاً، فيما يصف موقع “كوين تلغراف دوت كوم” وضع السوق بأن “المستثمرين في المشفرات تحولوا إلى الجشع المطلق، وذلك بالمخاطرة أكثر في التعاملات”، ويجرى قياس تلك الحالة عبر مؤشر معروف هو مؤشر الخوف والجشع للمشفرات “كريبتو ماركت كاب”. وارتفع ذلك المؤشر، أخيراً، إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر فوق حاجز 80 نقطة (مقياس المؤشر من صفر إلى 100 نقطة)، مما يعني حالة الجشع بين مستثمري المشفرات والتخلي عن المخاوف.

5 – توقعات البدء في خفض أسعار الفائدة

يبقى هناك عامل مهم أيضاً يسهم في تحسن سوق المشفرات، كما يسهم في تحسن مناخ الأسواق عموماً، وهو توقعات المستثمرين ببدء البنوك المركزية في الاقتصادات الكبرى سياسة التيسير النقدي (خفض أسعار الفائدة وضخ السيولة)، مع تراجع الارتفاع في معدلات التضخم، ومع أن غالبية المحللين أجلوا موعد توقعهم بدء خفض أسعار الفائدة، إلا أن هناك شبه إجماع على أن ذلك سيحدث مع بداية النصف الثاني من هذا العام.

وغالباً ما تأخذ الأسواق في الاعتبار تلك العوامل بشكل مسبق، إذ إن المستثمرين الذين يقترضون للاستثمار في السوق، من أسهم وسندات ومشفرات وأصول رقمية، يضعون خططهم الاستثمارية على أساس كلفة الاقتراض المستقبلية، ومع توقع البدء في خفض أسعار الفائدة، يتشجع المستثمرون لزيادة استثماراتهم، بما فيها التعاملات على المشفرات مبكراً.

وفي ظل الارتفاع الحالي في أسعار العملات المشفرة، واحتمال ارتفاع أسعارها أكثر مع “تنصيص” المطروح منها لمن يقومون بتعدينها الشهر المقبل، يزيد إقبال المستثمرين على التداول فيها، إذ إن أرباحهم تتحدد على أساس الفارق بين ارتفاع أسعار الأصول التي يتداولونها، ونسبة الفائدة المتوقعة أن تبدأ في الخفض بعد أشهر قليلة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى