رأي

لبنان إذ يختصر المحور

كتب طوني فرنسيس في صحيفة نداء الوطن.

نشرت وكالة «تسنيم» الإيرانية المقرّبة من الحرس الثوري تحليلاً بعنوان «الجولان إلى دائرة الأحداث». انطلقت الوكالة من واقعة القصف الإسرائيلي لموقع تابع للجيش السوري رداً على قذائف أطلقت باتجاه إسرائيل لتبشّر بفتح الجبهات والساحات ضد العدو الصهيوني…

ذهبت «تسنيم» في المناسبة إلى سؤال «خبير سياسي» سوري عن معنى ما حصل فكان جوابه أنّ «ما يجري هو محاولة تشتيت أنظار العالم عن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في غزة… وبالتالي هو لفت أنظار ولا أعتقد أنّ له تأثيراً استراتيجياً على سوريا، أو أنّها يمكن أن تدخل في الحرب، إلا إذا كان هناك قرار للمحور كاملاً وتنسيق مع دول عظمى للدخول في الحرب». لم يكن الجواب على قدر التمنيات.

وعلى عكس تلك التمنيات الإيرانية، كشف جواب الخبير السوري على سؤال الوكالة الإيرانية أنّ محاولات الميليشيات الإيرانية العاملة في جنوب سوريا «فتح جبهة» ضد اسرائيل، لا تتمتع بغطاءٍ من نظام بشار الأسد، وهذا أمر ليس بجديد، فالفصائل العاملة في غزّة قالت في حديث سابق عن احتمال تحريك جبهات «محور الممانعة»، أنّ جبهة الجولان يعود قرار فتحها إلى القيادة السورية.

هذه الفصائل نفسها كانت أكثر حريةً وأريحية في الحديث عن فتح جبهة الجنوب اللبناني. في ندائه إلى «الأمة» قبل ساعات، لم يجد اسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» المقيم في قطر، سوى الإشارة إلى «جبهة جنوب لبنان» كمصدر دعم لمعركته. وفي كلمة مليئة بالعواطف واستثارة الهمم على خلفية المجزرة المتمادية في القطاع، لم يرد ذكر أي من أطراف «المحور الممانع».

لم يذكر هنية إيران ولا «الحشد العراقي» ولا النظام السوري ولا النظام الحوثي، واستطراداً لم يذكر روسيا التي، وهي تستقبل وفداً من حركته، حرصت على الإعلان أنّ فلاديمير بوتين لن يلتقي هذا الوفد، وأنّ الهجوم الأميركي على مواقع إيرانية في سوريا لن يجر موسكو إلى صدام مع الاميركيين… مع كل ذلك حرص هنية على زج لبنان، فـ»هناك في جنوب لبنان حيث الجبهة التي تتصاعد لتوجّه الى هذا العدو رسائل بالنار، فإنّ استمرار العدوان والقتل والتدمير على غزة سيخرج المنطقة عن السيطرة».

من الواضح أنّ هنية يريد دخول «حزب الله» في المعركة بكامل أوصافها. قبله تحدث رفيق دربه خالد مشعل عاتباً على إيران و»حزب الله» لأنّ ما يقوم به «الحزب» ليس كافياً، واليوم يكتشف هنية أنّ المحور ذاته ليس قائماً سوى في مخيلة المصالح والحسابات الإيرانية، ولذلك يوجّه رسالته تحديداً إلى «حزب الله» آملاً فتح الحرب من الجنوب اللبناني تخفيفاً للضغط على غزة، من دون اعتبار لبلد وحكومة وشعب، ومن دون اهتمام بالنتائج، ولو تحوّل لبنان مرة أخرى إلى غزة ثانية.

بينما كان هنية يوجّه خطابه المتلفز على خلفية صورة الأقصى كان آلاف المشردين في غزة، جراء الإجرام الإسرائيلي يستغيثون طلباً للخبز والدواء والماء والخيم ويقولون كفى حروباً… ولا يتخيّل أحد أنّ اللبنانيين، المطلوب زجّهم في حرب أخرى، سيقولون غير ذلك لو نجحت خطط المحور المزعوم في جعلهم طرفاً وحيداً فيه لأخذهم لاحقاً إلى ما لا يريدون.

أخبار مرتبطة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى