رأي

صدمة اليهود بفوز ممداني عمدة لمدينة نيويورك

كتب سلطان إبراهيم الخلف في صحيفة الراي.

لم يتوقّع يهود مدينة نيويورك الذين يشكلون 12 بالمئة من سكان المدينة، ويعتبرونها قلعتهم الحصينة، أن يفوز المرشح الديمقراطي زهران ممداني، ذو الـ34 عاماً بمنصب عمدة المدينة. وكانوا يتندّرون على ترشّحه لمنصب العمدة كونه مسلماً، وحاصلاً على الجنسية الأميركية في 2018، ومن مواليد أوغندا رغم كونه عضواً في مجلس ولاية نيويورك، وفاز بالانتخابات التمهيدية للترشّح لمنصب العمدة.

لم ينفع اليهود ما بذلوه من دعاية إعلامية مضادة، وملايين الدولارات كي يسقطوا ممداني، أمام منافسه أندرو كومو، حاكم ولاية نيويورك السابق. وصفوا ممداني بأنه مُعادٍ للساميّة، ومؤيد لحركة حماس، ويريد تطبيق الشريعة الإسلامية في مدينة نيويورك.


فشلت دعايتهم وأموالهم، أمام برنامج ممداني الإصلاحي، الذي يقوم على توفير حياة معيشية أفضل لسكان المدينة من خلال تثبيت سقف الإيجارات، وتوفير حافلات نقل مجانيّة، ورعاية مجانيّة للأطفال، وتخفيض أسعار المواد الغذائية، وتوفير المزيد من المساكن للحفاظ على أسعار مريحة، وحماية المستأجرين من ملاّك العقارات الذين لا يهتمون بصيانة عقاراتهم، وفرض الضرائب على أغنياء المدينة وعلى الشركات الكبرى، الأمر الذي دفع الرئيس ترامب، وهو بالأساس تاجر عقارات، إلى اتهام ممداني بأنه شيوعي.

وكما هو واضح ، لم يكن في برنامج ممداني ما يشير إلى معاداة الساميّة، أو أي تعاطف مع حماس، أو مطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية في المدينة، ليكشف حقيقة زيف ادعاءات اليهود أمام أهالي المدينة، الذين اعتبروا منافسي ممداني وعلى رأسهم كومو، مجرد أبواق دعاية في خدمة الكيان الصهيوني، عندما صرحوا خلال مناظرتهم بأن من يفوز منهم سيقوم بزيارة ذلك الكيان، وهي سقطة كبيرة لم يحسبوا لها حساباً، وضربة قاسية أضرّت بسمعة اليهود الذين جعلوا من مدينة نيويورك محافظة تابعة للكيان الصهيوني، دون أي اعتبار بكونها أميركية، ويعيش فيها أميركيون يتطلعون إلى مرشح يهتم بشؤونهم المعيشية، وليس بدولة أجنبية، ليكون ممداني المرشح الوحيد من بين هؤلاء الذي لفت انتباه الناخبين، وكسب تأييدهم عندما أصر على البقاء في المدينة لخدمة مواطنيه، ورفض زيارة الكيان الصهيوني.

تمكُّن ممداني من الفوز بنسبة 50.4 بالمئة على منافسه كومو 41.6 بالمئة المدعوم من اليهود الصهاينة والجمهوريين، يرجع إلى كونه متحدّثاً قديراً، ومحاوراً بارعاً ، مع إلمامه الواسع بالتحديات الاقتصادية التي تواجه الأكثرية من سكان المدينة من غير اليهود، وبالنفوذ اليهودي القوي فيها، وتجنبّه الدخول في مواجهة مع اليهود فيما يخص أمورهم الدينية، حتى لا يجدون مستمسكاً عليه يستغلونه ضده.

وبذلك يكون الشاب زهران ممداني قد كسر قاعدتي تفوّق النفوذ اليهودي في أميركا واستحالة هزيمتهم، حيث قلب الطاولة على رؤوسهم في معقلهم، وانتزع منصب عمدة المدينة من أيديهم بجدارة، ووصلت بهم حالة من الفزع التي لا مبرّر لها، حتى ارتأى الكثير منهم الفرار من مدينتهم، التي أصبحت حسب تعبيرهم معادية لليهود، لأن ممداني لم يعدهم بزيارة إسرائيل بعد فوزه بمنصب العمدة، وانتقد الكيان الصهيوني الذي يشن حرب إبادة على سكان غزة، وتعهّد -إن هو فاز بمنصب العمدة- بالقبض على نتنياهو، إن هو دخل مدينة نيويورك، وتسليمه لمحكمة جرائم الحرب الدولية.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى