رأي

«رؤية المملكة».. ومكافحة التصحر

كتب محمد الحيدر في صحيفة الرياض.

رغم ما يشهده العالم من تقدم في جميع المجالات، وارتفاع حدة النبرات بضرورة الحفاظ على الثروات الطبيعية، والأرض التي تنتجها، إلا أن أكثر من 40 % من مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في العالم مهددة بالتصحر والجفاف، والقضاء على الثروة الحيوانية، بل أصبحت حياة أكثر من نصف سكان الأرض في العالم كله مهددة بفقدان مقومات الحياة، مما يؤثر بشكل مباشر على نصف سكان العالم ويهدد ما يقرب من نصف الناتج المحلي الإجمالي العالمي 44 تريليون دولار أميركي، فقد زادت حالات الجفاف عام 2000م بنسبة تقترب من 30 %، مما يهدد 75 % من سكان كوكب الأرض بحلول سنة 2050، لذا فإن العالم كله أمام تحديات كبيرة لمواجهة تلك المخاطر، وهذا ما جعل المملكة أن تكون حجر الزاوية لمناقشة تلك التحديات، فبالتنسيق مع الأمم المتحدة تستضيف المملكة فعاليات اليوم العالمي للبيئة، وفي نهاية هذا العام الذي يتزامن مع الذكرى الثلاثين لإبرام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ولأهمية هذا الحدث تستضيف الرياض الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال الفترة ما بين 2 – 13 ديسمبر 2024م، حيث إن رؤى المملكة تتوافق مع الأمم المتحدة، خاصة في قضية إصلاح الأراضي التي بدأت بالتدهور، وأصابها الجفاف، وتعكف المملكة على حشد الجهود من أجل حماية وإحياء النظم البيئية في جميع أنحاء العالم، وهو أمر بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

كانت الجهود السعودية محل تقدير عالمي، لأنها جهود مدروسة وفق استراتيجيات وطنية، قادتها بكفاءة منظومة البيئة والمياه والزراعة، في الحفاظ على أكثر من 90 ألف هكتار من الأراضي، إضافة إلى زراعة أكثر من 50 مليون شجرة لتنمية الغطاء النباتي، كما أطلقت المبادرات والبرامج التوعوية التي أسهمت في رفع نسبة الوعي البيئي بين جميع فئات المجتمع، ومن النجاحات التي حققتها، ما قام به مركز تسجيل العواصف الغبارية تسجيل أقل نسبة عواصف غبارية بلغت 10 % وهي النسبة الأقل خلال 10 أعوام، وكان ذلك نتاجاً لتطوير المحميات الطبيعية، وزيادة نسبة الهطول المطري، واعتماد برنامج الاستمطار، والمحافظة على أكثر من 99 ألف هكتار من الأراضي، وزراعة ملايين الأشجار في مناطق المملكة، مما وضع المملكة في مراكز متقدمة عالميًا في مجالات الأرصاد والإسهام في مكافحة التصحر وخفض نسبة الانبعاثات الكربونية.

أما على النطاق العالمي فكانت مبادرات المملكة الكبرى التي أضحت على طاولات دول العالم لمكافحة التصحر والحفاظ على الأراضي، ومكافحة الجفاف، والعمل على زيادة المحاصيل الزراعية وتنوعها، إضافة إلى تنمية الموارد المائية، تلك المقومات التي تعمل عليها المملكة محليًا وإقليميًا ودوليًا من أجل حماية البيئة، حيث أطلقت مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر لزراعة 50 مليار شجرة، إذ أطلقت خلال رئاستها لمجموعة العشرين، مبادرة لتعزيز إعادة تأهيل المناطق المتدهورة والحفاظ على الموارد الحالية كمبادرة عالمية، تستهدف دول العالم كافة، تقوم على تنفيذها دول المجموعة، وكذلك مبادرة للمحافظة على الشعاب المرجانية، ومكافحة الرعي الجائر وقطع الأشجار، تلك العناصر التي تؤثر سلباً على الأراضي وتدهور إنتاجها الزراعي.

تبقى المبادرات السعودية نموذجاً عالمياً، لأنها تتحقق على أرض الواقع، من خلال الاستراتيجية الوطنية للبيئة، وكذلك المبادرات التي تقودها المراكز البيئية في مجالات الأرصاد، وتنمية الغطاء النباتي، والالتزام البيئي، والحياة الفطرية، وإدارة النفايات، وجميعها تمول عبر صندوق البيئة، وتناقشها المؤتمرات العالمية التي تقام هنا أو في الأمم المتحدة.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى