رأي

“على ألمانيا مواجهة قضاياها المتعلقة بإسرائيل، وليس إسكات الكُتَّاب الفلسطينيين”.

تستمر الحرب الدائرة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل في تصدر عناوين الصحف البريطانية، منذ فجر 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حين نفذت الحركة عملية “طوفان الأقصى” في إسرائيل، والتي فاجأت الجميع.

نشرت صحيفة الغارديان مقال رأي كتبه الصحفي هانو هوينشتاين، بعنوان “على ألمانيا أن تواجه قضاياها المتعلقة بإسرائيل والماضي، لأن إسكات الكُتَّاب الفلسطينيين لن يجدي نفعا”.

يقول الكاتب إنه في المجتمع الألماني اليوم، يُنظر إلى دعم إسرائيل على أنه شرط أساسي لهوية ألمانية جماعية حديثة البناء. وفي حين أن درجة من الحساسية تجاه إسرائيل تبدو مفهومة بالنظر إلى تاريخ ألمانيا الوحشي المعادي للسامية، فقد أصبحت القضية أكثر إشكالية في السنوات الأخيرة. ويتعرض الفلسطينيون والفنانون وأمناء المعارض للتوبيخ أو الطرد أو إلغاء معارضهم الفنية بشكل منتظم، من قبل ما يسمى بالجنوب العالمي، والإسرائيليين اليساريين، بسبب آرائهم حول السياسات الإسرائيلية التي تعتبر غير مستساغة.

ويردف الكاتب قائلا إن خير مثال على مثل هذه السخافات وربما الأكثر حدة، قضية الكاتبة والأديبة الفلسطينية عدنية شبلي، صاحبة كتاب رواية “ماينور ديتيل” (تفاصيل صغيرة)، التي تحكي القصة الحقيقية لاغتصاب جندي إسرائيلي لفتاة بدوية فلسطينية عام 1949 ثم قتلها بعد ذلك. تولت دار “فيتزكارالدو” المعروفة نشر الكتاب عام 2020، وأُدرج في القائمة الطويلة لجائزة البوكر الدولية.

الكتاب فاز بجائزة الأدب الألمانية لعام 2023، وهي جائزة للكاتبات من أفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية أو العالم العربي. ولكن نتيجة للأحداث الدائرة في إسرائيل، قرر المنظمون تأجيل حفل تكريم شبلي، الذي كان مقررا في معرض فرانكفورت للكتاب في 20 أكتوبر/تشرين الأول.

لا شك أن هناك علاقة بين إلغاء حفل توزيع جوائز شبلي والحساسيات الألمانية، كما يوضح الكاتب. هذا الصيف، غادر الصحفي “أولريش نولر” لجنة تحكيم الجائزة احتجاجا على الكتاب. وبحسب نولر، فإن الرواية “تخدم روايات معادية لإسرائيل ومعادية للسامية”.

وقبل أيام قليلة من الإعلان كتب الصحفي “كارستن أوتي” في مقال لصحيفة تاز اليسارية، أن اللهجة المتعاطفة للرواية “تلقي بظلالها على مشكلة أساسية: في هذه الرواية القصيرة، جميع الإسرائيليين هم مغتصبون وقتلة مجهولون”. واشتكى أوتي كذلك من أن كتاب شبلي يتجاهل سرد أعمال العنف ضد المدنيين الإسرائيليين، وبالتالي يرتكز على “أساس أيديولوجي وغير إنساني”. ويخلص إلى أنه “بعد عمليات القتل الجماعي التي ارتكبها إرهابيو حماس”، فإن منح الجائزة لشبلي “أمر غير محتمل”.

من وجهة نظر الكاتب، فإن مثل هذه القراءات ليست اختزالية بشكل صارخ فحسب، بل إنها أيضا هزيمة ذاتية سياسيا ومعادية للأجانب في الأساس. وقبل كل شيء، فهي مبنية على سوء فهم أساسي لدور الأدب، والذي لم يكن أبدا تقديم وصف متوازن للأحداث التاريخية، وإنما تتمثل الإمكانات العظيمة للأدب في تسليط الضوء على قصص لم توصف وفتح مسارات جديدة للتفكير حول العالم.

ويضيف أن الأمر يبدو كما لو أن منتقدي شبلي الألمان يقبعون في عش دافئ من الخيال التاريخي: فهم يتمسكون برؤية تأسيس إسرائيل باعتبارها تصورا نقيا، وهي الرؤية التي يدحضها أي مؤرخ جاد سواء كان إسرائيلي أو فلسطيني إذا تمت استشارته حول هذا الشأن. وعلاوة على ذلك، لا يبدو أنه يزعج منتقدي شبلي أن انتقاداتهم فيها صدى قوي لعقلية بعض القوميين اليمينيين المتطرفين الموجودين حاليا في السلطة في إسرائيل: الأشخاص الذين إما يقللون من شأن النكبة أو ينكرون حدوثها على الإطلاق.

ويختم الكاتب بالقول: إذا كانت قضية عدنية شبلي تخبرنا بشيء واحد، فهو أن الجهل الأدائي، والتجنب فيما يتعلق بالقضية الإسرائيلية الفلسطينية لن يساعدنا على تفادي الأسئلة الصعبة حول تاريخنا السابق إلى الأبد. كما أنها لن تساعد في منع معاداة السامية في الوقت الحاضر.

المصدر: بي بي سي نيوز.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى